بشرنا الوزير أيمن الصفدي أن لدى المجموعة الأوروبية تطوراً إيجابياً في مواقفهم لصالح فلسطين، ولذلك يفرض السؤال نفسه، مطروحا بقوة وهو:
هل الموقف الأوروبي يتحول من موقف سياسي معنوي رغم أهميته، يتحول إلى إجراءات عملية ملموسة، تردع المنفلت الإسرائيلي، وتضع هدا لغلوائه وجرائمه وتطرفه وعنصريته المكشوفة، ضد الفلسطينيين؟؟.
اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، وفق وزير خارجية إيرلندا مايكل مارتن ، أنه ناقش للمرة الأولى نقاشا هاما بشأن فرض عقوبات على المستعمرة الإسرائيلية، اذا لم تلتزم بالقانون الانساني الدولي ، خاصة إزاء قرار محكمة العدل الدولية التي أصدرت قراراً يوم الجمعة 24/5/2024، وقف هجمات المستعمرة على منطقة رفح، والإبقاء على معبر رفح مفتوحاً لضمان وصول المساعدات بدون عوائق، وقد سبق للاتحاد أن اتخذ قرارات بفرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين، و على ناشطين متطرفين يمارسون العنف المتعمد المؤذي بحق الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية.
إسبانيا ومعها إيرلندا دعتا مجلس الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية، على خلفية الحرب القاتلة المدمرة ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 تشرين أول أكتوبر 2023، ولا تزال بوحشية غير معهودة بهذه القسوة البربرية ضد المدنيين.
أوروبا تتحمل مسؤولية كبيرة نحو الشعب الفلسطيني، فهي التي بادرت في الاستجابة لمشروع الحركة الصهيونية، لإنشاء مستعمرتها على أرض فلسطين، عبر وعد بلفور البريطاني عام 1917، وهي التي سهلت هجرة اليهود الأجانب وترحيلهم إلى فلسطين وتوفير متطلبات البقاء لهم والسيطرة التدريجية على مقومات الحياة وقيام مؤسسات شكلت القاعدة والبنى التحتية لقيام المستعمرة الاسرائيلية على ارض فلسطين.
کما تجاوبت فرنسا مع مشروع المستعمرة وقدمت لها الأسلحة التقليدية والمفاعل النووي لإنتاج الأسلحة النووية، وقدمت المانيا التعويضات المالية التي أسهمت بقيام الدولة رداً على المذابح التي قارفتها بحق اليهود ودفعهم نحو الرحيل إلى فلسطين، كما حظيت المستعمرة بالاعتراف من قبل كافة البلدان الأوروبية بعد قيامها في 15/5/1948، وهي لم تفعل ذلك نحو مشروع الدولة الفلسطينية القائم على حل الدولتين، وفق قرار التقسيم 181 الصادر يوم 29 |11 /1947.
مجلس الاتحاد الأوروبي لم يُوفق في اجتماعه باتخاذ قرارات متفق عليها وإجراءات عملية، بسبب الخلافات في كيفية التعامل إزاء ما تفعله المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني باستثناء الاتفاق على عقد لقاء أوروبي مع وزير خارجية المستعمرة، بهدف الحصول على اجابات حول ما فعلته قوات الاحتلال في رفح، وما ستفعله مع قطاع غزة بالمجمل؟.
النقاش الأوروبي باتجاه اتخاذ إجراءات رادعة، وفرض عقوبات على المستعمرة، نقلة نوعية في التفكير والنقاش بهذا الاتجاه، حتى ولو لم يتخذ قرار بهذا الشأن، وتأجيل ذلك إلى ما بعد اللقاء الوزاري الأوروبي الإسرائيلي، لأن وزير المستعمرة لن يتمكن من تقديم مبررات مقنعة عن دوافع العدوان والهجمة غير الإنسانية، والتطرف في القتل الذي يشمل المدنيين، وتدمير البيوت والعمارات لأهالي قطاع غزة وإزالة البنى التحتية بواسطة القصف والتدمير المتعمد، بهدف واضح وهو: جعل قطاع غزة غير مؤهل للحياة.
التطور اللافت في الموقف الأوروبي هو الاعتراف التدريجي بالدولة الفلسطينية، والنقلة التراكمية باتجاه التعاطف والتضامن والانحياز لعدالة قضية الشعب الفلسطيني، وحقه في الحرية والاستقلال على أرض وطنه.
جرائم الإسرائيليين البشعة كشفت حقيقة مشروعهم الاستعماري التوسعي، وعنصريتهم وفاشيتهم، وهذا تطور مهم، وثمنه الفلسطيني باهظاً من أرواح ودماء المدنيين الفلسطينيين.