وأخيراً أنجزت محكمة العدل الدولية ICJ، يوم الجمعة 19-7-2024، رداً قانونياً بمثابة فتوى، استجابة لتوصية الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادرة يوم 30-12-2022، والتي طلبت فيها إعطاء مشورة حول:
العواقب القانونية عن انتهاك المستعمرة الإسرائيلية المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، نتيجة احتلالها طويل الأمد، واستيطانها، وضمها جزئياً أو تدريجياً للأرض الفلسطينية المحتلة، منذ حزيران 1967، بما في ذلك تغيير التركيبة السكانية، عبر فرض الاستيطان والمستوطنين الأجانب، بما فيها مدينة القدس، ومحاولات تغيير طابعها ووضعها.
وكذلك إعطاء المشورة والفتوى القانونية بشأن الوضع القانوني للاحتلال، والتبعات القانونية المترتبة على الدول والأمم المتحدة من هذا الوضع اللاقانوني واللاشرعي.
محكمة العدل الدولية، باعتبارها المؤسسة القضائية للأمم المتحدة، ردت على استفسارات ومطالبة الجمعية العامة بأن "وجود المستعمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني"، وعليها أن تكون ملزمة "بإنهاء وجودها في أسرع وقت ممكن"، وعليها "الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية، وإجلاء جميع المستوطنين"، وعليها أن "تدفع تعويضات عن الأضرار التي سببتها وألحقتها بجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين من الفلسطينيين"، وعلى "جميع الدول أن تكون ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني للمستعمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة"، وعلى جميع "المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة ومؤسساتها، وما ينبثق عنها، أن تكون ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني للاحتلال الإسرائيلي". وأخيراً قالت المحكمة في فتواها ومشورتها القانونية: "ينبغي على الأمم المتحدة، خاصة الجمعية العامة التي طلبت الرأي، ومجلس الأمن، النظر في الطرائق والإجراءات الإضافية اللازمة لوضع حد وفي أسرع وقت ممكن، للوجود غير القانوني للمستعمرة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
النضال الفلسطيني بدا تعددياً، واسع الجبهات، يحظى بالتفهم والتقدير والانحياز، وها هي محكمة العدل الدولية تقدم مشورة قانونية وفتوى شرعية تُزيل أي لبس عن الوجود غير القانوني، وغير الشرعي للمستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين، وهي بذلك تقدم غطاءً لحق الفلسطينيين في النضال ضد الاحتلال، وهو نضال تجيزه القوانين الدولية ذات الصلة، على أن يكون أيضاً شرعياً نقياً خالياً من أية ممارسات فيها شبهة الإرهاب أو المس بالمدنيين، أو أي مظهر من مظاهر العداء العنصري لليهود، فالنضال الفلسطيني الشرعي والقانوني ضد الاحتلال، يقتصر على رفض الاحتلال الإسرائيلي ومناهضته، والتصدي له ومقاومته، بكل الوسائل والأدوات الكفاحية المشروعة، وهو الذي يُجيز ويعمل على توسيع شبكة الانحيازات الإيجابية على المستوى الدولي، ويعمل على توسيع شبكة الأصدقاء وانحيازاتهم الضرورية على المستوى الدولي، ويعمل في نفس الوقت على الإسهام في عزل المستعمرة، وتعريتها أمام المجتمع الدولي ، وإفقادها لأية شرعية أو قوة أو نفوذ تتمتع بها.
الصمود الفلسطيني في قطاع غزة وفي القدس والضفة، وحصيلته بقاء الفلسطينيين كشعب على أرض وطنه، وليس كجالية مسكينة غلبانة تستحق العطف، بل شعب له حقوق وأحلام وتطلعات، مثل كل شعوب الأرض، ويستحق الحرية والكرامة والمساواة والاستقلال على أرض وطنه الذي لا وطن له غيره.
وها هي محكمة العدل الدولية، تُضيف إنجازاً لسلسة التراكمات التي يحققها الشعب الفلسطيني بشكل تدريجي مع الأثمان الباهظة التي يدفعها عبر تضحياته، كما يحصل في قطاع غزة والقدس ومخيمات ومدن وقرى الضفة الفلسطينية، وستتوج بالانتصار مهما طال الوقت، وعظمت الخسائر والتضحيات.
ها هي محكمة العدل الدولية تقدم مشورة قانونية وفتوى شرعية تُزيل أي لبس عن الوجود غير القانوني، وغير الشرعي للمستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين، وهي بذلك تقدم غطاءً لحق الفلسطينيين في النضال ضد الاحتلال.