- مراسلنا: مصابون بنيران مسيرة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمالي قطاع غزة
كتبت زينب خليل: في مثل هذا اليوم وقبل 45 عاما وتحديدا في الثلاثين من مارس/ آذار، كانت هناك هبة جماهيرية عربية داخل أراضي 1948، معلنة صرخة احتجاجية في وجه سياسات الاقتلاع والتهويد التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، ونتج عن هذه الهبة ذكرى تاريخية سميت بـ"يوم الأرض".
يحيي أبناء شعبنا في مثل هذا اليوم من كل عام ذكري "يوم الأرض"، وسط تأكيدات على أن الأرض الفلسطينية ستظل جوهر الصراع مع الاحتلال حتى ينال الشعب حريته وكرامته، وأرضه المسلوبة التي يواصل الاحتلال التغول فيها وسرقة ما تبقى منها بدعم عالمي.
شرارة البداية
وتعود أحداث هذا اليوم، لعام 1976، حيث أقدمت سلطات الاحتلال على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى الفلسطينية في الجليل، منها عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد وغيرها.
وهدف الاحتلال بذلك لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه، مما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في أراضي 48 وخصوصًا المتضررين المباشرين عن الإضراب العام في يوم الثلاثين من مارس/آذار.
إضراب
وبدأت مدن وقرى الجليل والمثلث إضرابًا عامًا، وحاولت قوات الاحتلال كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين والقوات الإسرائيلية، كانت أعنفها في قرى سخنين وعرابة ودير حنا.
وتفيد لجنة المتابعة العليا -الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48-بأن الاحتلال صادر منهم نحو مليون ونصف المليون دونما منذ احتلاله حتى عام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.
ويشير باحثون إلى أن مصادرات الأراضي بهدف التهويد بلغت ذروتها في مطلع 1976 بذرائع مختلفة منها القانون وخدمة الصالح العام، أو في تفعيل ما يعرف بـ "قوانين الطوارئ" الانتدابية.
وجاء قرار 'لجنة الدفاع عن الأراضي العربية' التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 أكتوبر1975.
وأعلن الإضراب الشامل، ردًا مباشرًا على مصادرة أراضي (المل) التي تبلغ مساحتها 60 ألف دونم، وكانت تستخدم في 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، مقابل دفع بدل استئجار لأصحاب الأرض.
وبعد عام 1948 أبقى الاحتلال على الوضع الذي كان سائدًا في عهد الانتداب البريطاني، إذ كان يسمح للمواطنين بالوصول إلى أراضيهم لفلاحتها بتصاريح خاصة، في عام 1956 قامت السلطات الإسرائيلية بإغلاق المنطقة بهدف إقامة مخططات بناء مستوطنات يهودية ضمن مشروع تهويد الجليل، ومنع السكان من دخول المنطقة في تاريخ 13-2-1976.
رد الاحتلال
وكان الرد الإسرائيلي عسكريًا شديدًا على هبة "يوم الأرض"، باعتبارها أول تحد، ولأول مرة بعد احتلال الأرض الفلسطينية عام 1948، حيث دخلت قوات معززة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها.
وأوقعت الأحداث شهداء وجرحى بين صفوف الفلسطينيين، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص.
ورغم مطالبة فلسطيني 48 الاحتلال إقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش وشرطة الاحتلال بقتل مواطنين عزل يحملون "الجنسية الإسرائيلية" إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام بادعاء أن الجيش واجه قوى معادية.
تقرير الإحصاء
قال الجهاز المركزي للإحصاء، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستغل بشكل مباشر ما نسبته 76% من مجمل مساحة الضفة الفلسطينية المصنفة (ج)، والتي تخضع بالكامل لسيطرتها على الأمن والتخطيط والبناء، إذ تسيطر المجالس الإقليمية للمستعمرات على 63% منها، فيما بلغت مساحة مناطق النفوذ في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 542 كم2 كما هو الحال في نهاية العام 2020، وتمثل ما نسبته حوالي 10% من مساحة الضفة.
وفيما يلي مجمل ما تناوله تقرير الإحصاء بهذا الخصوص:
الاحتلال يسيطر على أكثر من 85% من أرض فلسطين التاريخية
أكثر من 1,000 اعتداء للمستعمرين: نفذ المستعمرون تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي 1,090 اعتداءً بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال العام 2020.
توسع مستمر: بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2019 في الضفة 461 موقعا، منها 151 مستعمرة و26 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة، و140 بؤرة استعمارية.
انتهاكات الاحتلال بحق الانسان الفلسطيني: بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم (داخل وخارج فلسطين) نحو 100 ألف شهيد، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى 10,969 شهيداً، خلال الفترة 29/09/2000 وحتى 31/12/2020.
ومنذ العام 1976 أصبح يوم الأرض يوم مقدس وطنيا في حياة الفلسطينيين، الذي يجمعون على أنه أبرز أيامهم النضالية، وأنه انعطافه تاريخية في مسيرة بقائهم وانتمائهم، وتأكيًدا على تشبثهم بوطنهم وأرضهم، وليس مجرد سرد أحداث تاريخية، بل هو معركة جديدة في حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.