عناوين متعددة وصفت بها الحرب على غزة والضفة في جولتها الحالية التي بلغت تسعة أشهر، مفتوحة على الزمن.. كان أكثرها تداولاً حربٌ على حماس، وحربٌ من أجل تأمين مستوطنات الغلاف، وحربٌ لاستئصال التهديد الصاروخي الذي وصل في وقت ما وبكثافة مؤثرة إلى العمق الإسرائيلي، أمّا الحرب على الضفة فهي دائمة وليست بحاجة إلى عناوين.
هذه الأوصاف والعناوين هي حقيقية لوصف حالة وليس لتحديد الأهداف الحقيقية للحرب، التي قلّما أشير إليها في الأدبيات الدولية، هي حرب تتعلق أساساً بالضفة. التي ما تزال ليست مجرد مشروع احتلالي بل مشروع سيطرة كاملة بما يتطلبه ذلك من ضم فعلي كامل دون إعلان رسمي.
آخر ما حُرر في هذا الأمر هو توجه الحكومة الإسرائيلية لمد صلاحيات دائرة الآثار الإسرائيلية إلى الضفة، بحيث يصبح كل شبر من أراضي الضفة التي هي في الواقع متحف تاريخي، تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة، إذ يحق لدائرة الآثار أن تستخدم الجيش وأجهزة الأمن في التفتيش عن الأماكن الأثرية غير المكتشفة وما أكثرها في بلادنا، والتنقيب الإضافي عن الآثار الغائرة في باطن الأرض، ومنع الفلسطينيين من امتلاك آثارهم التاريخية ونقل التراث الفلسطيني الخالص والمتوارث على مدى عصور إلى المتاحف الإسرائيلية، كدليل ملفق لأحقية المُحتل بالأرض وما فوقها وما تحتها.
الحرب على غزة قد تتوقف بهدنة أو ترتيبات مؤقتة وربما دائمة، إلا أن الحرب على الضفة وهي الأساس ستظل مستمرة هدفها السيطرة المطلقة والضم.
هل تنجح إسرائيل في ذلك؟ بالتأكيد لا فالفلسطيني يعمّق جذوره في أرضه ويلتصق بها، وإن نجحت إسرائيل في أمر فهو إدامة الصراع دون أمل من جانبها برؤية راية فلسطينية بيضاء، لهذا قال نتنياهو وهو صادق تماماً على غير عادته بأن إسرائيل ستظل واقفة على حد السيف إلى ما لا نهاية.
موضوع مد سلطة الآثار الإسرائيلية للعمل في الضفة، ينبغي أن يُثار بقوة على الصعيد العالمي، السياسي والثقافي، والقضائي، لما يجسده من جريمة حرب هدفها إبادة الجذور مع إبادة البشر والهوية.