القاهرة: يصدر فى معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام 2023م كتاب رؤية وقراءة نقدية للشاعر السعيد حول: (جمـالـيات السـرد الشعـري وتفـاصـيله في «جداريات» سعيد شحاتة الشعرية)، حيث اتسمت الجداريات: «للأنبيا حـــواديـــت»، و«للطيــبين أمـــثال»، و«ادخل ما تخافش»، و«شجـــر النبـــي»، بالطابع التسجيلي في بناء الأحداث ورسم جرافيتي لملامح الشخصيات أبرزت العلاقة بين الواقع والخيال والوعى واللا وعي والمألوف واللا مألوف، كما كشفت بوضوح عن موقف الشاعر سعيد شحاتة تجاه الوسط المحيط به، وقضايا الإنسان المعاصر، ومن ثم رؤيته المعرفية والفكرية تجاه الموت والحياة والكون عامة، أخذ الموت على إثرها محور الأحداث بما يتفق مع موقف الشاعر نفسه من ناحية، والاتجاه التسجيلي من ناحية أخرى.
نصوص الجداريات الأربعة انصهرت فيها روح الشاعر مع أشخاص بعينها وتفاصيل بيئته وهي تحلق مرتجفة بين الموت والحياة، لتكون سيرة لحياته بأسرها، فلقد جاء التكوين الفني لهذه الجداريات معتمدا على المقاطع الشعرية الطويلة المقفاة، وكأن الشاعر تعمد الاسترسال في نصوصه الغنائية الملحمية، مانحا نفسه حرية التجاوب مع ما يجيش في وجدانه حول حياته وشعره، في نسيج شعرى يغوص بنا مرة في لحم الواقع ومرة يحلق في شفافية الحقائق المجردة.
كما يستخدم الشاعر بمهارة تقنية «التناص» مع النصوص الشعبية والتراثية والصوفية بشكل يجعل نصه أشبه بنص موسيقى، تتحاور فيه الآلة الموسيقية مع الأوركسترا، لخلق حالة للتوحد مع المكان والزمان، واستنطاق النص في كل تشكيلاته الفنية من صور ومشهديه وتركيبات لغوية، وكذلك الإيقاع كأحد المرتكزات الرئيسية في بنية النص الشعري وإنتاج الدلالة.
وفى ضوء ما سبق، تعد نصوص الجداريات الأربع، دعوة مبطنة لمقاومة الضعف والاستسلام والضعف للخروج إلى مرحلة الفعل، ومواجهة الأسئلة التي يطرحها علينا واقعنا من خلال مواقف مختلفة كل لحظة، ومواجهة الأسئلة التي يطرحها علينا وجودنا نفسه برؤية فنية جمالية.
كما يهيمن على روح الشاعر في جدارياته الشعرية الأربع نوع من الحزن القاتم المرير الذى يمزق أعماقه، لتبرز نبرة البوح الغنائية والحكي السردي، المغموسة في شجن يشف عن أوجاع ذات عميقة الحزن، يخيل إليك وأنت تستمع إلى بثها أنها تصدر عن ذات جمعية موغلة في الأسى، يأكلها الشعور بالاغتراب، ويزيد من أساها الحنين إلى الالتئام حين يبدو الوعد بعيدًا جدًا، لا ظل هنا لذاتية معزولة إنما هو نشيد حزن جماعي ينطلق من ربابة عتيقة الأوتار، ضاربة في جذور الأرض، وهو ما نلاحظه في معجم الشاعر اللغوي، الذى جاء معبراً عن عدم انسجامه مع العالم وتمزقه الداخلي، فيكتب قصائده مهتديا بصوته الداخلي، لتقديم رؤيته الفنية والجمالية، التي تتحدث بالرمـز وتتحرك الأسطورة لتصنع عالمًا فريدًا.