ربما تدفع عملية القدس المزدوجة في محطة الحافلات بـ "رامات شلومو" وفي موقف الحافلات بمنطقة "راموت" بالقدس المحتلة الى تفكير الحكومة الجديدة برئاسة المجرم بنيامين نتنياهو وأذنابه من أمثال ايتمار بن غفير, وبتسلئيل سموتريتش الى التفكير بإلغاء محطات الحافلات تماما ومحوها عن الوجود, لان اغلب العمليات الفدائية الفلسطينية الناجحة ضد الإسرائيليين تتم على مواقف الحافلات, ومن ينسى عملية بيت ليد البطولية, وعمليات الدهس والطعن بمحطات الحافلات, وعشرات العمليات الاستشهادية البطولية في الحافلات الإسرائيلية, والتي ارهقت الاحتلال وكبدته خسائر بشرية ومادية كبيرة, عملية برامات شلومو البطولية نفذها فلسطيني بشكل دقيق وبطريقة احترافية دون ان نستنزف بشريا, فقد قام بزرع عبوتين ناسفتين في محطتين مختلفتين للحافلات, ما أدى الى مقتل صهيوني على الأقل, واصابة22 اخرين بجراح جراح بعضهم حرجة وخطيرة جدا, وهذا مشهد من مشاهد المواجهة مع الاحتلال بأشكاله المختلفة , فمن عمليات طعن بالسكين, الى عمليات حرق لمواقع عسكرية صهيونية كما حدث في الخليل, الى عمليات فدائية بالمسدس والسلاح الاوتوماتيكي الرشاش, الى عمليات بالعبوات الناسفة المزروعة هنا وهناك, في اختراق واضح ومستمر لنظرية الامن الصهيونية, التي أصبحت مداسة تحت اقدام المجاهدين من أبناء شعبنا الفلسطيني وهذا ما يربك الاحتلال ويجعله يتخبط في سياساته في التعامل مع هذا الشعب العظيم, ويبحث عن مخرج بعد ان تصدعت جبهته الداخلية, واصبحت تئن من تعدد الهجمات الفلسطينية وتنوعها وتوسع رقعتها الجغرافية, وتطور الأداء المقاوم الى حد كبير, جعل الاحتلال يهدد بالعودة الى سياسة الاغتيالات مرة أخرى, واستهداف فصائل المقاومة في قطاع غزة.
اكثر من يخشاه الاحتلال من عملية "برامات شلومو" انها قد تكون حلقة في سلسلة طويلة من العمليات التفجيرية, خاصة ان الاحتلال لم يصل الى منفذ العملية, ولا يعرف كيف دخلت العبوات الناسفة للقدس, التي تراقب كل شبر فيها, وما عدد تلك العبوات التي باتت بحوزة الفلسطينيين, وهل يمكن ان تتكرر العملية لاحقا بنفس الطريقة ونفس الأسلوب, وهل هي عملية منظمة او عملية فرديه كسابقتها, ووفق تحقيقات جيش الاحتلال، وضع شخص واحد العبوتين في موقفين قريبين للحافلات وانسحب من المكان، وفيما بعد قام بتفجيرهما عبر جهاز تحكم عن بعد أو عبر هاتف نقال, واحتوت العبوات ذات الحجم المتوسط على كمية متوسطة من المتفجرات، بالإضافة إلى احتوائها على الشظايا المكونة من المسامير والكرات المعدنية الصغيرة، والتي زادت من قوة العبوات وتسببت بهذا العدد من الإصابات، وفق التحقيقات, والفرضية الأكبر لدى الاحتلال ان تكون تلك العبوات صنعت في القدس وبامكانيات ذاتية, ما يعني تكرار هذا النوع من العمليات في الفترة القادمة, وربما بقوة تفجيرية اكبر واقوى, لذلك أعلنت شرطة الاحتلال عن رفع حالة التأهب إلى الدرجة قبل القصوى في جميع أنحاء الكيان الصهيوني، محذرة من وجود المزيد من العمليات, وانتشرت قوات كبيرة مما يسمى بحرس الحدود في شوارع القدس المحتلة, ووجهت تحذيرات للإسرائيليين بأخذ اقصى درجات الحيطة والحذر اثناء تجولهم في المدينة المقدسة, الامر الذي دب الرعب في قلوب المستوطنين, وانتشر جنود الاحتلال في المدينة حول ما تسمى بالمعاهد الدينية اليهودية, وفي البلدة القديمة وعلى أبواب المسجد الأقصى المبارك, وتحولت القدس الى ثكنة عسكرية بكل ما في الكلمة من معني, وبات تحرك الفلسطينيين في مدينتهم المقدسة صعب للغاية في ظل الإجراءات الأمنية.
نفتالي بينت ويائير لبيد سبق وان خرجوا بتصريحات لوسائل الاعلام المختلفة ان القدس خارج دائرة المساومة والتفاوض وان امرها حسم تماما بانها بشرقيها وغربيها عاصمة موحدة لإسرائيل, وجاء بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ليؤكدوا على ذلك, وان الوضع في القدس سيتغير لصالحهم, وان المسجد الأقصى سيتم تقسيمه زمانيا ومكانيا, تمهيد لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضه, وان السلطة عليها ان تنسى القدس تماما لأنها أصبحت خارج دائرة الصراع, وتم حسم امرها تماما بنقل السفارة الامريكية اليها, وكأن من يقرر امر القدس هو إسرائيل والاحتلال الصهيوني, القدس هي التي أخرجت عدي التميمي من عرينه ليباغت الاحتلال من النقطة صفر ويشتبك مع الجيش الصهيوني المحصن خلف القلاع, والذي يحمل كل اشكال أدوات القتل الحديثة, والقدس هي التي دفعت مهند الحلبي بسكينه لملاحقة الجنود وطعنهم بالسكين, وهى التي أخرجت ذاك الشاب البطل الشجاع بدراجته النارية, غير آبه بجنود الاحتلال المنتشرين في كل مكان, وبكاميرات المراقبة المزروعة في كل الشوارع ومحطات الحافلات وفي مفترقات الطرق, خرجا مدافعا عن عروبة القدس وهويتها الإسلامية, مدافعا عن المسجد الأقصى المبارك, مدافعا عن وطنه فلسطين, فالقدس اكبر بكثير من ان تمحى هويتها العربية والإسلامية بحاجز عسكري, او بنقل سفارة اليها, او بتطبيع عربي واسلامي, القدس تنتمي الينا وننتمي اليها مهما حاولتم, واذا كان السلام والحوار فشل في اقناعكم بان القدس لنا وفلسطين لنا, فان المقاومة وحدها باتت هي القادرة على مخاطبتكم باللغة التي تفهمونها جيدا, والتي ستدفعكم في النهاية الى الاندحار عنها صاغرين.