كلما توسع نطاق القصف الإبادى، الذى يستهدف البشر والحجر، وكل ما فى قطاع غزة دون تمييز، كان هذا مؤشرًا إلى جنونٍ يزدادُ لدى واضعى خطة المعركة البرية التى لم تُحقق تقدمًا يُعتدُ به بعد ما يقرب من أسبوعين. تفيد المعطيات أن محاولات السيطرة على مدينة غزة فى شمال القطاع مازالت متعثرةً منذ أن تمكنت القواتُ المعتدية من تطويقها مساء الخميس الماضى.
لم تستطع فرقتا مدرعات ومشاة يزيد عددهما على 20 ألف جندى، وتضمان بعض أهم وحدات النخبة الأكثر خبرةً وتدريبًا، إقامة محاور ارتكازٍ ثابتة وتأمين خطوط إمدادها وحماية ظهر كل منها، لتكون قواعد للانطلاق والتوغل فى داخل المدينة سعيًا للسيطرة عليها وتحقيق الهدف الأول، وربما الأكبر، فى الخطة الصهيونية التى يبدو أن واضعيها ما برحوا يتخيلون أن سحق حركة «حماس» هدفُ واقعى وقابل للانجاز رغم أن قدرة مقاتلى جناحها العسكرى على الدفاع عن المدينة تُفاجئهم كل يوم.
يتركز القتال وقت كتابة هذه السطور فى أطراف شمال غرب مدينة غزة قرب شارع الرشيد المُحاذى لشاطئ البحر ومسجد الخالدى وأبراج المقوسى، وأطراف جنوبها الغربى من ناحية تل الهوى وحى الزيتون حيث يوجد موقعان قديمان للتدريب العسكرى، ربما يستخدمُ المقاومون أحدهما (موقع قريش) من وقتٍ إلى آخر, ولهذا تشتدُ هجمات المعتدين عليه. ويمتد القتال أيضًا إلى جنوب المدينة الشرقى من منطقة جُحر الديك إلى نتساريم.
وإذا استمر التعثرُ فى محاولات السيطرة على مدينة غزة، فهذا يعنى فشلاً فى إنجاز المهمة المُحددة فى المحور الرئيسى للخطة الصهيونية، التى كشف نيتانياهو جانبًا صغيرًا منها عندما تم تطويق المدينة، إذ قال إن قواته تتقدم، ولن يكون أمام العدو داخلها سوى الاستسلام أو القتل. فالهدفُ الأساسى هو القضاء على المقاومين فى المدينة، وكشف مواقع الأنفاق تحتها، والتعامل معها بالوسيلة التى يرونها، سواء عن طريق ردم مخارجها غالبًا، أم ضخ غازات أعصابٍ أو غازاتٍ سامة فى داخلها قبل الردم. لكن ماذا بعد ذلك وفق ما يبدو لنا من ملامح هذه الخطة؟ سؤالُ نبقى معه غدًا.