فشل المجرمون، قادة المستعمرة الإسرائيلية، في ثلاثة عناوين مرتبطة مع بعضها، أولها إخفاق الأجهزة الاستخبارية والأمنية والعسكرية في الاستدلال المسبق على التخطيط وتنفيذ عملية 7 أكتوبر، فأصابهم الذهول والمفاجأة والصدمة التي اجتاحت كافة مؤسسات المستعمرة ومجتمعها على مختلف تنوعاتهم وفروعهم وتعدديتهم.
وثانيها فشل الانقضاض على قيادات وقواعد المقاومة وحركتي حماس والجهاد بالذات، والإصابات التي تعرضوا لها كانت بسبب الضربات العشوائية المكثفة للمدن والاحياء والبيوت، وهي مصدر إدانة، وسبب انكفاء الرأي العام العالمي وخاصة الأميركي والأوروبي عن دعمها أو التعاطف معها على خلفية عملية 7 أكتوبر، فقد وقع التحول لدى الرأي العام العالمي بسبب هذا القصف العشوائي الإجرامي من قبل قوات المستعمرة ضد المدنيين الفلسطينيين، والآثار المدمرة التي خلفتها وجرائم القتل التي قارفتها.
وثالثها عدم تمكنها من إطلاق سراح المختطفين وتحريرهم من قيود المقاومة بدون شروط، فالتبادل وقع ضمن شروط متبادلة، ومفاوضات ندية، نقلها الوسطاء قطر ومصر، اللذان نجحا في نقل المعلومات والشروط وتنسيق الإجراءات بما يتفق وضغوط أهالي الأسرى المختطفين والإدارة الأميركية.
وقف إطلاق النار عبر التهدئة وتبادل الأسرى سجلت مكسباً وانتصاراً للفلسطينيين وهزيمة وإخفاقاً للإسرائيليين، ولذلك سيرضخ نتنياهو وفريقه في تجديد التهدئة وتبادل الأسرى، مرغمين على ذلك، وسيجد الوسطاء ترحيباً فلسطينياً للتجديد.
الفلسطينيون الذين حققوا إنجازاً يُسجل لهم، على المستوى الاستراتيجي، ولكنهم دفعوا أثماناً باهظة، سواء في عدد القتلى الشهداء، وفي حجم البيوت المدمرة، مما يتطلب فتح أوسع أبواب الدعم والإسناد المادي المالي، لعل عشرات الآلاف من أهالي غزة الذين فقدوا بيوتهم وأثاثهم وحتى ملابسهم، يحتاجون فعلاً وحقاً روافع تمد لهم أيادي الدعم والتعويض، فالذين غادروا الحياة وارتقوا لهم الرحمة والمغفرة، ولكن الذين بقوا على قيد الحياة هم الأعباء الذين يتطلب من كل الأشقاء والأصدقاء العرب والمسلمين والمسيحيين الوقوف الجدي الحقيقي نحو المساهمة لتغطية الاحتياجات الضرورية لهؤلاء الذين فقدوا ما يملكون.
أهل غزة يحتاجون لجرافات لإزالة جبال الأتربة والأحجار المتراكمة في الشوارع وفي أراضي البيوت التي تهدمت، وأغلبها ما زال أصحابها مدفونين تحت الأنقاض.
وأهل غزة ومستشفياتها بحاجة لسيارات إسعاف وأجهزة طبية لإعادة عمل المستشفيات رداً على جرائم الاحتلال التي دمرتها متعمدة.
وأهل غزة يحتاجون لمتطوعين من الأطباء والممرضين والأخصائيين والكوادر المساندة لعلهم يخففون عن أهل غزة أوجاعهم.
وأيتام غزة يحتاجون لمن يتبناهم، كما يسعى الدكتور سامر عبدالهادي في تشكيل فريق عمل أردني يتطوع لعمل التبني لآلاف الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم.
مأساة غزة كبيرة وبحاجة حقاً لمن يقف معهم وإلى جانبهم.