- إصابتان في استهداف طائرة مسيّرة (كواد كابتر) مواطنين بمنطقة الزنة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة
لم يكن مجهولا أبدا، أن الولايات المتحدة كانت شريكة في الحرب العدوانية على قطاع غزة، التي انطلقت في أكتوبر 2023، بما يشمل الاستعداد المبكر لها، وفقا لما كشفته وسائل إعلام عبرية حول زيارة وزير جيش العدو الاحلالي يوآف غالانت إلى واشنطن قبل ذلك بأيام.
وبعدها، سارع وزير خارجية أمريكا الوصول إلى تل أبيب خلال 48 ساعة بعد 7 أكتوبر، وقبل وصول الرئيس بايدن، واللذان شاركا في المجلس الحربي لبدء العدوان الموسع ضد قطاع غزة، مع توفير دعم مالي بقيمة 6 مليار دولار فورية، لم تنتظر أي موافقة من جهات رقابية وقرار في واشنطن، إلى جانب تحرك القوات البحرية إلى حيفا ثم البحر الأحمر.
وقائع عدة ومؤشرات ساطعة، بأن أمريكا هي القائد الحقيقي للحرب العدوانية "الجديدة" التي بدأت في قطاع غزة، في ظل تطورات هددت وجودها "الاستراتيجي التاريخي" في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج، فكان لا بد لها من حدث يساهم في "تطوير" اندفاعها العسكري نحو المنطقة، م عززته عبر تهيئة المناخ باستغلال "الحدث العسكري لبلاد فارس" في أبريل 2024 ردا على "الإهانة الأمنية" التي وجهتها دولة الكيان بقصف مقر ديبلوماسي في دمشق واغتالت قيادات عسكرية متقدمة.
في أخر أيام شهر أغسطس 2024، بشكل مفاجئ، حضر رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية تشارلز براون لزيارة الكيان ودول أخرى، مع بروز "حدث عسكري جديد" نفذه حزب الله اللبناني بعد اغتيال أبرز قادته العسكريين في الضاحية الجنوبية ببيروت، كي لا يخرج المشهد العام عن السيطرة المفترضة، وبعد "الحدث" بساعات أعلن براون أن الأمر انتهى، ولن تذهب الأمور نحو حرب موسعة، في إشارة لعدم تدخل طهران.
ما سبق ربما لا يحمل "جديدا معرفيا" في سياق التطورات الجارية منذ أكتوبر الماضي، لكن المفاجأة الحقيقية "العلنية"، والتي يمكن وضعها في إطار خاص جدا، هي تصريحات رئيس أركان الجيوش الأمريكية براون، عندما قام بتوبيخ علني لجيش الاحتلال وطريقة إدارته الحرب في قطاع غزة، منتقدا عمليات "الانسحاب من مناطق" بعد دخولها، ما يسمح بعودة المسلحين الفلسطينيين، مشددا على ضرورة الدخول والبقاء، "ليس عليك فقط الدخول فعلياً والقضاء على أي خصم تواجهه، بل عليك الدخول والسيطرة على المنطقة ثم عليك تحقيق الاستقرار فيها"، مشيرا في لقاء مع صحيفة بوليتيكو الأمريكية إلى " أنهم يتنازلون عن الأرض لعودة "حماس".
أقوال براون، لا تحتاج أبدا لتفسير وتوضيح وتعديل، فـ"القائد الأعلى" أوضح للأداة التنفيذية ما قامت به من "خطايا عسكرية"، ولذا يمنعهم مرة أخرى من مغادرة أي أرض في قطاع غزة يدخلونها، والبقاء لقطع الطريق على عودة "المسلحين" وكذا "سلطة حماس".
تصريحات براون رسالة سياسية جدا، بأن المشروع الأمريكي نحو قطاع غزة هو أبعد من "مشروع دولة الكيان"، تريد استخدام وجود جيش الاحتلال ليصبح "حكم عسكري حقيقي" يفتح الباب لتشكيل "إدارة مدنية فلسطينية" لمستقبل "جديد"، وبما يتوافق مع الخطة الأمريكية التي تحاصر قيام دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012 وما حدث من تعزيز له في مايو 2024، وانتشار الوجود الإقليمي لها.
تصريحات براون لاستدامة احتلال قطاع غزة، يفضح تماما الخطة الأمريكية أو مشروعها لـ "صفقة التهدئة والتبادل" باعتبارها تستخدم كجزء من رؤية الفصل الانتقالي بين قطاع غزة والضفة والقدس، وتكريس واقع سياسي تعتقد أنه سيتم فرضه بالقوة العسكرية من خلال حرب إبادة تدميرية في قطاع غزة.
كان متوقع أن تقف الرسمية الفلسطينية، قبل حماس وتحالفها، أمام تصريحات بروان الرامية إلى "إعادة احتلال قطاع غزة"، وبناء حكم عسكري بإدارة مدنية، لفصلها عن الضفة الغربية، خاصة وأن الولايات المتحدة بدأت في التحضير العملي لـ اليوم التالي" لحرب غزة، ليس في القطاع فحسب، بل في الضفة والقدس بفتح الباب أمام تطورات تهويديه واسعة، مع اندفاعة عسكرية استيطانية واسعة، وتهويد البراق والأقصى.
أقوال الجنرال الأمريكي براون عن "إعادة احتلال قطاع غزة"، تشكل قاطرة عملية لدفع المشروع التهويدي العام ومحاصرة دولة فلسطين المنطلقة، ما يجب مقاومتها فعلا وليس قولا، ورفض وجود أمريكا "وسيطا" في صفقة التبادل والتهدئة، ما لم تعتذر عن تلك الأقوال وتسحبها من سجل التداول السياسي.