الجزائر.. رائعة في جمالها وطبيعتها وشواطئها، وفاتنة بكسوتها الخضراء. هائلة بآثارها العديدة ومدنها التاريخية العظيمة. الجزائر.. متميزة بمتحفها "مقام الشهيد"، وشامخة كجبالها وعظيمة بثورتها وحجم تضحياتها. الجزائر.. وفية لفلسطين وشعبها، وصادقة في دعمها ومساندتها للقضية الفلسطينية، ولأنها كذلك فلقد احتلت مساحة واسعة وعميقة في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني وفي سجل تاريخنا العريق.
ونحن شعب يُحب الجزائر ويُقدر عالياً الاهتمام الجزائري، الرسمي والشعبي، بالقضية الفلسطينية، ونقدر كذلك دعم الجزائر ووقوفه التاريخي لجانب الشعب الفلسطيني، ولا تزال الجزائر متميزة بالتزامها تجاه فلسطين ودعمها لشعبها المُكافح، وكعادتها، لم تترك الجزائر أي مناسبة إلا وتؤكد فيها على موقفها الثابت والداعم لنضال الشعب الفلسطيني، فكانت سباقة في تقديم الدعم المادي لأبناء شعبنا في جنين البطولة لإعادة اعمار وبناء ما دمره الاحتلال خلال عدوانه الأخير على المخيم. وستبقى صرخة رئيسها السابق" هواري بومدين (نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) تصدح في آذاننا وآذان كل الفلسطينيين، في الوطن والشتات، لأنها لم تكن مجرد صرخة من رئيس غادر سدة الحكم وفارق الحياة، وإنما كونها صرخة صادقة ومُعبرة، توارثتها الأجيال ورددها الرؤساء المتعاقبين للجزائر الشقيقة وشعبها العظيم، لتؤكد الجزائر على أن فلسطين حاضرة ولم تغبْ عن أذهان وعقول وقلوب الجزائريين كل الجزائريين، ونفخر أن لنا من بين الجزائريين أصدقاء نُحبهم ونحترمهم ونحرص على التواصل معهم. لهذا لم ولن ننسى الجزائر التي حُفر اسمها في سفر تاريخنا الفلسطيني وثورتنا المُعاصرة، وهي دائمة الحضور في قلوبنا وعقولنا ويوميات حياتنا، وكثيراً ما ترى الفلسطيني يرفع الراية الجزائرية لجانب راية فلسطين. وصدق من قال: من الاوراس الى الكرمل، الثورة مازالت مستمرة.
وكنت قد تشرّفت بزيارة الجزائر مرتين، فكانت المرة الأولى في آذار/مارس عام2007، للمشاركة في مؤتمر عقد في فندق الأوراسي وخُصص للقدس وكان للأسرى نصيب فيه، فيما تكررت زيارتي لها للمرة الثانية عام2010, للمشاركة في مؤتمر دولي خصص للأسرى في قصر الصنوبر بالعاصمة الجزائرية. وكلما ذُكرت الجزائر، أو كتبت شيئاً عنها، ازددت شوقاً للعودة لزيارتها من جديد. هذا ليس شعوري فقط، وإنما لسان حال شعب يعشق الجزائر ويشتاق دوماً لزيارتها. فنحن نعشق الجزائر وترابها، ونحب شعبها ورؤسائها وقياداتها، ونفخر بتاريخها ومواقفها، ونتعلم من دروسها وتجربتها الرائدة بشقيها السياسي والعسكري. لقد ارتبط الجزائريون بأرض فلسطين ارتباطاً روحيًا باعتبار أرض فلسطين أرضاً مُقدسة مُباركة، ويعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من القضية الفلسطينية، وأن استقلال الجزائر منقوصٌ، حتى تتحرر فلسطين. وما بين الجزائر الشقيقة بلد المليون ونصف المليون شهيد، وفلسطين الحبيبة بلد المليون أسير، علاقة نضال وتحرر، علاقة تاريخية وطيدة وليست استثنائية.
واليوم ونحن في رحاب ذكرى استقلال الجزائر في 5يوليوعام1962، نبرق باسم شعبنا الفلسطيني أحر التهاني للجزائر الشقيقة ولشعبها الحبيب. كما ولا يسعنا إلا أن ننقل للجزائر، رئيسا وحكومة وجيشا وشعبا، تهاني اخواننا ورفاقنا الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، الذين خصوا الجزائر بأحر التهاني في الذكرى الواحدة والستين لاستقلالها. كما وأبرقوا أسمى آيات الشكر والتقدير إلى وسائل الإعلام الجزائرية المختلفة وخاصة المقروءة منها وإلى كافة الإعلاميين الذين ساهموا في تخصيص مساحات واسعة يومياً على صفحات الصحف الجزائرية لتسليط الضوء على قضية الأسرى ونقل معاناتهم، مما جعل منها تجربة اعلامية متميزة واستثنائية في إسناد الأسرى الفلسطينيين ودعم قضاياهم العادلة وتعزيز صمودهم في مواجهة السجان. والشكر موصول إلى الصديق والأسير المحرر خالد عز الدين، مسؤول ملف الأسرى في سفارة دولة فلسطين في الجزائر الشقيقة، والذي ساهم بشكل كبير ليس في إنجاح التجربة فقط، وإنما في جعلها تجربة استثنائية ومتميزة.
مرة أخرى هنيئاً للجزائر وشعبها العظيم، وندعو الله أن يحفظها من كل شر وسوء، وأن يُديم عليهم الأمن والاستقرار.