- جيش الاحتلال ينسف مبانٍ سكنية غربي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة
خلف القضبان الحديدية والاسلاك الشائكة وعتمة الزنازين ابطالاً اعتلوا سرج التاريخ مكبلي الايدي ومعصوبي الاعين قابضين على الجمر متسلحين بإرادتهم الفولاذية وبعدالة قضيتهم الوطنية في وجه غطرسة السجان بكل مكوناته الهمجية واجراءاته التعسفية وسياساته القمعية.
رمزية الاسير
يحيي الشعب الفلسطيني واحرار العالم في السابع عشر من نيسان/ ابريل يوم الاسير الفلسطيني من كل عام اليوم الوطني لنصره الاسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الاسرائيلي والذي اقره المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974م خلال دورته العادية واعتبره يوماً لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرهم ودعم حقهم المشروع بالحرية.
يأتي يوم الاسير هذا العام مختلفاً حيث حقق الاسرى في سجون الاحتلال انجازاً نوعياً في تاريخ الحركة الأسيرة وانتصاراً في معركة " الكرامة الثانية " بعد ثمانية ايام من الاضراب عن الطعام رضخت ادارة مصلحة السجون وتراجعت عن اجراءاتها القمعية والعقابية واستجابت لمطالب الاسرى والغاء القرارات الاجرامية ضدهم.
إحصائيات وأرقام
تحل الذكرى التاسعة والاربعين ليوم الاسير الفلسطيني في ظل تزايد وتيرة الاعتقالات وارتفاع ارقامها واتساع رقعتها وتصاعد الانتهاكات والجرائم بحق الاسرى بشكل خطير وغير مسبوق.
تشير الاحصائيات الصادرة لعام 2023م عن مؤسسة الضمير لرعاية الاسير ونادي الاسير الفلسطيني ان مجمل الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي بلغ نحو 4900 أسيراً فلسطينياً موزعين على قرابة 23 سجناً ومعتقلاً ومراكز توقيف ، من بينهم 31 أسيرة ونحو160 قاصراً و 1000 أسيراً ادارياً ، و 19 صحفياً فيما بلغ عدد الاسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاقية اوسلو 23 أسيراً وبلغ عدد الاسرى المحكومون بالسجن المؤبد الى نحو 554 أسيراً وأعلاهم حكماً الاسير عبد الله البرغوثي المحكوم 67 مؤبداً.
فقد وصل عدد الأسرى المرضى إلى أكثر من 700 أسيراً تم تشخيصهم كالتالي 200 اسيراً يعانون امراضاً مزمنة وما يقارب 24 أسيراً على الاقل مصابون بالسّرطان وأورام بدرجات متفاوتة وباستشهاد الاسير ناصر ابو حميد واحمد ابو علي ارتفعت قائمة الشهداء بالحركة الاسيرة الى 236 شهيداً منهم 76 اسيراً استشهدوا نتيجة الاهمال الطبي و80 قتل عمد بعد اعتقالهم و73 جراء التعذيب و7 أطلاق نار مباشر عليهم داخل السجن ، فيما يواصل الاحتلال باحتجاز جثامين 12 أسيراً من شهداء الحركة الاسيرة.
بهذا السياق اشار نادي الاسير الفلسطيني بتاريخ 5/4/2023 ان عدد حالات الاعتقال التي نفذتها قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ بداية عام2023م بلغت اكثر من 2300 حالة اعتقال منها نحو 1200 حالة اعتقال في القدس، مؤكداً على ان هذه الارقام غير ثابتة وهى في حراك مستمر وتغير دائم نتيجة استمرار الاعتقالات اليومية.
لغة الارقام اكثر دقة في كشف جرائم الكيان الصهيوني الغاصب الذي يمارس سياسة التنكيل الممنهج وانتهاكاتها المنظمة لحقوق الاسرى والمعتقلين ضارباً عرض الحائط كل الاعتبارات الانسانية والقانونية والاخلاقية.
