الأسير كريم يونس يغادر زنزانته غدَا بعد أربعين عاما من الأسر

رام الله-  يومٌ واحد، وربما ساعات، لا تشبه تلك التي مرت خلال أعوامه الأربعين، سيكون الأسير كريم يونس حرًا، وسيغادر زنزانته وعذابات سجون الاحتلال غدا الخميس، يتنسم الحرية في بلدة عارة بالمثلث المحتل، التي غادرها قسرًا قبل أربعة عقود، من الأسر في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو شابًا يافعًا يحلم أن يكون مهندسًا.

عائلة الأسير كريم يونس والفلسطينيون عمومًا ينتظرون أن تشرق في الغد شمس يونس، بفارغ الصبر، كي يحتضنون مناضلًا بحجم وطن، ضحى يونس من أجله بعمره، دون أن يتعب، أو يشكو، أو يسخط، دون أن تلين عزيمته، أو تنكسر إرادته.

ولد يونس في الثالث والعشرين من نوفمبر عام 1958م، في بلدة عارة بالداخل المحتل. ويعد من أبرز الثوار الفلسطينيين الذين التحقوا بالمسيرة النّضالية، منذ ما قبل الانتفاضة الأولى عام 1987، وهو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح.

من على مقاعد الدراسة بجامعة "بن غوريون" في مدينة بئر السبع المحتلة ، وفي السنة الثانية من دراسته، اعتقل كريم في السادس من يناير 1983، على خلفية مقاومة الاحتلال.

 تعرض كريم لتحقيق قاسٍ وطويل، وحكم عليه الاحتلال بالإعدام في بداية أسره، ولاحقا بالسّجن المؤبد، مدى الحياة، ثم جرى تحديد المؤبد له لاحقا لمدة 40 عامًا.

في عام 2013، توفي والده الحاج يونس يونس، وبعد 39 عامًا من الانتظار وفي تاريخ الخامس من مايو 2022، رحلت والدته الحاجة صبحية يونس (أم كريم)، الأم الصابرة التي انتظرته بكل ما تملك من قوة، ورحلت دون أنّ تحتفي بحريته.

على مدار 40 عامًا، بقي كريم الثائر المناضل الوفي لأبناء شعبه ورفاقه الأسرى، وكان مدرسة بالوحدة الوطنية، شارك على مدار أربعة عقود في كافة المعارك التي خاضتها الحركة الأسيرة، ومنها الإضراب عن الطعام الذي يعتبر أقسى هذه المعارك، وكان آخرها إضراب عام 2017 الذي استمر لمدة 42 يومًا.

وشكّل كريم بما يحمله من فكر نضاليّ، مدرسة للأجيال التي دخلت وخرجت من الأسر، وهو صامد وقوي وثابت على مبادئه الأولى، وبقي الثائر الفاعل، في كل جوانب الحياة الاعتقالية، وأكمل دراسته داخل الأسر، وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير.

الأسير يونس واحد من بين 25 أسيرًا تواصل سلطات الاحتلال اعتقالهم منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو أي قبل عام 1993، ورفضت على مدار عقود أن تفرج عنهم، رغم مرور العديد من صفقات التبادل.

وكتب الأسير كريم يونس، رسالة مؤثرة إلى رفاقه الأسرى قبل أيام من الإفراج عنه، قال فيها: "سأترك زنزانتي، وأغادر لكن روحي باقية مع القابضين على الجمر المحافظين على جذوة النّضال الفلسطينيّ برمته، مع الذين لم ولن ينكسروا، لكن سنوات أعمارهم تنزلق من تحتهم، ومن فوقهم، ومن أمامهم، ومن خلفهم، وهم ما زالوا يطمحون بأن يروا شمس الحرّيّة لما تبقى من أعمارهم، وقبل أن تصاب رغبتهم بالحياة بالتكلفِ والانحدار...".