العمل التنظيمي حالة إبداعية لا يركن فيها إلى أساليب العمل التقليدية أو النمطية بحيث لا يتوقف عن التجديد والتطور مع الحفاظ على الاستراتيجي والثوابت فيه التي تتعلق بالرؤية الشاملة للإطار التنظيمي في المجالات كافة، وإذا كان أحد الأهداف الرئيسية هو الوصول إلى أوسع قاعدة جماهيرية وتصليب البنية التنظيمية للقيام بهذه المهمة فإن مبدأ الخيارات المفتوحة يجب أن يكون حاضرا على طاولة صناعة القرار ورسم السياسات العليا الناظمة للفعل الميداني.
ولا يفوتنا التأكيد هنا بأن الأمر يعتمد على تركيز الجهد التنظيمي في الجغرافيا وتوسيع دائرة الاستقطاب والتفعيل والمشاركة والشراكة الميدانية للكادر التنظيمي في صناعة القرار وتحمل المسؤولية، بالإضافة إلى تعزيز القدرة على التأثير الإيجابي وتحقيق الانتشار المطلوب وامتلاك سهولة التواصل مع البيئة المجتمعية وفق القطاعات والفئات الجماهيرية والمهنية والمؤسساتية المستهدفة.
وفي نفس الوقت خلق حالة تنافسية على مستوى الجغرافيا تساهم في الارتقاء بالأداء التنظيمي، كما يضع الأسس لبناء وحدات العمل وتشكيلها بحيث تستجيب لمتطلبات الدمقرطة وحصر وتنظيم العضوية في الفضاء التنظيمي وانسيابية التغذية والتغذية الراجعة بين الأطر القيادية والقاعدية والقطاعات المهنية والفئوية المختلفة على المستوى التنفيذي والتعبوي التفاعلي مع القرارات والتعليمات الصادرة من الجهات العليا، بالاستناد إلى مركزية الإدارة والتخطيط واللامركزية في التنفيذ وفتح الآفاق أمام الإبداع والمبادرات الجادة على مستوى الجغرافيا التنظيمية التي تشكل أداة الفعل الرئيسية ومركز الثقل التنظيمي، كل ذلك يعتمد على تقديم المصلحة العليا للإطار التنظيمي والفكرة الثورية على أي اعتبار آخر، بعيدا عن الحسابات الضيقة ذات الأبعاد الشخصية والمناطقية والشللية والانتهازية واستغلال النفوذ التي تمثل في مجموعها أمراض وعلل يجب التخلص منها والتصدي لها بحزم نظرا لتداعياتها السلبية على الواقع التنظيمي وإفرازاتها القاتلة التي تقود إلى انحرافات قد تحقق بعض مصالح ومكاسب للأفراد أو "الكوتات والشلل النفعية" في الحالة التنظيمية ولكنها قطعا ستكون على حساب المصلحة العامة.
من هنا تتجلى أهمية وحدة الجهد التنظيمي وما يشكله من مراكمة ثورية على صعيد الإنجاز والوعي والسلوك وتصليب الجبهة الداخلية والارتقاء بمستوى الاستجابة للتحديات والمهام المطلوبة على كل صعيد وتعزيز الانسجام بين المكونات التنظيمية وإطلاق العنان للطاقات الكامنة وإفساح المجال أمام الكفاءات المغمورة لإثبات ذاتها ومنحها الفرصة اللازمة لذلك، من أجل صناعة و تأهيل وتقديم قيادات تنظيمية جديدة تكتسب خبراتها العملية وتطور قدراتها المعرفية وإثراء تجاربها التنظيمية في الميدان بما يساعدها في أن تأخذ دورها الحقيقي والطبيعي في عملية البناء والتجديد وإثبات حضورها في الحياة التنظيمية و المجتمعية.
لكن يجب أن نذكر دائما أن النفوس المريضة تهدم ولا تبني، كن إيجابيا بمستوى نقاء الفكرة الثورية ولا تكن غير ذلك، هناك فرق بين الصهيل والنهيق، فلسطين تستحق الأفضل، لن تسقط الراية.