ابجديات أسرى محررين
هنا سأخط بقلمي حكايا الظلم والسجان بابجديات جراح اسرانا المحررين الذين رسموا بأوجاعهم ومعاناتهم وآلامهم طريق المجد والحرية
الاسير المحرر فتحي ابو حميد (38عاماً) اعتقل عام 2002م بتهمة اقتحام لمستوطنة اسرائيلية يلتقط انفاس الحرية بعد قضائه عشرين عاماً في الاسر داخل المعتقلات الاسرائيلية يروي عذابات أسرانا وأسيراتنا ومعاناتهم لكافة اشكال التعذيب والتنكيل النفسي والجسدي داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي بدءًا من لحظة الاعتقال مروراً بمرحلة التحقيق التي تعتبر المرحلة الاخطر قائلاً ان المحاكم العسكرية للاحتلال شكلت الاداة الظالمة الاساسية في ترسيخ سياسة الاعتقال الاداري فانها محاكم صورية توفـر إطاراً قانونياً شكلياً للشاباك لإصدار أحكام انتقامية وقاسية بحق الاسرى دون تمكينهـم مـن حقهم في إجراء محاكمات عادلة.
بصوت خافت يملأه الحزن والالم يروي أبو حميد حديثه عن معاناة الأسرى والاسيرات قائلاً يواجه الاسرى ظروفا ً حياتية واعتقالية قاسية وصعبة من نقص حاد في كمية ونوعية الاطعمة وغلاء الاسعار في الكانتين ، منع ادخال الملابس والاحذية والاغراض الشخصية مما يستدعي الاسير شرائها من الكانتين باسعار مضاعفة ، النقل والعزل الانفرادي وعدم تجميع الاشقاء مع بعضهم البعض والاهمال الطبي وحرمان الاسرى من الرعاية الطبية والمماطلة بتقديم العلاج واستغراق مقابلة الطبيب شهوراً طويلة ، الحرمان من الزيارات وهذا الاسلوب لعقاب الاسرى وذويهم والتلاعب بمشاعرهم ، سياسة التفتيش العاري أثناء عملية نقل الأسيرات إلى المحاكم بهدف إذلالهن وإهانتهن.
اما الجزء الاخر وهو الاكثر إيلاماً وقساوة البوسطة اداة للتنكيل والتعذيب تستخدمها ادارة مصلحة السجون كوسيلة نقل الاسرى الى المحاكم الاسرائيلية او الى المستشفيات خارج السجون سيارة مصفحة محكمة الاغلاق يبقى الاسير مقيد اليدين والقدمين جالس فوق كرسي حديدي على وضعية واحدة لساعات وربما لعدة ايام وهو ما يزيد معاناة المريض لأنها تفتقر إلى مقومات السلامة المدنية سياسات قهرية انتقامية تنتهجها ادارة مصلحة سجون الاحتلال بحق الاسرى تخالف القوانين والمواثيق الدولية التي نصت عليها اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة.
تنهد ابو حميد شارداً بفكره مسترجعاً آهاته يستكمل حديثه قائلاً تعددت وسائل الدفاع النضالية للأسرى واخذت اشكالاً متنوعة وانماطاً متعددة وفقاً للأهداف المراد تحقيقها فمن ابرز الوسائل النضالية والتي تسلح بها الاسرى من اجل نيل حقوقهم الانسانية سلاح الاضراب عن الطعام او ما يطلق علية معركة الامعاء الخاوية ويلجئون لها كوسيلة للاحتجاج السياسي وتسليط الضوء على معاناتهم ولتحدي سجانيهم لمواجهة سياسة الاحتلال العنصرية وتحقيق مطالبهم العادلة وانتزاع حريتهم.
ينهي الأسير أبو حميد حديثه لافتاً برسالة أسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال الصهيوني وهى توحيد الصف الفلسطيني وتكثيف الجهود لتحريرهم من الاسر والضغط على المجتمع الدولي ومؤسسات الحقوق الانسانية في العالم بالتحرك والتدخل سريعاً لدعم وانصاف الأسرى اما بالنسبة للحركة الأسيرة فقد تميزت في السنوات الاخيرة كصوت هادر في زنازين الاحتلال الاسرائيلي لكشف ممارساته التعسفية وفضح جرائمه على الملأ دفاعاً عن كرامة الاسرى والاسيرات ولكن بالمقابل هناك تقصيراً اعلامياً تجاه قضايا الأسرى والاسيرات باعتباره هو المحرك العام والاساسي في تسليط الضوء على معاناتهم فيجب عدم التعامل معها بشكل موسمي وان يكون الاهتمام بها دائم ومستمر داعياً الاعلام الى تبني استراتيجية جديدة لخدمة قضية الاسرى.
