الإثارة الإعلامية" التي سببها "إعلان بايدن"، وخاصة داخل دولة الكيان وأطراف التحالف، وكذا المعارضة، الأمر تم صياغته والترتيب له، من وراء ظهر رأس الحكومة نتنياهو، خاصة بعدما احتلت مسألة جوهر المقترح بأنه "ترتيب خاص" بين المخابرات المركزية الأمريكية وممثلي الموساد والشاباك، تفتح الباب واسعا للتفكير في أن الإدارة الأمريكية قد أطلقت رصاصة "الماراثون السياسي" لترتيبات اليوم التالي لحرب غزة.
سجل البيت الأبيض سابقة لم يكن لها مثيلا، عندما سربت خبرا لوسيلة إعلامية تعتمدها أمريكيا وعبريا، أشار إلى أنه تم إطلاع غالانت وزير الجيش الحالي وغانتس وزير الجيش السابق، على مضمون الإعلان البايدني قبل الخطاب، في رسالة "احتقار" علنية من الإدارة الأمريكية إلى نتنياهو، ما يؤشر أن زمنه السياسي باتت نهايته وشيكة، وهي تعلم يقينا، أن موافقته على "الإعلان" سيضعه في مواجهة مع ركائز التحالف الحكومي القائم، قادة "الفاشية الاستيطانية" بن غفير وسموتريتش، اللذان يرفضان أي مساومة في حرب قطاع غزة، لا تسمح لهم بإعادة الاحتلال بكل أركانه، ومنها بناء الاستيطان، وبقاء تقسيم القطاع ضمن خطة الحصار الدائم، ما قد يقود الى اسقاط الحكومة، لو وافق.
وفي حال رفضه لـ "إعلان بايدن"، الذي تم ترويجه بأنه "مقترح إسرائيلي"، سيكون تحت مقصلة خاصة، بدأت عمليا مع النداءات المتتالية من أقطاب بعض أركان الحكم وكل المعارضة، بالتوازي مع اتساع حركة شعبية في الشارع رفعت تمثال الحرية رمزا للخلاص من نتنياهو لو رفض الإعلان.
وحاولت الإدارة الأمريكية، تقديم "رشوة خاصة" لنتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس للمرة الرابعة، اعتبرها "اول زعيم أجنبي" يحدث له ذلك، وقد تكون تلك المهمة الأخيرة له، قبل طي صفحة "العهد النتنياهوي"، مع انطلاق ماراثون ترتيبات اليوم التالي، والذي لن يكون له به مكان أبدا.
إعلان بايدن، وبالتوازي مع وضع ملامح المشهد السياسي في دولة الكيان الاحتلالي، أرسل رسالته الثانية، الى الرسمية الفلسطينية، بأنها ليست طرفا شريكا في كل ما يتعلق بترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة، وكي تضعها تحت الضغط الكبير لعدم القيام بأي خطوة تشويشية، عمل وزير خارجية الولايات المتحدة كـ "سنتارليست"، عندما هاتف غالبية وزراء خارجية الدول العربية ذات التأثير المباشر على مشهد فلسطيني، أو من يتوقع أن يكون لها "دور خاص" بتكليف خاص في اليوم التالي لوقف الحرب، حركة ضغط شاملة من بلينكن، يبدو أنها حققت هدفها، بأن صمتت الرسمية الفلسطينية عن الكلام، فأصدرت بيانا كشف "شللها السياسي"، مؤكدة أنها عاجزة عن النطق بالحق الوطني.
"إعلان بايدن"، قدم لحماس "هدية مسمومة"، بأنها الطرف الذي سيكون في التفاوض حول ما سيكون تنفيذا للإعلان، وسريعا قبلتها، لأسباب متعددة، خاصة وهي من حيث المبدأ لا تملك حق الرفض بعدما أعلنت قطر وتركيا تحديدا مباركة الإعلان، وثانيا توهمت بأنها رسالة تحمل لها دورا ما في ترتيبات اليوم التالي، متجاهلة بعض المؤشرات الخاصة بنفي استمرارها، بالحديث حول "معاهدة دائمة لوقف الحرب"، وتلك مسألة لن تكون سوى مع جهة معترف بها رسميا، ذات تمثيل عام وليس جهوية المكان.
بالقطع رسالة اليوم التالي، ستبدأ ملامحها أيضا من خلال "ترتيبات آلية العمل لمعبر رفح"، والذي تتضح كل المؤشرات بقاء الوجود الأمني لدولة الاحتلال في معرفة الحركة دخولا وخروجا، عبر اتفاق 2005، مع طرف فلسطيني ليس من حماس حتما، وليس من السلطة الفلسطينية قطعا، وربما سيكون من شخصيات تصمت عليها الرسمية الفلسطينية، ولا تملك حماس حق الاعتراض.
مؤشرات أولية لملامح اليوم التالي، بدأت مع "إعلان بايدن" عبر 3 رسائل لجهات ثلاثة، نتنياهو خروج بلا عودة، والرسمية الفلسطينية خروج الى حين "التصويب الكبير" وفقا للرؤية الأمريكية الكاملة، وحماس خروج والبحث عن حضور ما من "الباطن السياسي"، بحيث لن تكون كما كانت يوما.
ملامح "اليوم التالي" لحرب غزة بدأت..لكنها في بداية مسار نحو رسم مستقبل لا يشبه ما كان "حلما وطنيا" مع وضع حجر أساس الكيان الأول 4 مايو 1994.. هل تحدث "المفاجأة" كما حدثت في ديسمبر 1987..ذلك ما يتمناه شعب طائر الفينيق.
ملاحظة: خرج البعض الفلسطيني بعد "إعلان بوش" الابن مناشدا القبول بما تريده "ماما أمريكا"..أصحاب ذلك النداء استلموا الحكم من 2005..وبعد عشرين عاما لم تفعل لهم "الماما" شيئا..ومع مرحلة جديدة بدأت البحث عن "بعض فلسطيني جديد" لمشروعها الجديد..وللقدامى قالت: جهزوا حقائبكم لترحلوا..المشكلة لن يأسف عليكم أحد..تخيلوا.
تنويه خاص: كم كان محزنا أن لا يتصل "أحد"، أي أحد، بمقر المقاطعة في رام الله ويخبرهم بأنه هناك شي ما بيصير ومنه شي خاص بفلسطين وغزة..ولو من باب العلم بالشيء..الرخص السياسي هيك ثمنه..سلاما لروحك أيها الخالد ياسر عرفات.