- شهيد ومصابون في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة العرجاني في منطقة قيزان رشوان
- جيش الاحتلال ينسف مبانٍ سكنية غربي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة
أثارت تصريحات وزير المالية شكري بشارة حول عدم صرف رواتب الموظفين قبل عيد الفطر حفيظة البعض خاصة وأنها تتعارض مع تصريحات سابقة تعهد فيها رئيس الوزراء بصرف الرواتب قبل عيد الفطر كما جرت العادة، المنطق أن يعود وزير المالية إلى رئيسه ويبلغه بأن وزارة المالية لا تملك من الأموال ما يمكنها من تنفيذ قراره في الوقت المحدد، هذا إن كانت فعلاً خزينتها خاوية، ويترك القرار لرئيس الوزراء بمعالجة الأمر بالشكل الذي يحفظ له هيبته، لكن وزير المالية لم يفعل ذلك مؤكداً بذلك على حقيقة يدركها الجميع بأن الوزير يستقي تعليماته من الرئيس وليس من رئيس الوزراء، وإن كانت الحكومة هي حكومة الرئيس فهذا لا يعطي الحق للوزير بتجاوز رئيسه المباشر، لن يستدعي رئيس الوزراء وزير المالية إلى مكتبه ليؤنبه أو حتى يعاتبه على ما بدر منه كونه يعلم بأن الوزير أكثر ثباتاً في موقعه منه، حيث يتولى الوزير شكري بشارة حقيبة المالية منذ عام ٢٠١٣ وجرت عدة تعديلات وزارية دون أن تصل إليه بل أن رئيس الوزراء ذهب وجاء آخر والوزير في مكانه.
ليست المرة الأولي التي يبدوا فيها وزير المالية يعمل بمعزل عن رئيس الوزراء، فقد سبق وأفصحت الوزارة عن ما أسمته خطة الإصلاح الإستيراتيجية في أغسطس من العام الماضي والتي تحظى بدعم الرئيس الفلسطيني، والتي تستند بالمقام الأول علي خفض فاتورة الرواتب كونها تستنزف كامل الإيرادات، وبنت الوزارة خطتها علي مرحلتين الأولى بتخفيض الفاتورة إلى ٧٥٪ من الإيرادات حتى نهاية عام ٢٠٢٢ من خلال التقاعد الإختياري، فيما المرحلة الثانية تقوم على خفض فاتورة الرواتب إلى ٥٠٪ من من إجمالي إيرادات السلطة بحلول الربع الأول من عام ٢٠٢٣ عبر أجبار كل من ليس له عمل على التقاعد الإلزامي ومن خلال ترشيد التوظيف الحكومي والترقيات ووقف صرف العلاوات غير المستحفة، خطة الإصلاح التي تبنتها وزارة المالية تفتقر لأدنى المتطلبات المنطقية، لذا إنتهى الربع الأول من عام ٢٠٢٣ دون أن يتم خفض ولو شيكل علي فاتورة الرواتب بل على العكس من المرشح زيادتها بفعل المطالبات النقابية بتحسين الأجور.
بمقارنة بسيطة خلال الفترة التي تولى فيها الوزير شكري بشارة لوزارة المالية يمكن لنا رصد التالي فيما يتعلق بالموظفين وفاتورة الراتب: عام ٢٠١٣ وهي السنة التي تولى فيها الوزير عمله وزيراً للمالية كان عدد موظفي السلطة ١٦٠ الف موظف فيما فاتورة الرواتب تقريباً ١٦٠ مليون دولار، وفي عام ٢٠٢٣ تقلص عدد الموظفين إلى ١٤٠ ألف موظف بفعل التقاعد الإجباري لما يقرب من ٣٠ ألف موظف من أبناء قطاع غزة، ورغم تقلص عدد الموظفين بواقع ٢٠ ألف موظف إلا أن فاتورة الرواتب الشهرية بلغت ٢٠٠ مليون دولار، أي بزيادة بلغت ٤٠ مليون دولار شهرياً، والسؤال الذي يطرح ذاته لماذا قفزت فاتورة الرواتب بهذا القدر رغم تقليص عدد الموظفين؟، التضخم في فاتورة الراتب لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعزوها للترقيات الطبيعية بل لتلك الترقيات التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي لا يمكن لوزير المالية أن ينفض يده من المسؤولية، والسؤال الثاني إن كان عدد المتقاعدين إجبارياً بلغ أكثر من ٣٠ ألف موظف الغالبية الساحقة منهم من قطاع غزة ولم يتم تعيين بديلاً لهم فكيف تم تعيين ما يزيد عن عشرة آلاف موظف جديد؟، ألا يحتاج كل تعيين جديد إلى إعتماد مالي في الموازنة؟، فهل كان وزير المالية يكثر من الإعتمادات المالية في الميزانية كي يرضي بها أصحاب السطوة والنفوذ؟.
المشهد يعيدنا لتلك الحادثة الشهيرة حين إحتد النقاش في البرلمان المصري عام ١٩٧٨ حول فساد سكرتير المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وقيل يومها بأن السكرتير مسنود من الرئيس السادات ويكلفه بمهام دون معرفة وزير الأوقاف الذي يتبع له وظيفياً، وإتهم يومها الرئيس بالتستر على فساده سيما وأن كل وزير أوقاف أراد أن يخرجه من منصبه خرج الوزير من منصبه فيما بقي السكرتير في مكانه، وحيث أن الشيخ الشعراوي كان يتولى حينها حقيبة وزارة الأوقاف والذي يفرض عليه دون غيره الرد على الاستجواب المتعلق بالسكرتير، فجاء رده دفاعاً عن الرئيس السادات وقال جملته التي إعتبرها البعض كبوة للشيخ العلامة حين قال: لو كان لي من الأمر شيء لحكمت لهذا الرجل "السادات" الذي رفعنا تلك الرفعة وإنتشلنا مما كنا فيه إلى قمة ألا يسأل عما يفعل، رئيس الوزراء الفلسطيني يعرف جيداً أن وزير المالية "مسنود" وأن رئيس الوزراء يذهب ويبقى الوزير، ويدفعنا ذلك لإعفاء رئيس الوزراء من الرد على تصريح وزير المالية المخالف لقراره كي لا يقع في حفرة أعمق بكثير من التي وقع فيها الشيخ الشعراوي في مديح الظل العالي.