قانون خطير
قانون الاعدام سيف في خاصرة الاسرى الفلسطينيين بموجب هذا القانون بإمكان المحكمة فرض عقوبة الإعدام على من يرتكب مخالفة قتل على خلفية قومية ضد مواطني إسرائيل
بهذا الصدد توجهنا الى الأسير المحرر احمد ابو جزر (38 عاماً) اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني في عام 2003م اصدرت المحكمة بحقه حكماً بالسجن مرتين الاولى 17 عاماً بتهمة اعمال مقاومة ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي وبعد مرور 15 عاماً وجهت له تهمة ثانية محاولة تهريب اجهزة اتصال من خارج السجن الي داخله فأصدرت بحقه حكماً اضافياً بالسجن لمدة 20 شهراً .
خلال لقاءنا بالأسير أبو جزر طرحنا عليه عده اسئلة بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني ومنها كيف ترى محاولة الاحتلال سن قانون الإعدام بحق الأسرى؟
ونبقى الأوفياء لعهد قطعناه على أنفسنا أمامهن بتلك الكلمات بلمحة موجزة بدأ أبو جزر حديثه قائلاً يُعتبر مشروع قانون "إعدام الأسرى" قانوناً جائراً وظالماً وليس بجديد فهو يمثل حلقة ضمن مسلسل طويل من القوانين والتشريعات الإسرائيلية التي يسعى الاحتلال لإقرارها وتهدف بشكل أساسي لتشديد القبضة على الأسرى وزيادة معاناتهم فقد طُرح سابقاً من قبل احد الوزراء وهو ليبرمان رئيس حزب اسرائيل بيتنا في عام 2015م وصادقت علية الحكومة بالقراءة الأولى ولكن لم يتم اعتماده بسبب تفكك الحكومة ، من ثم جاء المتطرف بن غفير بعد تشكيل الحكومة اليمينية في اسرائيل برئاسة نتنياهو وكان شرطه الاساسي سن هذا القانون واعتماده وكان له ذلك .
كما أبدى أبو جزر رأيه للواقع على الساحة الاسرائيلية قائلاً ان هذا القانون لن يطبق على الاسرى بسبب الظروف المحلية والدولية التي تعيشها المنطقة وبالأخص داخل إسرائيل وسيكون في حال تم اعتماد القانون ضغط دولي كبير جدا على هذا الكيان من أجل الغاء هذا القانون العنصرية.
فعلى اوتاد الصبر والعزيمة يستكمل ابو جزر حديثه قائلاً لا صوت يعلو فوق صوت الصمت في حضرة الوطن فرسالة الاسرى تنقسم الى شقين الشق الأول الوحدة الوطنية بين شطري الوطن غزة والضفة والشق الثاني هو تحريرهم من سجون الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل المتاحة لان الأسير لا يريد شئ سوى الحرية.
مضيفاً المطلوب لنصره الاسرى هو الالتفاف الشعبي الجماهيري في الوقفات التضامنية وهذا لا يقتصر على اهالي الأسرى بل يكون الحشد كبير جداً لان هذا يرعب الاحتلال ويوقف هجمته الشرسة بحق الاسرى ويعلم بأن هؤلاء الأبطال ليسوا لوحدهم وهناك من يساندهم من أبناء هذا الشعب وسيدفع ثمن تعديه عليهم وايضا على المستوى الدولي مثل المؤسسات الحقوقية الدولية نشر قضية الأسرى ومعاناتهم بشكل اوسع والتركيز على المرضى
آنين القيد
بين حنايا الزمن وما سطرته الايام والليالي على جدران الامل تروي لنا ام ضياء الاغا بحرقة عن فلذة كبدها عميد اسرى غزة الاسير ضياء الاغا المعتقل في سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1992م بسرد حكاية ألمها واوجاعها قائلة فقد عشت بين نارين نار السجن ومرارة عذاباته وحرماني من الزيارة وما بين اشتياقي لاحتضانه وملامسة ملامحه التي غيرها الاسر.
