لم يكن غريباً ما تم تسريبه من لقاء وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مع حفنة من المستوطنين؛ فجلُ ما قاله حول عمليات الاستيطان والضم التدريجي للضفة الغربية وموافقة نتنياهو عليه هو جزء من خطة الحسم التي تبناها سموتريتش واتفاق الائتلاف الحكومي، حيث يتم تنفيذ جزء منها بصمت عبر مؤسسات الجيش الإسرائيلي وبشراكة مع قادة المستوطنين، والجزء الآخر بعنف المستوطنين في الضفة الغربية، وهي لا تختلف عن سياسات الحكومات الإسرائيلية منذ بدء الاستعمار الاستيطاني الإحلالي قبل حوالي ٥٧ عاما. لكن اليوم يقوم أمراء الاستيطان في الضفة الغربية بشكل علني بتطبيق الاحلام الايديولوجية باستدعاء منطق وتراث توراتي كاستحضار مفهوم المكابيين "الجنود الذين وسعوا دولة يهودا في التاريخ الغابر".
تعتمد المحاولات الحالية لإقامة المملكة كما يريدها سموتريتش عبر ربط معاملات المستوطنات مع الوزارات في إسرائيل وتجاوز وزارة الجيش في إطار عملية الضم في المقابل يرى أمراء في المستوطنات أنه يمكن إقامة مملكة يهودا والسامرة بالأمر الواقع من خلال تولي تعميق تواجد المستوطنين في الإدارة المدنية التي أنشأها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية لتمرير قرارات وسياسات مجالس المستوطنات ناهيك عن إقامة جيش المملكة من عصابات المستوطنين التي تنتشر في الضفة الغربية التي تقوم بترويع الفلسطينيين سواء بتدمير المزروعات والاستيلاء على الأراضي ومصادر رزق المواطنين، ناهيك عن الهجمات المنظمة على البلدات والقرى الفلسطينية وإحراق المركبات والمنازل فيها بشكل منظم. تجدر الملاحظة أنّ عملية تسليح للمستوطنين الواسعة في السنتين الأخيرتين تشبه إلى حد بعيد ما قامت به الوكالة اليهودية بالتعاون مع الانتداب البريطاني قبل إقامة دولة إسرائيل عام ١٩٤٨الأمر الذي يتيح إقامة نواة جيش مملكة يهودا والسامرة في الضفة الغربية.
على ضوء الزيادة في الهجمات الإرهابية التي يشنها المستوطنون ضد البلدات والقرى الفلسطينية، ترى النسبة الأكبر (٤٥٪) من سكان الضفة الغربية أن الوسائل الأكثر فاعلية والأكثر واقعية في الوقت ذاته لمكافحة هذا الإرهاب تتمثل بتشكيل مجموعات مسلحة من قبل سكان المناطق المستهدفة، فيما اختار ٢٧٪ نشر قوات الشرطة الفلسطينية في المناطق المستهدفة، وقالت نسبة من ١٩٪ أنها مع المطالبة باتخاذ الجيش الإسرائيلي إجراءات فاعلة لمنع إرهاب المستوطنين، واختار ٦٪ فقط تشكيل مجموعات غير مسلحة من قبل سكان المناطق المستهدفة. وفقا لنتائج استطلاع الرأي العام الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر حزيران ٢٠٢٤. في المقابل أشار استطلاع خاص بقضايا الأمن أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر حزيران ٢٠١٦ إلى أنّ ٢٩٪ يرغبون بتشكيل لجان دفاع محلية غير مسلحة من سكان القرى والبلدات، و٤٤٪ نشر قوات من الأمن الفلسطيني في القرى والبلدات المستهدفة، و٢٣٪ العودة لانتفاضة مسلحة.
تتشابه الاعتداءات التي تجري في الضفة الغربية مع تلك الأحداث التي جرت ما قبل العام ١٩٤٨ وأدت إلى النكبة الفلسطينية الأمر الذي يزيد من احتمالات تكرارها في الضفة الغربية تحديداً لإقامة مملكة يهودا والسامرة للمستوطنين فيها. هذا الأمر يفسر التغيير في المزاج الشعبي لطرق حماية المواطنين من اعتداءات المستوطنين في ظل الزيادة الملحوظة لاعتداءات المستوطنين؛ وذلك بتفضيل حوالي ثلثي المواطنين الكفاح المسلح لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ما يشي بأن الانفجار الواسع في الضفة بات قاب قوسين أو أدنى.