أجادت المقاومة الفلسطينية قراءة المشهد الإسرائيلي، ووضعت سيناريو مرحلياً لشكل المواجهة، فإدارة معركة ثأر الاحرار، لن تكون كإدارة معركة مسيرة الاعلام، فثأر الاحرار أسست للمعركة القادمة مع الاحتلال الصهيوني برؤية جديدة, وبمعادلات جديدة رسختها وفرضت المزيد منها على الاحتلال, مسيرة الاعلام بكل هذا التلويح للصهيونية الدينية لإنفاذها, فهي مقيدة بقيود فرضتها المقاومة على الاحتلال, ليس بالقول والتوقيع على اتفاقيات, وضمانات عربية او دولية عليها, انما فرضتها المقاومة الفلسطينية بأدائها الميداني على الأرض, فهي تمتلك من قوة الردع ما يمكن ان تفرض به شروطها على الاحتلال الصهيوني وتقيد اجندته وتحد من طموحاته واحلامه, فبات الاحتلال يدرس أي خطوة من الممكن ان يقدم عليها, ويدرس تبعاتها جيدا, فهو يتجنب المعارك العسكرية المتتالية, والتي ترهق ما تسمى بالجبهة الداخلية التي تمثل الخاصرة الرخوة للاحتلال, والتي تئن تحت وقع صواريخ المقاومة الفلسطينية وقذائفها, لذلك تحولت مسيرة الاعلام التي يسوق لها الصهيونية الدينية وغلاة المستوطنين الأشرار وبنيامين نتنياهو, وبتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير, من مسيرة اعلام تؤسس لسطوة الاحتلال على المسجد الأقصى, وفرض وقائع جديدة داخله, الى مسيرة «أحلام» لن يستطيع الاحتلال الصهيوني وقطعان المستوطنين فرض أي وقائع جديدة على الفلسطينيين, ورغم تحويل القدس الى ثكنة عسكرية, وعدم السماح للفلسطينيين من الوصول اليها, ونشر الحواجز العسكرية بداخلها وخارجها, الا ان أهلنا المقدسيين في القدس على أهبة الاستعداد للمواجهة, وصد هجمات المستوطنين, والتصدي لهم, فمعركة ثأر الاحرار المباركة, اكسبت أهلنا في القدس قوة وإرادة حديدية وعزيمة لا تلين, بانها تستطيع وقف أطماع الاحتلال ومخططاته وهجماته وافشال مسيرة اعلامه, فالشعب يبني مواقفه بإيجابية على انتصار مقاومته في معاركها.
لا تكاد اجتماعات ما يسمى برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تنتهي، فقد أعلن أن «مسيرة الأعلام ستسير بصيغتها الكاملة، وكل من يأتي للمس بنا، كل من يعتزم المس بنا، يفهم الآن بشكل أفضل معنى كلمتي «دمكم في رأسكم»، أقول هذا أيضا قبيل «يوم القدس»، مسيرة الأعلام ستجري في مسارها كما كان مخططا لها» وهو يحاول ان يسوق الى انه عزز سياسة الردع بعدوانه الذي اطلق عليه اسم «السهم الواقي» ونتنياهو يعلم قبل غيره, ان النتائج المباشرة لعمليته العسكرية على سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كانت تآكل قوة الردع, واهتزاز صورة جيشه المقهور امام العالم, وانه اخفق سياسيا في تبرير عدوانه على قطاع غزة امام العالم, بعد ان استهدف الأطفال والنساء وهم نيام في منازلهم, وازهق أرواح مدنيين أبرياء, واطلق العنان لطيرانه الحربي ليقصف الأماكن الزراعية والمنشأت والبيوت الأمنه, ليؤكد ان بنك أهدافه بنك مفلس وانه لا يعرف إمكانيات المقاومة جيدا, ولا يعرف مرابضها التي تنطلق منها الصواريخ, ولا يعرف مخازنها ومستودعاتها كما يدعي, انما كان القصف عشوائيا وبقيت المقاومة بقدراتها القتالية تواكب المعركة دون ان تتراجع قيد انملة, بدليل ان القصف على المغتصبات استمر حتى بعد دخول فترة التهدئة, ورغم ذلك يسوق نتنياهو وحكومته للوهم, بانه ردع المقاومة, واضعفها بضرباته المركزة, لكنه في نفس الوقت يجابه هجوما داخليا حادا, ومساءلة عن نتائج المعركة, وهو اليوم يسوق لمسيرة الاعلام ليستكمل صورة النصر الباهتة التي لم تقنع أحدا, ولم تشف غليل سموتريتش وابن غفير, لذلك هناك تركيز على تحسين صورة النصر بمسيرة الاعلام, لكنها ستنتهي بالفشل, ولن تخرج عن اطارها المحدد, حتى في ظل كل هذا التهديد الوعيد, لان نتنياهو تعهد لدول عربية وإسلامية ان يمنع الاستفزاز للمقدسيين, والا يسمح بطقوس داخل باحات المسجد الأقصى.
«مسيرة الأعلام»، و ما تعرف أيضا باسم «رقصة الأعلام»، تجرى في كل سنة في «يوم القدس» للاحتفال بتوحيد المدينة، وتعرف المسيرة بأنها مسيرة الصهيونية الدينية، وتستغلها أيضا جهات متطرفة كي تطلق هتافات عنصرية وتصطدم بالعرب في القدس، كما أن المسيرة تفسر كاستفزاز وتحد للسكان، وفصائل المقاومة لذلك ذكر مصدر أمني في جهاز شرطة الاحتلال أنه «من صباح اليوم الخميس رفع مستوى التأهب في الشرطة إلى أعلى مستوى في كل أرجاء البلاد»، منوها أنه «أقيمت أيضا وحدة مشتركة ما بين الجيش و»الشاباك»، تحلل كل معلومة استخبارية قبيل الأيام المتوترة», وأضاف: «مسيرة الأعلام» في 2021، لا زالت تذكرنا بأحداث سيف القدس ونحن نستعد للسيناريو الأكثر تطرفا كي لا نتفاجأ مثلما تفاجأنا في حينه», اذا فالرادع حاضر وبقوة في العقلية الإسرائيلية, و»إسرائيل» باتت تتعامل مع غزة على انها جبهة قتال, فهي تطلق عليها اسم الجبهة الجنوبية, كما تطلق على جبهة لبنان الجبهة الشمالية وجبهة الجولان, ومعنى ذلك ان «إسرائيل» باتت تعترف بتنامي قدرات المقاومة الفلسطينية, وبدأت تحسب لها الف حساب, تماما كما تتعامل مع قوة حزب الله, واشعاله للجبهة الشمالية, لذلك مسيرة الاعلام ستمضي تحت عين المقاومة الفلسطينية ورقابتها, وردت فعل المقاومة على هذه المسيرة ستكون وفق متطلبات الحدث, ووفق تقديرات المقاومة, دون اغفال الدور المهم لأهلنا في القدس والأراضي المحتلة عام 1948م في افشال مخططات الاحتلال وأهدافه من وراء تنظيم هذه المسيرة.