- 10 شهداء في قصف مدفعي لحي البركة بمدينة بيت لاهيا شمال غزة
كان مفارقة سياسية أن ينتهي لقاء الفصائل الفلسطينية في بكين، دون تحديد ما يجب أن يكون في اليوم التالي للحرب على قطاع غزة، والاكتفاء بكلمات أنها "شان داخلي فلسطيني" ليست سوى "كذبة ناطقة"، فهي بمجملها لا تملك ما تقول سوى لغة التعميم الجهولة.
موضوعيا، أكد مسار صفقات التبادل منذ الأولى في نوفمبر 2023، فرض "الوصاية التفاوضية" دون إعلان رسمي، وبموافقة من حركة حماس، التي حاولت التغطية على ذلك بذريعة "الحضور غير المباشر"، والمشاركة "الهاتفية"، فيما كان لها لو انطلقت من رؤية مختلفة، بالعمل على عرض فكرة "وفد فلسطيني" بقيادة الرسمية وبمشاركة خبراء يمكن لها أن تكون ضمنهم، لقطع الطريق على مبدأ "الوصي التفاوضي".
لعل قيادة "حماس" وقعت في خديعة بعض الأطراف، عندما نفخت في سورها، وبأنها باتت "الأحق التمثيلي" فذهبت في خيار "قبول الوصي التفاوضي"، على ان تقبل المفاوض الفلسطيني الرسمي، وتلك كانت مقدمة "الخطيئة السياسية الكبرى"، والتي أصبحت شرطا من شروط "اليوم التالي" لحرب غزة.
وتدقيقا في مختلف رؤى دولة العدو حول "صفقات التبادل" و"وقف إطلاق النار"، خلوها من حيث الأصل من تعبير "وقف الحرب ونهايتها"، فيما يتم التركيز على استمرارها، مع تعزيز فرضة تقسيم قطاع غزة والسيطرة الاحتلالية على محوري صلاح الدين (فيلادلفيا) ومحور وسط قطاع غزة "نتساريم"، وخلفهما المنطقة العازلة، ولم يعد مقترح بايدن الذي أصبح قرار مجلس الأمن 2735، هو الأصل بل تعديلات رئيس حكومة العدو الفاشي نتنياهو، التي فرضت ذاتها قاعدة الانطلاق مفاوضات تالية.
عدم رؤية الخيط الرابط بين غياب الطرف الفلسطيني على طاولة التفاوض، والاكتفاء بها بالمراسلة سجل بدايات التخلي عن "شراكة التقرير"، ومنحت إشارة سياسية بالقبول بنتائج يفرضها مسار الأحداث، وليس موقف وطني فلسطيني، الذي غاب كليا.
خلال الـ 296 يوما، إلى جانب الإبادة الجماعية لقطاع غزة، بشرا وحجرا"، كانت عملية إبادة سياسية للممثل الفلسطيني، بعيدا عن "نوايا هذا الطرف أو ذاك"، لكن الواقع أنتج تلك "الإبادة" التي نتجت عن "عقلية فئوية" أصابها "غرور بعد عمليات نفخ مدفوعة الثمن المسبق" من أطراف لها مصلحة مباشرة في طمس التمثيل الفلسطيني، أي كان مسماه، فلعبت على معادلة لم تختف منذ يوم 7 أكتوبر 2023، بداية أم النكبات المعاصرة، "حماس قادمة وسلطة راحلة"..وهنا كان الفخ الكبير.
مشهد اليوم التالي لحرب قطاع غزة أصبح واضحا تماما، أن "المظلة الحاكمة" تنطلق من "وصاية سياسية عربية دولية"، تكون مرجعية الحكم الانفصالي الجديد لفترة انتقالية غير محددة الزمن، وبرؤية خاصة بالقطاع بمعزل كليا عن الضفة والقدس، ما يضع حجر أساس إزالة مشروع الكيانية الموحد الأول الذي وضع حجر أساسه الخالد ياسر عرفات مايو 1994، وفقا لاتفاق "إعلان المبادئ" – أوسلو 1993، استندت له محكمة العدل الدولية لتحديد هوية الضفة والقدس وقطاع غزة بأنها أرض فلسطينية موحدة الولاية.
مبدأ وحدة الولاية السياسية والجغرافية للضفة والقدس وقطاع غزة، أصبح هو الهدف المركزي من مفاوضات ما يسمى "صفقات التبادل"، وما يرتبط بها من مشاريع تطل برأسها تحت مسميات مختلفة، مستغلة "ذاتية حماس" وانخداعها بأن باتت "القوة المقررة" فلسطينيا، دون أن تدرك ان مستقبلها برمته لن يكون دون جدار الرسمية الفلسطينية.
بدأت أمريكا ودولة الكيان صياغة معادلة "الوصاية السياسية" من بوابة "صفقات التبادل" مجددا، كبديل لقرار محكمة العدل الدولية وقرار الأمم المتحدة حول دولة فلسطين وتعزيز تمثيلها، كمكون من مكونات "الإبادة السياسية" للوطنية الفلسطينية.
هل لا زال في الوقت السياسي بقية لمواجهة المؤامرة السياسية.. ممكن جدا لو قررت حماس الإعلان بأن ملف التفاوض بكامله أصبح في يد الرسمية الفلسطينية، وبلا شروط..بذلك تنقذ ذاتها وطنيا وتكسر مسار مؤامرة غير وطنية.