- انتشال شهيد من داخل المنزل الذي حاصره الاحتلال في بلدة طمون جنوب طوباس
"عمليات الرد" التي قام بها حزب الله اللبناني على قيام الجيش الإسرائيلي باغتيال القائد الميداني في الحزب عبد الله طالب "أبو طالب"، ورفاقه الثلاثة في بلدة جويا اللبنانية، والتي أطلق خلالها الحزب أكثر من 400 مقذوف خلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين، ما بين صواريخ متوسطة وثقيلة، وصواريخ مضادة للدروع ومسيرات انقضاضية، ضد أهداف إسرائيلية عسكرية وحيوية في الجولان المحتل والجليل، وهذه تشكل 20% من المقذوفات ال 2000 التي أطلقها الحزب خلال 8 شهور. هذا الإطلاق الكثيف والواسع، جعل الحزب يسيطر على الحياة والأمن والوضع والأجواء في المنطقة الشمالية، حيث أشعل "رد" الحزب حريقا شاملا في المناطق الشمالية من الجليل، ما دفع برؤساء وسكان المستوطنات الشمالية إلى توجيه انتقادات حادة واتهامات للحكومة والجيش بالتخلي عنهم، وترك مصيرهم وعودتهم إلى مستوطناتهم تحت رحمة زعيم حزب الله حسن نصرالله. وكذلك وسائل الإعلام العبرية أجمعت على أن الدولة في حالة من التراجع والتفكك والانهيار غير المسبوق .
تصريحات هاشم صفي الدين الرئيس التنفيذي لحزب الله، التي أدلى بها أثناء تشييع جثمان الحاج " أبو طالب " التي قال فيها أن على المجتمع الإسرائيلي أن يتحضر ل" البكاء والعويل"، كانت تعني بأن حزب الله سيرد على اغتيال قادته بشكل قاس وعنيف، ويبدو أن الخطابات النارية و"العنتريات" التي كان يطلقها قادة اسرائيل السياسيون والعسكريون والأمنيون بردود "مزلزلة " و "مجلجلة" تعيد لبنان إلى العصر الحجري، وتمسح الضاحية الجنوبية عن الوجود، لم تعد قائمة، ولم تعد تثير الخوف والهلع عند اللبنانيين، حيث بات واضحاً أن هذه "العنتريات" واللغة ذات "الدوزان" والنبرة العالية، تم التخلي عنها، لقناعة أصحابها، بأن الحزب لديه من القدرات العسكرية والتسليحية والصواريخ بأنواعها المختلف، بما فيها الدقيقة والبعيدة المدى، وذات القوة التدميرية الهائلة، وكذلك الأجهزة والقدرات الاستخبارية والأمنية والوسائل التكنولوجية وأجهزة الرصد والمتابعة والإستكشاف ... ما يمكنه من أن يلحق ضرراً كبيراً في البنية التحتية لإسرائيل من طرق ومحطات وقود وقطارات وكهرباء وماء ومنصات غاز ومناطق حيوية واستراتيجية عسكرية وأمنية واقتصادية، وليس لبنان المدمر أصلا، هو وحده من يتضرر من مثل هذه الردود أو الحرب الشاملة مع الحزب. لذلك بقي الأمريكي يحرص على القول، بأن المدخل لوقف التصعيد على الجبهة اللبنانية، وقف الحرب في قطاع غزة، وأي انزلاق لحرب شاملة على الجبهة الشمالية، من شأنه أن يشكل مخاطر جدية على القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة في العراق وسوريا والخليج العربي وحتى تركيا واليونان. وهذا الهاجس لا يسيطر على بايدن والإدارة الأمريكية فقط، بل أيضا فرنسا ودول الغرب الاستعماري تعيش هذا الهاجس، ولذلك على هامش قمة الدول السبع التي عقدت مؤخراً في إيطاليا، دعت فرنسا لتشكيل لجنة ثلاثية أمريكية - فرنسية - إسرائيلية لبحث الوضع على الجبهة الشمالية، وقد رفضتها إسرائيل.
المستوى العسكري أوصى المستوى السياسي بوقف الحرب على رفح، ونقلها إلى الجبهة الشمالية، من خلال سحب المزيد من الألوية العسكرية العاملة في القطاع إلى الجبهة الشمالية، وكذلك الحديث عن المناورات في الشمال واستكمال الاستعدادات لشن حرب شاملة على حزب الله ، وبأن الحرب على لبنان باتت قريبة، ولكن التصريحات والتهديدات شيء والترجمة على أرض الواقع شيء آخر. فنتنياهو يدرك تماماً أن حرباً شاملة على لبنان، وما ستكون لها من تداعيات، قد يكون منها التهديد الوجودي لإسرائيل، وكذلك قد يفرض عليه دولياً وقف لإطلاق النار بدون شروط، والتفاوض على إطلاق سراح الأسرى بدون حرب، ولذلك هو يفضل أن يستمر في الحرب على قطاع غزة، والتفاوض على مصير الأٍسرى تحت النار، بدلا من شن حرب شاملة على لبنان، ولذلك أرجأ اجتماع مجلس الحرب بصيغته الجديدة حتى يوم الأحد، ودعا إليه قادة الأجهزة الأمنية ورئيس أركان جيشه هيرتسي هليفي ، للبحث في التطورات على الجبهة الشمالية، والردود على التصعيد الذي يقوم به حزب الله اللبناني. ويبدو أن تأجيل عقد هذا الإجتماع، يقول أن نتنياهو يريد أن يستوعب رد حزب الله على اغتيال "أبو طالب"، كما أرسل وفدا إسرائيليا إلى واشنطن على عجل للبحث في التطورات على الجبهة اللبنانية، وهذا لا يعني أن نتنياهو قد وصل إلى قناعة التسليم بشروط الهزيمة، ولكن هو يدرك تماماً أن ذهابه لحرب شاملة مع حزب الله، غير ممكن بدون موافقة ومشاركة أمريكية، ليس فقط لجهة التغطية السياسية والقانونية، بل لجهة المشاركة العملياتية واللوجستية والمشاركة في هذه الحرب، ولقناعة أمريكا بأن هذه الحرب، ستكون لها تداعيات كبيرة جداُ تطال الاقتصاد العالمي وتدفق الطاقة، ومصير ووجود اسرائيل، ولذلك هي تعمل على كبح جماح نتنياهو وحلفائه من المتطرفين، الذين يريدون خلط الأوراق والهروب نحو الأمام باتجاه توسيع الحرب نحو الجبهة الشمالية.
