إن عملية إعادة البناء التنظيمي وضبط الهياكل والأطر وصياغتها وفق متطلبات المرحلة و النظرة المستقبلية للتنظيم في الأصل وحسب النظام الداخلي واللوائح التنفيذية الناظمة يجب أن تجري انطلاقًا من إخضاعها للممارسة الديمقراطية في التصعيد لقيادة الأطر القيادية و القاعدية على حد سواء، لكن في حال عدم توفر الظروف المناسبة يتم اللجوء لمبدأ التكليف الذي يأخذ بعين الاعتبار مراعاة كل أسباب النجاح للمكلفين ومدى قبولهم وحضورهم التمثيلي في القواعد المستهدفة ومعيار الكفاءة والانسجام في الخلايا القيادية المكلفة بالإضافة إلى القدرة على القيام بالمهام المطلوبة وترجمة التوجهات التنظيمية العليا على أرض الواقع، هنا تقع كامل المسؤولية على عاتق الجهات القيادية صاحبة الصلاحية في التكليف، لذلك لابد من التأكيد على أن البنى التنظيمية وجدت من أجل تحقيق المصلحة العامة ولا يجوز تحريف أو تحوير الأمر ليصبح بقدرة قادر الهدف منه خدمة مصالح شخصية أو شللية على صعيد الديمغرافيا و الجغرافية و الحالة التنظيمية، لأن أسوأ ما يمكن حدوثه في إطار تنظيمي هو السماح باستغلال مواقع المسؤولية لبناء و تعزيز كوتات داخلية تعمل لحساب فلان أو علان و شراء الذمم و الولاءات، وتفصيل الأطر التنظيمية على مقاساتهم الخاصة بمعزل عن استحقاقات الرؤية التنظيمية العليا و متطلباتها من خلال الاعتماد على الخداع و التضليل و تزييف الواقع و الوقائع المحكومة بالمشاعر الشخصية اتجاه الآخرين من الكوادر التنظيمية علاوة على الإصطفافات السلبية التي تطل برأسها في كل مرحلة ما لم يتم قمعها و ردعها و العمل على محاصرتها و قطع دابرها ودابر من يلجأ إليها أو يحتمي بها، ما حدا يعمل حاله ميت أو غايب فيلة لغاية هنا أو هناك هروبا من تحمل المسؤولية أو لتسويغ قضية ما و تمريرها حتى تصبح أمرا واقعا يفرض نفسه على الجميع، وهي بمثابة وصفة جاهزة للتشرذم و تشظي الحركة و إنفلاشها، بالإضافة إلى زرع بذور عدم الثقة و الاحترام بين المستويات القيادية و القاعدية وفقدان هيبة الحركة قبل شخوصها و القفز عن كل اللوائح الناظمة و التسلسل التنظيمي، والتحلل من تنفيذ التعليمات و الأوامر، ومع مرور الوقت تتصاعد أشكال الفشل و تشيع مظاهر التآكل الذاتي و تتوالى الانهيارات الداخلية في ظل غياب السيطرة إن لم يتم معالجة الأمر على عجل، مع أن الطامة الكبرى عندما تسلم الخلية القيادية بالمعلومات المغلوطة التي يتم تمريرها أو عرضها أمام صانع القرار و البناء عليها ومن ثم اكتشاف الأمر دون أن يتم محاسبة المسؤول عنها، فيما المنطق الصحيح يقول إن تزويد صانع القرار بمعلومة خاطئة و مغلوطة جريمة يجب ألا تمر بلا حساب مهما كان مصدرها و موقعه في دائرة المسؤولية، حتى لا تتكرر التجارب السلبية و تتعاظم الأخطاء و تتفشى الخطايا، السفينة عندما تبدأ في الغرق أول من يقفز منها الجبان قبل الفئران و آخر من يبقى القبطان، كما أن القائد الذكي لا ينتظر أن تكسر يده حتى يجبرها بل يحميها من الكسر، حماية الأطر التنظيمية من عبث العابثين و المرتزقة و الأرزقية واجب مقدس، وسلامة الجبهة الداخلية و نقائها و صلابتها رافعة الإنجاز و تحقيق المراد، التنظيم ليس مجرد أسماء وأرقام مسجلة في الدفاتر، بل يقاس بمدى الفعالية والتأثير و الحضور في الميدان والقدرة على القيام بجميع المهام التنظيمية والحركية الجماهيرية المطلوبة عند الحاجة، فلسطين تستحق الأفضل ... لن تسقط الراية .