في استطلاعات الرأي التي هي صانعة السياسة في إسرائيل، تراجعت شعبية نتنياهو قبل الحرب على غزة، بفعل تآمره على القضاء، ومشروعه لتطويعه كي يخضع لسلطته، بما يوفره ذلك من طوق نجاة له من قضايا الفساد التي ارتكبها وهي الأفدح والأشد فضائحية منذ تأسيس الدولة.
وتراجعت شعبيته كذلك بفعل إدارته للحرب على غزة، وتضحيته بالمحتجزين لدى حماس، ومقامرته بإسرائيل لمصالحه الشخصية.
ولأنه يخوض معركة مصيرية، فقد فرض على إسرائيل أن تنجر معه في جميع تكتيكاته، تارة بالإقناع وغالباً بالتوريط.
السمة الرئيسة لتكتيكات نتنياهو العمل على خطين.. مشاغلة الوسطاء باللعب على الجزئيات، مثل هل يرسل وفوده إلى حيث المحادثات وإن أرسلهم فهل لديهم صلاحيات ولو في نطاق ضيق، وحين توشك المحادثات بفعل ضغوط معينة على التقدم، يوقفها بمذبحة وهذا ما حدث منذ بدأت الحرب وبدأت الوساطة لوقفها.
بعد أن سربت مصادر إسرائيلية أمريكية عن أن تقدماً حدث في بعض الملفات، لم يكتفي نتنياهو بإعلان خطوط حمراء تجعل من النجاح أمراً مستحيلاً بل ارتكب مجزرة كبرى هي في الأساس رسالة للوسطاء بأنه ماضٍ في خططه ولا تراجع عنها لو احترق الكون كله.
تكتيكات نتنياهو لا جديد فيها، مثلما التعامل معها لا جديد فيه، والحرب إذاً مرشحة لمزيد من الوقت.. تعد الآن بالشهور ولا أحد يعرف بالضبط هل ستعد بالسنوات؟