صحيح أن هناك شرخ عميق وأزمة كبيرة داخل الدولة في إسرائيل، وأكثر ما يقلق الدولة العميقة هو مسألة رفض الخدمة من الاحتياط في كافة مجالات الجيش والتي قد تصل إلى عشرين ألف، لكن خراب المجتمع الإسرائيلي مستبعد وحرب أهلية غير واردة، والانقلاب القضائي سيمرر بالتدريج فنتنياهو وائتلافه اغلقوا أذنهم ولا يسمعون الصرخات في الشوارع، لإن بند الحد من المعقولية بما يتعلق بالمنتخبين فقط هو يهدف لإعادة درعي زعيم حركة شاس ليصبح وزيرا وهذا العاجل، أما اللاحق فهو منع المحكمة العليا من نقض اي قرار حكومي إداري يتعلق بتعيينات اعضاء كنيست الكنيست المنتخبين او اعضاء السلطات المحلية المنتخبين، اما في موضوعة نقض القوانين او إلغاؤها من قبل محكمة العدل العليا فهذا بند آخر في الإصلاح القضائي يسمى فقرة "التغلب" حيث : ( لن تكون المحكمة قادرة على مناقشة القوانين الأساسية . لن يكون سحب الأهلية للقوانين ممكنًا إلا في المحكمة العليا، بتكوين كامل من 15 قاضياً، وبأغلبية 80٪. تحديد مدة المناقشة حول عدم الأهلية للقانون. تقليص إلى حد كبير إمكانية اعتبار رئيس الحكومة عاجزا عن تأدية وظيفته.)
من الواضح أن الأفكار الأيديولوجية التقت بقوة مع المصالح الشخصية لزعامات الائتلاف الحاكم وهذا ما سيعزز بقاء الائتلاف في الحكم في دولة إسرائيل لمدة أربعة سنوات، فالكل في قارب واحد، إما ان ينحو وإما أن يغرق.
على كل هناك إجماع تام بما يتعلق بالقدس بين المعارضة والائتلاف والخلاف فقط يتعلق بعدم تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة ولكن هذا ايضا يأتي بسبب الموقف الدولي والإقليمي وبالذات الأمريكي "بما يتعلق بالمعارضة"، اما الضفة فهناك إجماع تقريبي بينهم فالكل مع الاستيطان والكل ضد قيام دولة فلسطينية والكل ضد الانسحاب من الأغوار ومن كل منطقة "جيم" يعني الخلاف بينهم هو حول مسألة الضم دفعة واحدة أو بالتدريج شرط وضع الفلسطينيين في كانتونات حكم ذاتي "المعارضة" في حين سموتريتش وبن غفير لا يعيرون لذلك انتباه لأنهم يرون ان الفلسطيني في الضفة سيتأقلم ويصبح أجير يعمل وينام، ومن يرفض ذلك سيقتل او يطرد، ويبدو ان زعامات المستوطنين فتحت علاقات مع بعض قيادات العشائر خاصة في جنوب الضفة، لذلك وجود السلطة الفلسطينية يؤرقهم وبغض النظر عن طبيعتها السياسية.
المعارضة ترفض الإصلاح من منطلق الصراع على هوية الدولة التي يريد اليمين الجديد الصهيوني حسمها لتكون أقرب للشريعة التوراتية، وهذا سيؤدي لاحقا لنظرة دولية قانونية مختلفة قد تؤدي بالكثير ممن أجرم بحق الشعب الفلسطيني ليواجه القضاء في اوروبا بالذات، بمعنى ان الحياة الطبيعية للكثير سوف تتأثر وهذا ما ادى للخروج الكبير ضد هذا الإصلاح القضائي.
إسرائيل لم تكن يوما ديموقراطية كانت وستبقى "إثنوقراطية" اي ديمقراطية يهودية "دينيا وقوميا"، خاصة بعد إقرار قانون "القومية" في الكنيست بموافقة الأغلبية ومن ضمنها أغلبية المعارضة، والعليا الإسرائيلية كانت في أغلب المرات تقف مع رأي الدولة والامن ضد الفلسطيني، ولم تكن سوى واجهة للغرب ليتحجج بوجود قضاء مستقل في إسرائيل يحقق بما يحدث من جرائم *"قصة شرين ابو عاقلة مثال"*، لذلك ما يحدث هو فقط سيسرع في حسم الوضع في القدس والضفة بما يسمى الضربة القاضية، ولن يكون بالتدريج كما تفعل المعارضة بتغطية أمريكية.
أستطيع القول ، انتهى زمن النفاق والكذب وانتهى زمن إدارة الصراع، وانتهى زمن كذبة الديمقراطية، وهذا ما يحرج الغرب والإقليم والبعض الفلسطيني الذي مصالحه الطبقية والاقتصادية مرتبطة بكذبة ووهم السلام والدولتين والديموقراطية اليهودية، لذلك أصبح الكل قلق لأنه سيكون مضطرا لأخذ موقف، خاصة مع انتهاء المنطقة الرمادية وظهور فقط سياسة الأسود البين والأبيض البين مع هكذا ائتلاف يحكم ويقرر في إسرائيل، وهذا جعل الكثير العاشق للسلام مع إسرائيل اليهودية لا يستطيع أن يغمض عينيه، لأن مع الرباعي: "نتنياهو-سموتريتش-درعي-بن غفير" لن تغمض عينيك.