أحدث تقرير رئيسة لجنة التحقيق المعنية بأرض فسطين المحتلة نافي بيلاي، على هامش الدورة 56 للمجلس الأممي لحقوق الإنسان بجنيف يوم الثلاثاء 18 يونيو 2024، حالة من التقدير الفلسطيني العام، لما تضمنه من فضح تفصيلي لمسار جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تنفذها دولة الفاشية اليهودية ضد الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة والضفة الغربية، ضمن ربط غاب كثيرا عن تقارير سابقة لمصير أرض دولة فلسطين.
قيمة "تقرير بيلاي" أنه يقدم شهادة من لجنة خاصة، عملت بعيدا عن "الضغط المعتاد" أمريكيا، سيصبح "وثيقة إثبات" للمحكمة الجنائية الدولية، بعد بيان المدعي العام كريم خان، تقرير سيكون قوة فعل لمحاصر دولة الفاشية اليهودية أمام تلك المحكمة الدولية، لن ينفع معها تهديد الكونغرس الأمريكي.
"تقرير بيلاي"، يمكن اعتباره واحدة من "وثائق التاريخ" التي أنصفت الحق الفلسطيني، مقابل تعرية شبه كاملة لدولة الكيان، كما لم يحدث لها منذ قيامها اغتصابا على أرض فلسطين، يجب أن يكون أحد دعائم التعزيز لمعركة الارتقاء بمكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة لتصبح دولة كاملة العضوية، تثبيتا لما لها حقا سياسيا وقانونيا.
"تقرير بيلاي" شرح للعالم، وعلى الهواء مباشرة، بتلخيص مكثف الجريمة الكبرى لدولة العدو وجيشها الفاشي المستحدث طوال ما يقارب الـ 8 أشهر، لتضع البشرية أمام وقائع من جهة غير فلسطينية، ما يمنحها مصداقية لا تهتز ببعض ضجيج من دول عددها أقل من عدد أصابع اليدين، رافقه مناقشات عززت بشكل عميق كل ما نفذته الفاشية اليهودية المعاصرة.
ولكن، مع كل ما في "تقرير بيلاي" من قيمة سياسية مكثفة وعالية جدا لخدمة فلسطين، الشعب والقضية والمستقبل لمطاردة دولة العدو، فهو ألقى الضوء على قضية أخرى لا يجب تجاهلها، كون التقرير سيكون أساس قرار "الجنائية الدولية"، حول اتهام مسلحين من حركة حماس وفصائل أخرى، بالمسؤولية عن "جرائم حرب موجهة عمدا لمدنيين" خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
مسألة يجب أن تثير اهتمام "الرسمية الفلسطينية" أولا، وحركة حماس وتحالفها الفصائلي ممكن شاركوها عملية 7 أكتوبر 2023، بعيدا عن "الفهلوة التقليدية" بنفي عبر بيان أو "خطبة متلفزة"، فتلك شهادة من لجنة أممية مكلفة من جهة تتعرض يوميا لاتهامات من دولة العدو بالانحياز لفلسطين، لذلك ما ورد في التقرير من اتهامات محددة، تتطلب استعدادا محددا واضحا لتبيان الحقيقة الممكنة، خارج المعتاد.
وهنا، المسؤولية الأولى ستكون على عاتق "الرسمية الفلسطينية" بصفتها الممثل في مؤسسات الأمم المتحدة، وحماس والفصائل المتهمة الأخرى تعتبر جزء من "المكون الرسمي"، حسب آخر انتخابات تشريعية حدثت ووفقا لمقولة أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ما يفرض عليها القيام سريعا بالتحضير استباقا لجلسة "المحكمة الجنائية الدولية"، والتي ستعتمده أساسا لما طالبه كريم خان بوضع بعض قيادات حماس على قائمة مجرمي حرب مطاردين، خاصة وأن الرسمية تمتلك خبرة كافية وفرق قانونية يمكنهم التحضير المكثف جدا لما قبل عقد المحكمة حول تلك "الاتهامات".
بالتأكيد، حماس وتحالفها العسكري المتهم بارتكاب جرائم حرب، مطلوب منهم المسارعة بفتح قناة مع الرسمية الفلسطينية لتنسيق الخطوات الضرورية لمواجهة مجريات "التحقيق" قبل صدور قرار الاتهام، خاصة أن الوقت قصير جدا لا يسمح بترف التفكير، وهنا لا مكان لـ "المكابرة السياسية" او الانخداع لمسار مطبلي التحليل الزائف حول شعبية مكانها ليس واقعا ولا حقيقة.
قيادة حماس وتحالفها العسكري، قبل "تقرير بيلاي" شيء وبعده سيكون شيء آخر تماما، فلا مجال للهروب من المواجهة ما قبل القرار، لأن ما بعده سيكون مطاردة قانونية لكل من يرد اسمه في التقرير، وقد يصبح مجالا لـ "ابتزاز سياسي" لمن يطلب "الحماية الفردية" من قرار أممي.
قبل فوات زمن من دم الفلسطيني، لتفتح حركة حماس قناتها مع الرسمية الفلسطينية لوضع عناصر الرد الوطني العام على "تقرير بيلاي"، والذي لا يمكن اتهامه بالتحيز لدولة الكيان، كما كان يحدث سابقا، دون استخفاف ساذج.