- صافرات إنذار تدوي في هرتسيليا ومحيطها شمال تل أبيب
- قوات الاحتلال معززة بجرافة عسكرية تقتحم بلدة طمون جنوب طوباس
ربما لم تكن الولايات المتحدة واضحة في موقفها السياسي تجاه الحرب العدوانية على قطاع غزة، وضوح تصريحات وزير خارجيتها بلينكن، خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة، في جولته على دولة الكيان ومصر وقطر، وتجاهل كامل للأردن وفلسطين.
الولايات المتحدة استخدمت كل جبروتها لمنع قرار مجلس الأمن يعيد قطاع غزة لما كان عليه ما قبل 7 أكتوبر 2023، وبمحددات خاصة، انتزعت لاحقا قرارا برقم 2735 من المجلس، يستند إلى عمليات انسحابات تدريجية ضمن وقت زمني غير محدد، ويمنح دولة الاحتلال حق العمل العسكري وفقا لتقديراتها، مع غياب آلية وزمن الخروج من معبر رفح ومحور فيلادلفيا.
ولكن، وبكل استخفاف سياسي، استخدمت أمريكا القوة العسكرية لدولة الاحتلال لتحاول فرض معادلة جديدة في قطاع غزة، وتكسر جوهر قرار مجلس الأمن، نحو صياغة رؤية تستند جوهريا إلى "رؤية حكومة نتنياهو"، مع تعابير لغوية مختلفة، لخصتها جملة بلينكن من قطر بصوته، خلال تصريحات متلفزة كي لا يقال إنها "فهمت خطأ"، بأن إسرائيل يمكنها احتلال قطاع غزة لفترة مؤقتة.
التصريح الأمريكي، كان كافيا للأشقاء في مصر وقطر، إعلان وقف كل تواصل حول اليوم التالي مع الأمريكان، أي كانت النوايا السياسية الباحثة عن هدف "وقف الموت الإنساني"، وهي مهمة لا سماع لها أبدا في دولة الفاشية اليهودية، ولا تزال ترتكب المجازر مع كل جولة لما يقال عنها "مباحثات التهدئة".
قد يبدو أن ذلك قرارا لا يستجيب لحاجة أهل قطاع غزة بالبحث عن سبل وقف الحرب العدوانية، بكل ما يرافقها من إبادة جماعية للروح البشرية ومعالم البقاء، منازل وبيوت، رغم أن حكومة نتنياهو بن غفير سموتريتش لم تتأثر يوما بتلك الرغبة الإنسانية، بل زادت من حجم الموت والتدمير العام في قطاع غزة، بالتوازي مع قاطرة التهويد السريعة في الضفة والقدس والمساس بمكانة المسجد الأقصى وساحة البراق، ودخولها مرحلة جديدة من أشكال الضم التي كانت عالقة في زمن سابق.
إعلان الأشقاء في مصر وقطر، وقف كل اتصال مع دولة الاحتلال وحكومتها، دون العودة للالتزام الصريح بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2734 يونيو 2024، مع جدول زمني محدد، سينقل المعركة التفاوضية نحو مكان آخر، وقلب الاستخدام من حكومة العدو لممارسة التضليل، و"الخداع"، إلى مواجهة "الضغط الداخلي التي يتنامى بسرعة كبيرة، ليس من أسر الرهائن الأسيرة في قطاع غزة، بل اتساع حركة المعارضة لوجود هذا التحالف الفاشي، ولا ضرورة لاستخدام استطلاعات الرأي، فيكفي مراقبة المظاهرات الأسبوعية دليلا سياسيا.
مع وقف الاتصال مع الحكومة الفاشية في دولة الكيان، تعليق كل حركة تواصل مع الولايات المتحدة، أيضا، التي مارست أكبر عملية تضليل ليس للأطراف العربية التي تتولى ملف التفاوض حول اتفاق التهدئة، لكنها عملت على استخدام قرار مجلس الأمن، لشرعنة إعادة احتلال قطاع غزة لزمن غير معلوم، وفقا لتصريحات وزير خارجيتها بلينكن.
اسقاط الغطاء العربي للحركة التضليلية الأمريكية عالميا، سيضعها أمام حركة ضغط جديدة في الأمم المتحدة، وأمام واقع شعبي أمريكي متحرك، خاصة في فترة الانتخابات، إلى جانب كشفها أمام الوضع الداخلي في الكيان، بأنها شريك مباشر في استمرار احتجاز الرهائن وارسالهم إلى الموت.
إعلان وقف التواصل مع الولايات المتحدة ودولة الكيان حول "اتفاق التهدئة" إلى حين الالتزام الكامل بنص قرار مجلس الأمن، يتطلب عقد "لقاء خماسي" تشارك به، مصر، فلسطين، السعودية، الأردن وقطر، لتحديد المسار القادم، والتفكير باتخاذ إجراءات عملية يكون لها تأثر مباشر على أمريكا ودولة العدو، ومنها:
فتح مسار مع الاتحاد الأوروبي ودول عدم الانحياز والصين وروسيا، لتشكيل آلية عمل جديدة، مستندة إلى القرار الأممي، وكسر "الطوق الأمريكي" المحتكر لمنع الحراك والذاهب لتكريس الاحتلال.
تقديم آلية عمل لكيفية الاستفادة من تطبيق "عناصر القوة الناعمة" في البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
الاستفادة من القوة الاقتصادية العربية، وخاصة في ظل أزمة عالمية ومنها النفط.
رسائل إلى بعض الدول التي تؤيد الحرب العدوانية بكل وقاحة باتخاذ خطوات ضدها، ومنها الأرجنتين.
إعادة تفعيل حراك رفع مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة.
العمل على البدء بتنفيذ قرارات قمة المنامة العربية 16 مايو 2024.
قيمة إعلان وقف الاتصالات مع أمريكا والكيان، وفتح مسار سياسي جديد من دول تمثل القوة المركزية دوليا، يمثل عودة لقوة الموقف الرسمي العربي، ورسالة تأكيد أن الميزان العالمي يتطلب "شراكة حقيقية" في تحديد الترتيبات القادمة، وقطع الطريق على تحالف باطني بين بلاد فارس والولايات المتحدة لحسابات مختلفة.
رسالة الخماسي العربي للولايات المتحدة ودولة الكيان، ستكون الخطوة الأهم في المرحلة القادمة، وستعيد رسم ملامح خريطة سياسية جديدة للحضور العربي وقرارته، دون ذلك ما سيكون ليس أكثر من "شرعنة" احتلال وفصل وتهويد.