سبق الثالث من آب/ أغسطس الحالي، أي يوم السبت قبل 3 أيام جهد اعلامي وتعبوي كبير على المستويات الفلسطينية والعربية والعالمية لحشد الدعم لأسرى الحرب وأبناء الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة. وكانت هيئة الاسرى والمحررين والقوى الوطنية والإسلامية وكل التشكيلات والاطر الرسمية والشعبية أقرت برنامجا وطنيا للفعاليات المركزية في المحافظات الفلسطينية وأسبغت عليه عنوان "اليوم الوطني والعالمي لنصرة غزة والأسرى"، وناشدت وطالبت الجماهير الفلسطينية في بيان صدر عنها يوم الخميس الأول من آب/ أغسطس بضرورة واجب المشاركة في هذا اليوم باعتباره واجب وطني وأخلاقي، وهي مسؤولية فردية وجماعية.
كما تم التنسيق بين القوى المذكورة وامتداداتها العربية والعالمية الفلسطينية تحديدا لتوسيع دائرة نصرة غزة وأسرى الحرية، بحيث تتواءم التسمية مع طابع الفعالية، وأعتقد من خلال مشاركتي فيها يوم السبت الماضي في محافظة رام الله والبيرة، كان الحضور والمشاركة الشعبية والسياسية والاجتماعية والإعلامية بالمعايير النسبية جيدة ومعقولة، مقارنة مع فعاليات سابقة، حيث كان الحضور فيها ضعيفا ولا يتناسب مع هول الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية على أبناء الشعب في الوطن عموما وفي قطاع غزة خصوصا ومع اسرى الحرية الابطال، الذين ارتكبت بحقهم إبادة وجرائم حرب غير مسبوقة في سجون العالم الأكثر وحشية، وفاقت ما جرى في سجني غوانتامو وأبو غريب، وبات سجن ومعسكر سدي تيمان علامة فارقة في تاريخ النازية والسادية الصهيونية والعالمية على حد سواء.
وعلى أهمية ما شهده يوم الثالث من آب/ أغسطس في مختلف المحافظات الفلسطينية، وحتى على النطاق العربي والعالمي بالمعايير النسبية الا ان الموضوعية تملي تسجيل بعض الملاحظات والنواقص التي شابت الفعالية، منها أولا اتضح ان اللجنة التحضيرية للفعالية غاب عنها التنظيم الجيد لها، وحصر الاشراف بأحد المنظمين من اللجنة التحضرية فقط؛ ثانيا كان يفترض تشكيل لجنة منظمة للفعالية لضبط إيقاع المسيرات الشعبية التكافلية مع الذات الفلسطينية، وتفاديا لأي ارباكات يمكن أن تنشأ فيها؛ رابعا التأكيد على اقتصار رفع العلم الفلسطيني فقط دون غيره من اعلام ورايات الفصائل، وعدم السماح لحدوث اية اختراقات من هذا الفصيل او تلك الحركة، وهذا لم يحصل للأسف الشديد؛ خامسا لاحظت ان المسيرة في محافظة رام الله والبيرة، كانت منقسمة لقسمين، حيث بدا لأي مراقب ان القسم الخلفي منها يمثل قوى بعينها، ورفعت فيها راية حركة حماس دون غيرها من الفصائل، وحتى في الجزء او القسم الأول أصر أنصار حركة حماس على رفع رايتها من قبل أطفال تابعين لأنصارها، ورغم المناشدات العديدة بحصر الاعلام بالعلم الفلسطيني، الا أن أي من ممثلو الحركة لم يقم بإنزال رايتهم، إمعانا في اختراق الرؤية الوطنية الجامعة، مما أحدث بعض الارباك اساء للطابع الإيجابي للمسيرة؛ سادسا غياب قطاع واسع من الطيف القيادي. رغم وجود العديد من القيادات الوطنية؛ سابعا كان الاجدر ان يقتصر عنوان الفعالية ب"اليوم الوطني" فقط، لإن الصاق الصفة العالمية مع البعد الوطني مبالغ به. وإذا كان ولا بد من إسباغ الطابع العالمي عليها، كان يفترض التنسيق مع قوى عالمية مؤثرة وهامة ليتناسب الاسم مع الفعل؛ ثامنا كنت افترض ان لا تقتصر المسيرة عند حدود دوار المنارة ودوار ياسر عرفات، وانما كان يجب ان تشمل مناطق أوسع وصولا لنقطة التماس مع مستعمرة بيت ايل لإيصال الرسالة للإسرائيليين والأميركيين وأضرابهم.
مع ذلك يفترض ان يبنى على الإيجابيات التي عكستها المسيرة، والمراكمة عليها، واستخلاص دروسها وعبرها للاستفادة منها في الفعاليات القادمة. لا سيما وان الإبادة الجماعية مازالت تطحن أبناء الشعب في قطاع غزة وأيضا في الضفة الفلسطينية وأسرى الحرية للشهر الحادي عشر، وتصر حكومة الائتلاف الحاكم الصهيونية النازية ومن خلفها الولايات المتحدة وحلفائهم على استباحة الدم والأرض والمصالح والحقوق الوطنية العليا في مختلف ميادين الحياة، وتعمل بخطى حثيثة على تبديد الكيانية الفلسطينية بالوسائل والجرائم والانتهاكات كافة.
وهذا يتطلب تصعيد اشكال ووسائل الكفاح كافة وفق قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها شكل النضال السلمي بهدف التصدي لتغول العدو الصهيو أميركي.