قادة إسرائيل يقرون بالهزيمة ويحذرون من الزوال، وأن إسرائيل قد خسرت على الجبهتيْن الشماليّة ضدّ (حزب الله) والجنوبيّة ضدّ (حماس)، وتُطالِب تلك القيادات علنًا بالاعتراف بالإخفاق الاستراتيجيّ والهزيمة على الجبهتيْن والتوجّه لانتخاباتٍ عامّةٍ مبكرّةٍ لمنع الكارثة، كما أكّد رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، إيهود باراك، في مقالٍ نشره الجمعة في صحيفة "هآرتس" العبريّة، في حين قال اللواء المتقاعد غادي شيمني، القائد السابق لمنطقة الوسط ومنطقة غزّة، في مقابلةٍ مع إذاعة (103 إف.إم) العبريّة، إنّ ردّ حزب الله على اغتيال القائد، طالب سامي عبد الله (الحاج أبو طالب)، يؤكّد أنّ ردّ الحزب غيرُ مسبوقٍ، وعدم الردّ من الجيش الإسرائيليّ، يؤكِّد أنّ قوّة الردع الإسرائيليّة انتهت، وأن حزب الله منذ ال 8 من أكتوبر أدخل إسرائيل في حرب استنزاف لا تبدو أن لها نهاية. وأضاف :"أن الحديث عن النصر والنصر المطلق"، ما هي إلا أكاذيب ونتنياهو يعرف الحقيقة.
أما الجنرال احتياط العقيد اسحق بريك، وهو من المقربين لصناع القرار، فيقول أنّ الحرب على غزة ولبنان تذكّرنا بالحرب العالمية الأولى حين قفز الجنود من الخنادق وركضوا مكشوفين وأجسادهم عرضة لنيران قاذفات اللهب القاتلة ورصاص البنادق، وسقطوا جماعات. وفي مقال مطول في جريدة "معاريف" العبرية نشر الجمعة 14/6/2024، يصف بريك قادة اسرائيل، نتنياهو وغالانت وهليفي ب"المستبدين الذين يريدون فرض افكارهم ورغباتهم على الغير، وهؤلاء لو كانوا في دولة ديمقراطية لكان مصيرهم السجن".
أمّا نائب قائد المنطقة الشماليّة، الجنرال إسحاق غرشون، فقد قال في مقالٍ نشره الجمعة في موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ :"خدمت في منصبي منذ بداية الحرب في أكتوبر وحتى اليوم على الجبهة الشماليّة. إسرائيل تركض بشكلٍ هائجٍ نحو المجهول، ورأسها سيصطدم حتمًا بالحائط"، لافتًا إلى أنّه "من الناحية الاستراتيجيّة ما زالت دولة الاحتلال في ارتباكٍ شديدٍ وخطيرٍ". وأضاف: "يتحتّم علينا وقف الحرب في الشمال والجنوب فورًا وإعادة التفكير من جديد، والاستعداد للحرب الإقليمية الشاملة حسب قوله.
وقال اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي يفتاح رون طال: "إن حزب الله أنشأ منطقة أمنية داخل البلاد، فبدلًا من أن تكون في جنوب لبنان هي الآن في شمال إسرائيل، نحن نخسر الجليل، معظم الناس لن يعودوا".
صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قالت أنَّ "إسرائيل واقعة في أخطر خطر وجودي لها منذ تأسيسها عام 1948".
وفي إشارة إلى سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قالت الصحيفة: إن "البيبية" (نسبة الى بيبي نتنياهو) بكتيريا مفترسة تأتي على كل ما هو جيّد، فهي آلة سموم، فككتنا من الداخل، وحولت إسرائيل من مجتمع متكتل، إلى سفينة تبحر نحو جبل الجليد".
هذه التصريحات والآراء والتحليلات التي تصدر عن قادة وخبراء إسرائيليين تعكس حالة التخبط والإرباك التي تعيشها إسرائيل، وعدم القدرة على خوض حرب شاملة على الجبهة الشمالية، لنقص في عنصرها البشري، وتآكل في معنويات جنودها وتراجع دافعيته نحو القتال، وتفكك في مؤسستيها العسكرية والأمنية، ولذلك ستبقى الحرب على الجبهة الشمالية في إطار الرد والرد على الرد بعيداً عن الحرب الشاملة التي قد تشكل تهديد حقيقي لوجود إسرائيل ، وهذا ما جاء على ألسنة قادتها وخبرائها ومحلليها العسكريين والأمنيين وصناع الرأي.
قالت صحيفة معاريف: إن "البيبية" (نسبة الى بيبي نتنياهو) بكتيريا مفترسة تأتي على كل ما هو جيّد، فهي آلة سموم، فككتنا من الداخل، وحولت إسرائيل من مجتمع متكتل، إلى سفينة تبحر نحو جبل الجليد"