- إذاعة جيش الاحتلال: هجوم إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت
- مصابون بقصف إسرائيلي على مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة
وحدها مجزرة مواصي خان يونس، كافية لتحريك ضمير الإنسان بصرف النظر عن جنسيته وديانته، لكنّها لم تحرّك شيئاً لا من قريبٍ ولا من بعيد.
90 شهيداً، ومئات المصابين في منطقة أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّها آمنة، وبذريعة سخيفة ثبت أنّها كذبة أو مجرّد وهم يستند إلى معلومات غير حقيقية.
فشل آخر لأجهزة الأمن الإسرائيلية، التي تقول إنّ معلوماتها، تقاطعت عند معلومة أنّ قائد كتائب "القسام" محمد الضيف موجود في المكان.
على أربع مراحل، وخلال ساعة ونصف الساعة، قامت الطائرات الحربية بقصف المكان بالصواريخ، ثم باستخدام النيران بالمدفعية والرشّاشات، إلى استهداف طواقم الإسعاف، لضمان تحقيق الهدف ومنع الطواقم الطبية، والإغاثية من الوصول إلى المصابين.
لم تطل لحظة انتشاء بنيامين نتنياهو حين وقف على خبر القصف وهدفه لتعود هيئة البث الإسرائيلية، وتشكّك بخبر اصطياد الضيف.
أما خليل الحيّة نائب رئيس "حماس" في قطاع غزة، فسارع إلى نفي الخبر، وقال مخاطباً نتنياهو: "إنّ الضيف يسمعك ويسخر منك".
المجزرة الرهيبة التي استهدفت خيام النازحين، تبعتها مجزرة أخرى في مخيّم الشاطئ، أوقعت 17 شهيداً، وعدداً من الجرحى، وسبقتها مجازر جماعية ارتكبتها قوات الاحتلال في حي الشجاعية وحي تل الهوى، وكل ذلك خلال وقتٍ قصير.
وكالعادة، انطلقت من عواصم العرب والعالم تصريحات الإدانة والشجب والتحذير، وتوصيف ما حدث بأنّه جريمة حرب.
الأسوأ من بين ردود الفعل، جاء في بيان الرئاسة الفلسطينية الذي حمّل "حماس" المسؤولية عن توفير الذرائع للاحتلال لكي يرتكب ما يرتكب من مجازر.
البيان كان متعجّلاً، وخارجاً عن سياق حرب الإبادة التي تشنّها دولة الاحتلال ضدّ الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة الغربية، خصوصاً بعدما اتضح أنّ الذريعة الإسرائيلية لا تستند إلى الحقيقة.
لقد أجّج البيان الخلاف والصراع والاتهامات بين أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية، لكن الأهمّ هو أنّه يثير تعقيدات جديدة أمام ملف المصالحة، والتوافق الفلسطيني.
بعد 9 أشهر، من حرب الإبادة الجماعية والتجويع التي تستهدف الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة على حدّ سواء، لم تنجح كلّ التدخّلات وآخرها الوساطة الصينية في تقريب وجهات النظر، وإعادة توحيد الفلسطينيين في مواجهة المخطّطات الإسرائيلية الأميركية، الساعية لتصفية القضية الفلسطينية من جذورها.
بالرغم من عمق وجذرية الصراع، يتفاءل الكثيرون بشأن إمكانية التوصّل إلى اتفاق بين الطرفين المتحاربين بينما لا ينجح أحد، ولم ينجح أحد في جسر الهوّة بين طرفي الانقسام الفلسطيني.
في الواقع، فإنّ هذا الشرخ في الوضع الفلسطيني لا يحرم الشعب الفلسطيني من توحيد قواه وتعزيز دوره في مواجهة المخطّطات الإسرائيلية فقط، وإنّما يشكّل غطاءً لتخاذل الموقف العربي، الذي ظلّ يدور حول بيانات الشجب والاستنكار فقط.
إذا كانت مشاهد الشهداء والجرحى، تُدمي القلوب، وتُحرّكها في مختلف أنحاء العالم، وفي الدول الأجنبية أكثر من العربية والإسلامية، فإنّ قلوب العرب قد تحجّرت، حتى أصبحت في غير أماكنها.
العالم كلّه مضطرّب على وقع الحرب الدامية التي تديرها دولة الاحتلال والولايات المتحدة، إلّا الدول العربية والإسلامية، التي لم يبادر أي منها لاتخاذ خطوة واحدة عملية.
شاهدنا مئات الآلاف في أوروبا وأميركا يخرجون إلى الشوارع دون توقّف منذ 9 أشهر، وشاهدنا طلبة الجامعات الأميركية والأوروبية، يقيمون خياماً، وينظّمون احتجاجات ضدّ الحرب، ولم نشاهد أيّاً من هذا في دولة عربية أو إسلامية.
أكاديميّون، حقوقيّون، نشطاء سياسيّون، برلمانيّون، إعلاميّون، رجال أعمال، مدراء شركات، جنرالات سابقون، في مختلف أنحاء العالم، تحرّكوا ولا يزالون يتحرّكون بقوّة، للضغط على جناة ومرتكبي جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، ولا يلمس الإنسان شيئاً من هذا في الدول العربية.
لا بدّ أنّ الناس في البلدان العربية من مختلف المستويات، العليا والشعبية، قد لاحظوا صحوة عند فئات يهودية من طلّاب وأكاديميين، ومؤرّخين في الدول الغربية، لكن هذه الصحوة، ظلّت حبيسة قلوب الجماهير العربية والإسلامية.
بطريقةٍ أو أخرى، يكرّر النظام العربي الرسمي، دوره خلال الحرب التي أدّت إلى قيام دولة الاحتلال العام 1948.
ظلّ النظام العربي يتّهم الفلسطينيين بالتفريط بحقوقهم وبيع أراضيهم، لتبرير تخاذله، ولمواصلة التنصّل من مسؤوليّاته تجاه القضية الفلسطينية.
في هذه الحرب التدميرية والدموية، يقف الشعب الفلسطيني وحيداً صامداً مقاوماً، لينسف كلّ التبريرات، السابقة واللاحقة، وليقدّم كلّ ما لديه، حفاظاً على أرضه وكرامته وحقوقه.
ليس هذا وحسب فإذا كان العرب لم يدركوا بعد أنّ دماء الفلسطينيين التي تُسفك على أرضهم، إنّما هي، أيضاً، جزء من الثمن المدفوع، لحماية الأمّة العربية، ومصالحها وحقوقها وأمنها، إذا لم يُدركوا ذلك بعد فإنّ الزمن كفيل بأن يُنصف الشعب الفلسطيني ومقاومته.
لقد فات الوقت على إمكانية تغيير السياسات، وضاعت صرخات المستنجدين في رمال شواطئ غزّة، لكنّ الحقيقة هي أنّ الشعب الفلسطيني باقٍ على أرضه، صامد رغم غزارة الدماء، ومصمّم على تحرير أرضه.