بداية أقول لم تخل هزائم حروب العرب والمسلمين من أثر الطابور الخامس في العصور الغابرة وكذلك في العصر الحديث.
لم اجد هزيمة للعرب والمسلمين لم يكن فيها خيانة او تقاعس او إنقسام أو تآمر مع الاعداء، وهزيمة حماس آخر حروب العرب والمسلمين ليس لها طعم كما لو هزمناها في انتخابات بتعبير الشعب عن رايه في وضع طبيعي ومستقر، ليس لان تعبير غالبية أهل عزة عن رفضهم لحرب حماس وتحميل الغالبية منهم عتب كبير وحتى كره كبير لما عانوه خلال الحرب المستمرة دون جدوى.
من وجهة نظري، في حرب غزة ليس هناك خيانة او تآمر أو حتى تقاعس، بل هناك انقسام بين الأحزاب وعلى راسهم حماس وفتح وكذلك بين قطاعات الشعب على خلفية الموالاة للحزبين للأسف لم تقراه حماس جيدا في كل حروبها وآخرها حرب الإبادة الحالية لأنها اهملت هذا الجانب في حرب شرسة لغياب عنصر الوحدة الوطنية وهو اهم ركيزة للحرب والصمود ولا نقول للنصر لأن النصر بالتاكيد لا يتحقق في حضور اي انقسام في القيادة او الشعب، وحتى الهزيمة في ظل الوحدة ستكون اقل وطأة على حماس صاحبة قرار الحرب في غياب الوحدة الوطنية.
ما يجري من هزيمة بغض النظر عن المقاومة النوعية التي كبدت الاحتلال خسائر نوعية غير مسبوقة في هذه الحرب إلا أن غياب عنصران مهمان جدا لدخول الحرب الأول التنسيق والمشاركة مع النصف الفلسطيني في ابضفة الغربية، والعنصر الثاني هو غياب العلاقات العربية المطلوبة لحالة الحرب بين حماس والمحيط العربي، فحماس لم تكن على علاقة جيدة مع العرب ولم تكن في علاقة جيدة أيضا مع أكثر من نصف الشعب الفلسطيني قبل الحرب ولا بعدها، وقلناها سابقا ومبكرا إن من اهم عناصر تلاشي حماس هي عدم قبول الواقع العربي لحكمها ولوجودها من الاصل كحزب منافس في الخارطة العربية، ولذلك كانت حماس تنتحر بالحرب رغم قوتها. وتصوري لو كانت الحرب في وجود وحدة وطنية فلسطينية لإختلفت مواقف العرب.
هذا الدمار غير المسبوق لقطاع غزة وسكانه ولكي لا يقول أحد بان نظام رام الله ليس افضل من حكم حماس، فنحن هنا لا نتحدث عن الحكم بل نتحدث عن أهم عناصر الارتكاز لاي شعب يخوض حرب وهي الوحدة الوطنية والعمق العربي المساند،
ونظام الحكم يمكن تغييره في اي وقت، ولكن غياب الوحدة الوطنية في الحرب هي مؤشر مبكر على الهزيمة، وغياب تلك الوحدة هي ليست خطا بل خطيئة.
في نهاية الفكرة التي يجب أن تنتبه لها حماس في غياب الوحدة الوطنية والظهير العربي بعد قرابة العام من الحرب فإن استمرار الحرب أصبح مكلفا لاهل غزة كلفة باهظة فوق التصور ولذلك لن يٌحرَز نصرا ولن يغير المعادلة تدخل حزب الله أو تدخل الحوثيين من قريب او بعيد ، وافرجوا عن المختطفين لتقف الحرب والحفاظ على ما تبقى من أحياء من شعب غزة.