- مراسلتنا: صفارات الإنذار تدوي في محيط مصانع أمنية بالجليل الغربي وتحذير من تسلل مسيرات
مرة أخرى، تعود وتضرب دوامة ارتفاع الأسعار وبقوة، وبالأخص أسعار الخضراوات والفواكه، حيث تتراوح أسعار الكيلوغرام الواحد من البندورة أو الزهرة أو الخيار حول الـ 10 شيكل، أي حوالي 3 دولارات. وارتفاع الأسعار الحاد هذا والذي يتكرر بين الفينة والأخرى ربما لم يشعر به الجميع بعد، ولكن هناك عائلات كثيرة، ربما قد خفضت استهلاكها اليومي من سلع أساسية، بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، حيث تضاعفت أسعار بعض السلع أو تكاد في الأيام الأخيرة في بلادنا، ورغم الحجج التي تبرر ارتفاع الأسعار، والتي اعتدنا عليها في الماضي، ألا وهي ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية واقتصاد السوق وارتفاع درجات الحرارة، إلا أن الجشع والطمع والاستغلال هي من الأسباب الأخرى، حيث تفوق الأسعار عندنا تلك التي في دول غنية أو متقدمة عديدة.
وهذا الوضع يستدعي تدخل الجهات الرسمية وعلى أعلى المستويات، وكذلك منظمات المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك، من خلال برامج وحملات عملية وبمخرجات واضحة، وعلى الجهات الرسمية وبالأخص وزارة الاقتصاد الوطني أن تتعامل مع هذا الأمر، والتدخل بشكل طارئ وعملي ويومي من أجل كبح الأسعار وإعادتها بشكل عقلاني موضوعي لتناسب سعر السوق أو التكلفة، وفي نفس الوقت محاسبة وبشدة وبشكل علني من يتلاعب في حياة الناس، من التجار الجشعين، وبالتحديد التجار الكبار أو تجار الجملة الذين يستوردون ويحتكرون السلع.
وفي ظل وضع كهذا، نلحظ أن هناك نوعا من عدم اللامبالاة، عند التجار أو عند الموردين أو عند البائعين، سواء فيما يتعلق بنوعية القوانين الموجودة، أو بإمكانية تطبيقها، أو حتى بفعالية آليات المتابعة والرقابة والتفتيش من قبل الجهات الرسمية، أو حتى بجدوى الالتزام بلوائح الأسعار الاسترشادية أو غيرها، لأن التاجر الذي يرفع سعر المنتج أو الكيلوغرام بحوالي 5 شيكل، يعرف أن هناك احتمالا قليلا للمساءلة، وحتى إن تمت إحالته إلى القضاء أو إن تم تقديم شكوى بحقه، فإن الحكم أو الغرامة أو العقاب، يمكن ألا يتجاوز الـ 100 أو الـ 200 دينار اردني، وفي ظل هذا التخبط، فإن من يدفع الثمن مرة أخرى، هو المستهلك وأفراد عائلته، وبالأخص أن ارتفاع الأسعار يطال سلعا أساسية للجميع.
وبالإضافة إلى نوعية وفعالية القوانين، والى ضعف الرقابة والمتابعة، فإن المستهلك نفسه هو كذلك مسؤول ولو بشكل غير مباشر عن ارتفاع الأسعار، لأن المستهلك يستطيع أن يلعب دورا مهما وبشكل عفوي وغير مباشر في التحكم بالأسعار، وهذه نقطة مهمة لتبيان لماذا ترتفع الأسعار وبشكل كبير في أوقات معينة، وفي هذه الأيام مثلا، وبالتالي فإن إقبال المستهلك وبشكل غير عقلاني على الشراء بسبب الخوف من مواصلة ارتفاع الأسعار يفتح شهية التاجر، سواء أكان تاجر الجملة أي المزود أو صاحب المحل على رفع الأسعار بشكل كبير وغير مبرر وغير مسؤول.
وفي ظل هذه الدوامة من الارتفاع المتكرر للأسعار، فإننا بحاجة إلى مراجعة معمقة للقوانين التي تتعامل مع الأسعار وجودة المنتجات، ونحن بحاجة إلى مراجعة آليات المراقبة والتفتيش والمتابعة وكيفية تحديد الأسعار الاسترشادية، وكذلك إلى مراجعة لماذا لا يردع الواقع الحالي التجار من التلاعب بالأسعار، ولماذا لا يزال البعض يتصرف حسب المزاج والأهواء، وكذلك أليس من الضروري إعادة دراسة آليات التواصل مع المستهلك، وفي أساليب متابعة شكواه، وكذلك في الآليات المتبعة، للإثبات له أن هناك جهات، سواء أكانت رسمية أو غير رسمية تهتم به، وباحتياجاته وبشكواه، والذي يبدو انه حتى الآن غير مقتنع أو على الأقل لا يثق بجدوى وجود هذه الجهات.
وفي خضم هذا الوضع المحزن للكثير، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي نحياها، وفي ظل التداعي بأنواعه من السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وان تواصل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار وتوسع أو اصبح ظاهرة كما يعتقد البعض، وبدون تدخل فاعل وحازم من الجهات ذات العلاقة، بدعوى الحفاظ على مبادئ اقتصاد السوق، أو تماشيا مع تداعيات التغيرات المناخية الحالية، فإن هذا الوضع يتجه نحو تعميق وربما نحو الانفجار المجتمعي وبالأخص عند عائلات لا تستطيع الاستغناء عن سلع أو منتجات أساسية، وما لذلك من تداعيات وامتدادات.