يوم 31 مايو 2024، أعلنت الشقيقة الأردن عن الدعوة لمؤتمر دولي للاستجابة الإنسانية لقطاع غزة في 11 يونيو 2024 بالشراكة مع الشقيقة مصر والأمم المتحدة، لـ"تحديد الآليات والخطوات الفاعلة للاستجابة، والاحتياجات العملياتية واللوجستية اللازمة في هذا الإطار، والالتزام بتنسيق استجابة موحدة للوضع الإنساني في غزة".
ويعقد المؤتمر بدعوة من ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ويشارك فيه "قادة دول ورؤساء حكومات ورؤساء منظمات إنسانية وإغاثية دولية".
بداية، كل التقدير لمنظمي المؤتمر، من فكر وخطط وحدد أهدافا "إنسانية" لتجنب الكارثة الكبرى التي يعيشها أهل قطاع غزة، جراء الحرب العدوانية المستمرة منذ 246 يوم، في مشاهد لم تعرفها البشرية سابقا، من ارتكاب جرائم حرب و"إبادة جماعية"، دون أن تجد ردعا أو فعلا خاليا من "العاطفة الإنسانية"، يضع حدا لما يتم تحت أعين العالم بثا مباشرا.
نعم، مؤتمر دولي لـ "الاستجابة الإنسانية" لأهل قطاع غزة، خطوة تفاعلية هامة وضرورية، ولمن فكر بها ويبحث نجاحها شكرا "إنسانيا"، عله يساهم في وضع حد لمظاهر "الموت جوعا" و "الموت نزوحا"، و"التهجير الذاتي" بأمر من جيش فاشي.
ولكن، مع كل ما سبق فنحن أمام مسألة غاية في الغرابة السياسية، بل وخروجا عن "النص السياسي المركزي" للشعب الفلسطيني، عندما يتم عقد "مؤتمر عالمي" لبحث قضية تتعلق بجزء من فلسطين، بل هو الجزء الملتهب كفاحيا، اخترق كل الحدود، ولا يكون ممثل دولة فلسطين، جزءا إن لم نقل الجزء، مشاركا تنظيما ورؤية وأهدافا، وجزء من آلية قادمة.
لم "يتخيل" الفلسطيني، أي كان مسماه وهواه السياسي، إعلان عن مؤتمر عالمي لبحث مسألة تتعلق بجزء من فلسطين، وأي جزء منها وهو محط أنظار العالم الإنساني، وصاحب الشأن الأول لا يكون منها، بل يتم دعوته كما سكان جزر "الواق واق"، ويتقبلها بـ "سعادة" وكأنها أزاح هماً كان عالقا به.
أن يتم تجاهل وجود فلسطين في تنظيم مؤتمر دولي خاص بقطاع غزة، لا يتفق أبدا مع الحرب السياسية التي تسود العالم من أجل تكريس الاعتراف بدولة فلسطين، والارتقاء بعضويتها في الأمم المتحدة لتصبح كاملة الأركان السياسية، ومع حركة الاعتراف الدولية بها من أصدقاء يدفعون ثمنا لها، عقوبات أمريكية وحرب ضلال صهيونية.
وكي لا يخرج "البعض" فاقد الروح الكفاحية، والغائب عن المصلحة الوطنية" مبررا بأنه مؤتمر لتقديم وبحث آليات الحاجات، فتلك مصيبة سياسية مضافة، تضاف لما حدث من تنظيم أزاح الوجود الرسمي الفلسطيني، وأحاله من "صاحب حق الى متضامن مع الحق".
تنظيم مؤتمر "الاستجابة الإنسانية الطارئة" في الأردن حول قطاع غزة، دون مشاركة فلسطين يمكن اعتباره "رسالة أولى" لترتيبات اليوم التالي لحرب غزة، بتشكيل "مجلس وصاية" لقطاع غزة تحت مسمى "إعادة الإعمار والإغاثة الإنسانية"، والذهاب للعمل مع "إدارة مدنية محلية" تتولي تنفيذ ما يكون رؤية وأهداف للمجلس العام المقرر أن يكون، وصيا عاما لمرحلة غير محددة، تضع عقبة سياسية بين دولة الشعب وجزء من أرض الشعب.
تغييب فلسطين عن الشراكة في تنظيم وتحضير مؤتمر عمان للاستجابة الإنسانية الطارئة لقطاع غزة، يمثل "انتكاسة سياسية كبرى" لا يجوز مطلقا أن يتم تجاوزها، خطيئة سياسية وجب تصويبها فورا، ومن يذهب يحمل اسم "فلسطين"، يكون مشاركا في شطب الحق التمثيلي العام لصالح "إدارة مدنية" محلية قادمة.
وبعد تلك "السقطة السياسية الكبرى" يصبح من حق كل جهة أو فصيل إعلان ما يريده "تمثيلا"، وفي ظل غياب كامل للمفترض أنها "خلية القيادة الوطنية الأولى المسماة لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير"، حيث سقطت في بحر الصمت جبنا أو الموافقة ضمنا.
الرئيس محمود عباس.. قطاع غزة جزء من فلسطين وليس أرضا مجاورة لها.. هي جزء وأصيل جدا من تراب الوطن التاريخي، ودفع ثمنا لم يدفع في أي جزء من الوطن، من أجل رفع راية فلسطين الممثل والكيان.. ورايتها لن تسقط أي كان "فعل النسيان السياسي".