- طائرات الاحتلال تشن غارة على شمال مدينة رفح
عملت الصهيونية على جعل مشروع مستعمرتها على أرض فلسطين تحمل الازدواجية والتوافق بين يهودية المشروع وديمقراطيته، معتمدة على أن يكون نظامها السياسي وإدارتها للسلطة قائما على: 1- التعددية الحزبية، 2- نتائج صناديق الاقتراع، وبما يتفق لحد كبير مع القيم الرأسمالية الأوروبية الأميركية، وهي مخلصة في ذلك، فقد حافظت على وراثتها لتوجهات الاستعمار التقليدي مع نفحة عصرية ليبرالية، وعداء عنصري مفرط للشعوب الاصلية أصحاب الأوطان التي تعرضت للاستعمار الاوروبي: 1- أميركا، 2- كندا، 3- استراليا، 4- جنوب إفريقيا، 5- الجزائر، 6- روديسيا، 7- فلسطين وغيرها من شعوب أميركا اللاتينية.
فقد تمكنت الموجات الاستعمارية الأوروبية من إبادة شعوب أميركا وكندا وأستراليا الاصلية، وفشلت في الجزائر وجنوب إفريقيا، وأخفقت نسبياً في فلسطين، إذ تمكنت من طرد وتشريد نصف الشعب الفلسطيني، مقرونة مع عمليات تطهير عرقي شملت العديد من القرى والأحياء، ولكنها لم تتمكن من إنهاء الشعب العربي الفلسطيني وتصفيته: نصفه بقي متشبثاً في وطنه، ونصفه الآخر في مخيمات اللجوء، صنع الثورة الفلسطينية المعاصرة مجسدة في منظمة التحرير وفصائلها ومؤسساتها القائمة على التعددية، وسلطتها الوطنية المحدودة داخل وطنها فلسطين.
سلطة المستعمرة منذ عام 1948 واصلت نهجها وفق التراث الأوروبي الاستعماري، والتعددية، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع في إدارة السلطة التنفيذية، مدعية تمسكها بازدواجية المعايير بين اليهودية والديمقراطية، حتى فاز اليمين عام 1977 وتولي الليكود ومناحيم بيغن للسلطة، وأعقبه شامير وشارون وأولمرت ونتنياهو، الذي تمكن من فرض وانتزاع التشريع في 19/7/2018 بقانون يهودية الدولة من البرلمان، انتقالاً لنتائج الانقلاب السياسي الثاني في انتخابات 1/11/2022، وفوز تحالف اليمين السياسي المتطرف مع الأحزاب اليهودية الدينية المتشددة، والتي أفرزت فرض تغيير النظام القضائي في 24/7/2023، وما يستتبع ذلك من قوانين وإجراءات وسياسات يراها المحتجون أنها انقلاب على الديمقراطية، وفرض القيم والتوجهات الدينية اليهودية.
في تعاملها مع المكونات الفلسطينية: 1- أبناء مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، 2- أبناء مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، أبناء الضفة الفلسطينية والقدس والقطاع، 3- أبناء المخيمات الذين تشردوا وطردوا وتم ترحيلهم خارج فلسطين، يتم التعامل معهم بعناوين ووسائل مختلفة، ولكنها تقوم على الكره والعداء والتصفية ونكران الحق ومصادرة الهوية والممتلكات وطمس الحقوق، بعنوان واحد أجمعت على وصفه مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان: 1- بتسيليم الإسرائيلية، 2- آمنستي البريطانية، 3- هيومن رايتس ووتش الأميركية، 4- لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أنها تتعامل مع الفلسطينيين بعنصرية مفرطة: الأبرتهايد.
ما تشهده المدن الفلسطينية ذات الأغلبية الإسرائيلية من مظاهرات احتجاجية من سكانها ضد حكومة نتنياهو وتوجهاتها السياسية المتطرفة والدينية اليهودية المتشددة هو التعبير السائد عن تفاقم العلاقة بين الإسرائيليين، وعمق الفجوة بين المتدينين وغير المتدينين، بين الاتجاهات السياسية المتطرفة والأكثر تطرفاً، بين اليهود الشرقيين حاملي الإرث اليهودي التقليدي، وبين اليهود الغربيين حاملي الإرث الأوروبي الاستعماري الممزوج بالنكهة الليبرالية التعددية.
صراع له تداعيات يكشف مضمون المستعمرة ويعمل على تعريتها كمشروع استعماري، غير أخلاقي، غير ديمقراطي ويهودي ديني متطرف كما هي الأحزاب السياسية الإسلامية المتطرفة المعادية للتعددية، الرافضة للديمقراطية في كل الأحوال.