اليوم الجمعة 08 نوفمبر 2024م
أونانا: لاعبو مانشستر يونايتد يريدون بقاء فان نيستلرويالكوفية كوريا الجنوبية تجري مناورات عسكرية بعد إطلاق بيونغ يانغ صواريخالكوفية عصر ترامب الثاني ...!الكوفية دلالات فوز ترامبالكوفية دلياني: ٩٨٪؜ من عائلات غزة النازحة قسراً شُرِّدت أكثر من ١٠ مرات خلال ١٤ شهراً من حرب الإبادةالكوفية تطورات اليوم الـ399 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية مناصرون لفلسطين يتصدون لإسرائيليين في هولندا مزقوا علم فلسطينالكوفية إصابة شاب برصاص الاحتلال بمخيم شعفاط في القدس المحتلةالكوفية الاحتلال يغير على 6 بلدات جنوبي لبنانالكوفية 10 قتلى في صفوف "جيش الاحتلال" والمستوطنين منذ مطلع نوفمبر الجاريالكوفية الاحتلال يواصل عدوانه على لبنان لليوم الـ 47 توالياالكوفية الحكومة الإسبانية ترفض رسو سفينتين للاشتباه بنقلهما أسلحة للاحتلالالكوفية جراء قصف الاحتلال منزلا شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية صفارات الانذار تدوي في كريات شمونة ومحيطهاالكوفية جيش الاحتلال: صافرات الإنذار قرب ديمونا أطلقت بعد رصد صاروخ قادم من اليمنالكوفية صفارات الإنذار تدوي جنوب وغرب البحر الميتالكوفية إصابة شاب برصاص الاحتلال في مخيم شعفاطالكوفية شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال محيط صالة حمدان في رفحالكوفية شهداء ومصابون جراء قصف للاحتلال محيط صالة حمدان بمنطقة الجنينة في رفحالكوفية جيش الاحتلال يواصل عمليات نسف المربعات السكنية في المناطق الشمالية لقطاع غزةالكوفية

عذرا لم أتمكن من توديع شقتي الوداع الأخير!

13:13 - 11 أكتوبر - 2023
الكوفية:

أعتذر لمكتبتي المشحونة بذكريات السنوات، لأن قائد طائرة الأباتشي منحني إنذارا معدودا بالدقائق لكي أنجو بنفسي قبل أن يُصدروا الحكم على شقتي الصغيرة بالإعدام!

أعتذر لشقتي التي أشرفت على بناء كل حجر من أحجارها، اخترت لها مواد لصقها ومكان صفها، أنفقت أسبوعا كاملا في زيارة محلات البلاط، لأتمكن من اختيار البلاط المحبب إلي، شعرتُ بأنني لم أشترِ بلاطا مصمتا أصم، بل اشتريت رفيقا لي سيرافقني حتى آخر يوم في حياتي، حملته مغلفات هذا البلاط بحنان، كما حملت مولودي الأول في سرير مهده، راقبت مصفف البلاط، أوصيتُه أن يكون رفيقا حنونا شفيقا بكل بلاطة، كنت ألمس بيدي كل بلاطة تجف وأشعر بالنشوة والسعادة، حتى أنني وزعت الحلوى على المحيط عندما أكملت صف البلاط!.

هكذا قرر قائد الطائرة أن يفجر حقده الدفين فوق بلاطي، وأن يقذف الحطام فوقه، لينزع منه لمعته المحببة في قرارة نفسي!.

كنتُ أظنّ أنني أملك نسخة بديلة عن شقتي، فقد كنت أظن أن شقة ابني المجاورة ستكون بديلا ثانيا عن شقتي حين تُقصف بالطائرة، فأنا أيضا بنيتها بيديَّ، كنت أيضا أظن أنني سعيد لأنني أملك شقة ثالثة لابنتي أيضا، كنتُ أعيش في حبور وأنا أرى أن لي ثلاث شقق مستقلة متجاورة، لم أكن أتوقع أن محتلا غاصبا وسفاحا عتيا سيغتال مني هذه السعادة، بقنبلة واحدة في ثوانٍ معدودة، وهو يرتشف كوب العصير بانتشاء في مقصورة طائرته!.

لم أكن يوما أتوقع أن تغتال مني قنبلة الحقد ذكريات اختيار غرفة نومي التي اشتريتها بالتقسيط المُريح، وتغتال مني سعادتي عندما انتهيت من تسديد آخر قسط من أقساطها، شعرتُ بالأسى لأنني لم أودعها الوداع الأخير!.

وددتُ أن أقف في وسط قاعة الجلوس المكتنزة بالحكايا والذكريات لأرفع يدي اليمنى سلاما وتحية لمخزونها من الذكريات، كنتُ أود قبل الوداع الأخير أن أستعيد إحدى البسمات والقهقهات والطرائف المخزونة في كرسيها الطويل، كم كنت أشتاق أن أستعيد الأحاديث والحوارات الثقافية المخزونة في تضاعيف كراسيها المصففة على شكل ندوة من ندوات الثقافة والسمر، لم أكن أعتقد أن أرى مِزق أشلائها تملأ المكان، بعد أن فجرتها قنبلة البغي والعدوان!.

ما أقسى ألمي وحسرتي وأنا أطأ بقدميَّ شظايا مطبخي، وأن يغتال مني قائد طائرة الحقد مذاقي وغذائي التقليدي ويجبرني على أن أحتمل ألم الشوق إلى نكهتي المفضلة في الطعام والشراب، كيف أستعيد نكهة كوبي الخزفي الخاص المشبع برائحة قهوتي التي أعدها بنفسي؟! كوبي هذا صديقي الملازم لمقالاتي وخطط كتبي، شهد هذا الكوب ولادة أربعة من كتبي، كنت أراه يتغلغل وسط حروفي يمنحها نكهة القهوة المُرة!.

وها أنا أغادر مطبخي التقليدي التراثي، دون أن أحظى برؤية هذا الكوب، لأن القنبلة غطته بالسواد ووزعته شظايا وسط الركام، ارتعشت يدي وأنا ألملم أطرافه وأضمه إلى صدري لأشيعه إلى مثواه الأخير.

هل يمكنني أن أتخلص من رائحة البارود التي سكنت في طبقيَّ المفضلين، الطبقَ الأول مزين بوردة سوداء صغيرة وسط معجون فضي من الرخام الأبيض، والثاني مصنوع من المعدن المصقول، كيف يمكنني أن أعتاد على تذوق الطعام في ملجئي الجديد، وأن أنسى مذاق طبقيَّ المفضلين؟!.

ما الذي أغلق شهيتي للطعام، كنتُ أظن أن السبب يعود إلى أنني خسرت كل شيء وأصبحت بلا مأوى، غير أنني أدركت بعد ذلك أن السبب يعود إلى غياب طبقيَّ المفضلين، ولا أظن أنني سأعتاد على الاستغناء عنهما؟.

لم أكن أعلم أن اغتيال شقتي وشقة ابني وابنتي ستعيد إليَّ ذكرى مهدي الأول المغصوب من المحتلين الإسرائيليين، نعم أصبحت اليوم أكثر قربا من مهد ولادتي الأول!.

سأظل أردد ما قاله الشاعر المبدع، بابلو نيرودا: "اقطعوا كل الورود، واقتلوا كل العصافير، لكنكم لن تمنعوا حلول الربيع"!

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق