والسؤال متى يعمل القانون الطبيعي؟ منذ تبلور الفكر داخل العقل الإنساني أصبح همه منصب على تدجين القانون الطبيعي الذي خلق عليه الكون لإخضاع الطبيعة وقوتها الساحقة المنفلتة أحيانا بأخطار محدقة بحياة الناس ليتلاشى أو ليتجنب البشر تغيرات الطبيعة التي تكون خارجة عن سيطرة الإنسان فكانت رحلة الإنسانية وتجربتها الطويلة تنصب في هذا الاتجاه ونجح الانسان في حيثيات ومحطات عديدة في تجنب كثير من تجليات القانون الطبيعي المنفلتة عن قدرة الإنسان ولازال يعاني البشر من الزلازل والبراكين والأوبئة والفيضانات وتكاثر المخلوقات الكبير والانبعاثات الحرارية والتغيرات الفيزيائية والكيميائية التي تهدد الحياة على كوكب الأرض وفي المقابل نجح الانسان في تجربته كثيرا بأن وضع القوانين والضوابط التي تحكم سلوك البشر وحياته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتجلب وسائل الراحة والعلاج والطعام ما أدى إلى رفاهية للإنسان في دورة حياته أفضل بكثير عن الدهور القديمة والموغلة في القدم وأصبحت حياة الناس في العصور الحديثة أقرب منطقية لفكر الانسان وما أراد من شكل هذه الحياة ومساحات السعادة والاستقرار فيها ولكن بقيت الطبيعة كما هي خلقت بقوانينها لا تتغير ويبقى التحدي مستمرا لدى الانسان وكيفية التغلب على تلك القوانين الطبيعية لصالحه أو كما رآها ويريدها ..
القانون الطبيعي هو الله والقانون الوضعي هو الانسان والصراع محتدم ومتواصل في رؤية كل من القانون الطبيعي والقانون الوضعي ومن القواعد الثابتة التي ألفها البشر أن كل القوانين عندما تفشل في حل معضلة أو مشكلة بشرية أو حياتية يتقدم القانون الطبيعي فيقدم الحل رضيت البشرية أم لم ترض لأن فشل القوانين الأخرى التي حاول البشر التحكم بالحياة من خلالها تصبح قاصرة .. في فلسطين فشلت كل القوانين الحربية والدينية والإقتصادية في حل مشكلة فلسطين والفلسطينيين، تعطل حل السلام وتعطل حل الحرب وتعطل حل الدولتين وتعطل حل الدولة الواحدة والقانون الطبيعي مازال فاعلا، قانون الولادة والتكاثر وقانون الهجرة وتحركات البشر من مكان لمكان، إنه القانون الأكثر قوة وشراسة في هذا الكون، إنه القانون الطبيعي، لا يرضي الجميع، لكنه يفرض نفسه على الجميع، القانون الطبيعي لا يرضي الولايات المتحدة ولا يرضي الغرب ولا يرضي الشرق ولا يرضي حتى الفلسطيني والإسرائيلي ومرجعياتهم القومية أو العقائدية، لكنه في غياب الحلول يعمل وسيعمل ، كيف يحل المعضلة؟ هذا شأن القانون الطبيعي، ولا ندري كيف سيعمل؟ لكن المؤكد أنه سيعمل في غياب وفشل كل القوانين الأخرى التي يعرفها البشر ... وباء، طوفان،زلزال، تكاثر سريع أو انقراض سريع؟ إندثار؟ تشيؤ؟ أين؟ ومتى؟ وكيف؟ لا أحد يدري.. هل نصحو غدا لنجد أن فلسطين أو اسرائيل سمها ما شئت وقد نقلها القانون الطبيعي إلى سيبيريا أو استراليا أو ألصقها في كاليفورنيا أو جنوب أفريقيا؟ لا أحد يعرف كيف يتصرف القانون الطبيعي، لكنه موجود ويتصرف كما يريد لا كما نريد.