الكوفية:تشاء "الظروف" أن تمتد "طوفان الأقصى" لتتقاطع "تلتقي" مع هزيمة حزيران العربية الكبرى "النكسة" التي تدخل هذه الأيام عامها السابع والخمسين، ربما لكي يقف كل عربي وجها لوجه أمام حقائق التاريخ العنيدة: دولة إسرائيل وحدها تهزم
جيوش مصر وسوريا والأردن، وتحتل ما يلزمها من أراضيهم؛ سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة في ستة أيام، -حسن نصر الله قال في ست ساعات-، و كان بإمكانها الوصول إلى عواصمهم، القاهرة دمشق وعمان.
على مدار ست وخمسين سنة، نظر العربي إلى نفسه نظرة صَغار واحتقار عندما كان يقارن نفسه بالإسرائيلي العملاق الجبار، جيشه الذي لا يقهر، موساده الذي يعرف دبة النملة، ديمقراطيته اليتيمة في الشرق الأوسط، اقتصاده الذي لا يشق له غبار، حتى جاء فصيل فلسطيني واحد اسمه "حماس"، لم يكن قد رأى النور في ذلك العام الأسود، عام النكسة، وفعل ما فعله بإسرائيل. ولذا، نظر العربي إلى السابع من أكتوبر على أنه حدث استثنائي خارق، وما زال البعض يعتقد انه مجرد حلم.
والحقيقة، حيث لا ينفع غيرها، بل ان معاندتها والتحايل عليها يضر البلاد والعباد على حد سواء، هذه الحقيقة مفادها أمران جوهريان، الأول متعلق بالشعوب التي ترزح تحت نير الاحتلال ان تقاومه مقاومة شاملة، في الصيف كما في الشتاء، عبر طلائعها "حركات تحررها"، وقد تميز هنا الرئيس التركي الذي رفض كل من قال عن حماس إنها حركة إرهابية يتوجب اجتثاثها، يوم قال إنها حركة تحرر وطني، ما لم يقله النظام العربي في مجمله حتى اليوم. أما سكرتير عام الأمم المتحدة، فوضع العربة خلف الحصان حين قال إن السابع من أكتوبر لم يأت من فراغ.
إن صمود المقاومة في غزة لثمانية أشهر (240 يوماً)، ما يعادل 40 مرة من حرب الأيام الستة عام 67، يفترض أن يدفع الزعيم العربي هذه المرة، وليس المواطن العربي فقط، لأن يعيد النظر فيما راكمته عليه هزيمة نلك الحرب، وان يتوقف عن النظر لهذا الاحتلال على انه البعبع الذي سيأتي ليحتل عواصمنا، وأنه ليس ديمقراطياً ولا إنسانياً وهو يقوم بتفريغ أحقاده ضد الأبرياء بعشرات الآلاف ويتم اتهامه بالابادة الجماعية وجرائم الحرب من قبل أعلى الهيئات الحقوقية في العالم.
في عام 67 كان عمر إسرائيل أقل من عشرين سنة، وعدد سكانها ربما لا يتجاوز مليوني نسمة، بدون مستوطنات ولا مستوطنين، بدون تطبيع وبدون "اتفاقيات أبراهام" العلنية والسرية، فمن المخجل الاستمرار في استمراء الهزيمة، لكن المخجل أكثر وأكثر من يبحث عن اليوم التالي للنصر بدون المنتصرين.