- إسعاف الاحتلال: 11 مصابا في الطيرة جراء سقوط صاروخ أطلق من لبنان
- آليات الاحتلال تطلق نيرانها شرق حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة
قد يتناسى البعض، وخاصة الأكثر بربرة حول "المقاومة" و"الجهاد"، أن أخطر عملية اختراق للوعي العربي قدمتها قناة عربية انطلقت في الأول من نوفمبر 1996 (يوم قبل ذكرى وعد بلفور)، عندما فتحت الباب لاستضافة ممثلي دولة الكيان خلال شاشتها تحت بند "الرأي الآخر"، وتلك كانت سابقة تاريخية في العالم العربي لكسر أحد المحظورات الرئيسية في الثقافة.
وكي تخفي ذلك الخرق الكبير، فتحت الباب لنشر ما يراه البعض محظورا، لتكتسب شعبية قاربت ما كان للإذاعة البريطانية، والتي كانت أحد أهم مصدر إخباري للغالبية، يثق الكثيرون بها رغم معرفتهم بأنها صوت المستعمرين والغزاة الإنجليز، لكن "قالت لندن" كانت العبارة الأشهر، والتي أقيمت بأدوات القناة البريطانية بل وبعض موظفيها.
فرضت القناة منطقها الإعلامي لاحقا على غالبية القنوات الإعلامية الإخبارية، التي تأسست لاحقا، تحت ضغط شهرة سريعة، استفادت جدا من عوامل "الكبت المعلوماتي" الرسمي في الدول العربية، ومن أدوات الجماعة الإخوانية وشبكاتها الخاصة، بل وظفت جزء رئيسي منهم خاصة بعد انطلاق المشروع الأمريكي لتدمير الشرق الأوسط 2011، بعدما شاركت في تعزيز الانقلاب الحمساوي يونيو 2007، لتعود المقولة الأشهر للإذاعة الاستعمارية "قالت..." فتصبح وكأنها حق وحقيقة.
منطق فتح الباب لممثلي دولة الفاشية اليهودية إعلاميا، بات وكأنه أحد "الثوابت" دون تفسير حقيقي، وفقط لتبدو "موضوعية" في نقل الموقف، متجاهلة بشكل مطلق أصل الحكاية، بأن هؤلاء ليسوا "رأيا آخر" بل ممثلي لمرتكبي أوسع حرب إبادة جماعية في العصر الحديث، وتجسيد معاصر للفاشية التي قادت الحرب العالمية الثانية، إلى جانب أنهم ممثلي دولة تهويد واغتصاب واحتلال شعب.
المسارعة لفتح باب القنوات الإعلامية العربية متعددة الهويات والأسماء لوجود ممثلي الفاشية اليهودية، ومرتكبي جرائم الإبادة الجماعية ضد فلسطين، شكل من أشكال "الشراكة مع العدو" وترويجا لروايته الكاذبة التي تنطلق من قاعدة إزالة هوية شعب.
وكي لا يخرج بعضهم، المصاب بعقدة "الدونية الفكرية" للدفاع عما يفعلون خدمة لعدو، ليدققوا جميعا كيف أن حكومة الفاشية المعاصرة، تلاحق كل شخص يهودي أو فلسطيني يقوم بكتابة تعليق أو موقف مما حدث يوم 7 أكتوبر 2023 مخالف للرواية الرسمية، وليس بعيدا ما أقدمت عليه حكومة نتنياهو في شهر أبريل 2024 باعتقال البروفيسور نادرة شلهوب، أستاذة جامعية وتحمل أيضا جنسية أمريكية، تم القبض عليها بعد تعليق رافض لحرب الإبادة الجامعة، وتم تعليق عملها في الجامعة العبرية، قبل التراجع عنه.
مثال وهناك عشرات مماثلة لهذا المثال، ومنهم اليهودي عوفر كسيف، الذي تعرض لأوسع عملية ترهيب رغم أنه عضو في كنيست دولتهم، كان لتلك الأمثلة أن تفرض طريقة تفكير جديدة لوسائل الإعلام العربي، لمقاطعة كل من هو ممثل فكرا وسياسة لدولة الفاشية اليهودية، الذي يشكل وجودهم على شاشاتها خدمة كبرى تقدمها لرواية الغزو والإبادة.
ولو كان أمرهم مصاب برأي يهودي، لتفتح الأبواب أمام كل من هم أعداء الصهيونية من اليهود في دولة الكيان أو غيرها، تعزيزا لمحاصرة "الفاشيين الجدد"، والطغمة الحاكمة بقيادة نتنياهو – بن غفير – سموتريتش.
واستطرادا، هل تسمح وسائل الإعلام العبرية، رسمية أم غيرها، باستضافة ممثلي حركة حماس أو الجهاد أو أي فصيل فلسطيني آخر يدافع عن رواية 7 أكتوبر 2023، باعتبارها الذريعة المستخدمة لتبرير جرائم الإبادة الجماعية...لو كان الأمر رأيا آخر ليكن مستقيم إلى نهايته، وليكن الأمر متحدث بمتحدث في سياق "الموضوعية" الإعلامية.
فتح الباب في القنوات العربية لممثلي الفاشية المعاصرة، لا علاقة له برأي آخر، فالعدو ومواقفه ليس رأيا، لكنه رأي ترويجي لتطبيع ثقافي كان الإعلام قبل 1996 جدارا عاليا أمام ذلك الاختراق الأخطر.
وهنا سؤال عالماشي: هل يمكن أن تعلن القنوات العربية كافة، مقاطعة ممثلي دولة الفاشية اليهودية لمدة يوم واحد تضامنا مع فلسطين..الشعب والقضية...وتضع على شاشتها شعارا بذلك..هل ذلك صعب؟!