اما في حال تم السماح بالزيارة تقوم قوات مصلحة السجون الاسرائيلية بفرض العديد من القيود والمنغصات حيث لا تسمح بالزيارة الا لمن تربطه بالاسير قرابة من الدرجة الاولى يوماً شاقاً عبر الحواجز والمضيقات غير التفتيشات الجسدية والكترونية.
وعلى الرغم من لذة اللقاء ومشاعر الشوق واللهفة بمجرد انتهاء الزيارة واجبارنا على الخروج من القاعة تبقى هواجس تلك اللحظات في مخيلتنا كيف تركناهم هناك خلفنا..؟ وكيف يعيشون طول هذه السنين مقيدين مسلوبي الحرية..؟
لم تتمالك ام ضياء دموعها وتماسكت بصبرها مرددة بأن ضياء لم يفقد الامل وعلى يقين ان علقم السجن مهما طال سنواته لا محالة ستكسر قيوده ويعود الى احضان تراب وطنه ليكمل مشوار عطائه ، اما عن مشاركتي في الاعتصامات والفعاليات لتفعيل قضية ضياء وباقي الاسرى والاسيرات لنكشف للعالم اجمع القناع الحقيقي والدموي للاحتلال ونقول للعالم ان هناك اسرى ضحوا بسنوات عمرهم نضالاً صامدين ينتظرون حريتهم.
ضريبة الاسر
يستلقي على عتبة حجرية يرتشف قهوته المريرة مبتور الساقين يخفق قلبه شوقاً وحزناً دفيناً يتوشح لياليه دمعاً على الفراق والحنين
في الاسر ابطالاً تقيدهم السجون حبيسة الزنازين تلك الكلمات خرجت من حنجرة عبد المنعم عرام (65عاماً) والد الاسير ابراهيم عرام المعتقل في سجون الاحتلال الغاصب منذ عام 2003م واصدرت بحقه حكماً بالسجن 24 عاماً بتهمة مقاومة الاحتلال قائلاً لا شئ اقسى من ان يقيد الانسان في حريته ويبتلي فقداً واسراً وحرماناً وظلماً فمنذ 2012م حرمنا الاحتلال من الزيارة بقيت والدة ابراهيم تتحسر على البعد والفراق إلى أن أسكن المرض جسدها ووافتها المنية فكان الخبر من أشد الصدمات التي تعرض لها ابراهيم في حياته لحرمانه من عناق من كان يعد الأيام للقائها، فموت والداته سقط عليه كالصاعقة. بصوته المرجف باكياً مردداً انها ضريبة الاسر والاعتقال.
التقط انفاسه المتهالكة بعد ان اثقلها المرض قائلاً لم يبقى برفقتي سوى احتضان صورته وسماع صدى مناجاته بين الجدران فأنا مثل عقارب الساعة تدور حول جميع ارقامها فلا تيأس ولا تمل تترقب من ساعة الى ساعة شوقاً انهكه الانتظار.
طالب والد الاسير ابراهيم في يوم الاسير الفلسطيني قائلاً " على الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وفئاته التظافر بدعم واسناد قضية الاسرى وممارسة فعلية على ارض الواقع فهم ناضلوا وضحوا وافنوا زهرات شبابهم خلف قضبان السجون من اجل فلسطين انقذوا اسرانا من بين فكي الظلم والسجان.
لم تنتهي الحكاية بعد وتبقى القصص الأكثر ألماً عن الاعتقال وأثره على الأسر الفلسطينية لم تروى بعد، فالاعتقال لون كل الذكريات التي يفترض أن تكون جميلة لعائلات الأسرى بالحزن والأسى، الاعياد والمناسبات كلها ذكريات ناقصة دون إطلاق سراح الأسرى وإعادة شملهم الى عائلاتهم.
أسرانا البواسل نخاطب فيكم الصبر نخاطب فيكم الثبات والصمود، نحن بعيدون عنكم في المسافات، ولكن قريبون منكم في الهموم والقضية وفي ديمومة يومنا، ونشعر بأنفاسكم ونشعر بهمومكم وآلامكم .. ونشد على صمودكم وثباتكم في مواجهة السجان، وستشرق يوماً الحرية ويبزغ الفجر الجديد، وستخرجون منتصرين بعزيمتكم وإرادتكم التي قهرت السجن والسجان.