لا تستطيع إلا أن تحترم السيد حسن نصر الله على دفاعه المستميت عما يؤمن به وصراحته في تحديد الأولويات وهذا ما تبدى في خطابه يوم الأحد حول ما جرى من رد على اغتيال فؤاد شُكر ورد إسرائيل على الرد، حيث كان واضحاً في انتمائه المذهبي الشيعي واللبناني الذي له الأولوية، وكل ما عداه مجرد أدوات لخدمته.
فقد بدأ كلمته بالتذكير بأن اليوم هي ذكرى أربعينية الحسين أبا عبد الله وتوجه بالسلام عليه وعلى على ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وأصحاب الحسين وتكلم عن الحج إلى كربلاء وزوارها الذين يفوق عددهم 21 مليون وعظمة المشهد رابطاً بين كربلاء وما يجري في فلسطين !!ثم تحدث عن إيران وجبهات الإسناد في إيران العراق واليمن ودورها، وبعد ذلك تحدث عن لبنان وما جرى يوم الأحد.
كان السيد حسن نصرالله واضحاً في التزامه بقواعد الاشتباك وبالهدف منها ولم يقل إن حزب الله يهدف لتحرير فلسطين ولا حتى تحرير قطاع غزة بل قال إنه والمحور الشيعي جبهة إسناد للمقاومة وأن العملية التي جرت يوم الأحد كانت ردا على العملية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت وأدت إلى مقتل شُكر، وقال إن حزب الله لا يستهدف المدنيين الإسرائيليين ولا البنية التحتية بل فقط مواقع عسكرية حتى لا ترد إسرائيل باستهداف المدنيين والبنية التحتية في لبنان متجاهلاً أن هناك أكثر من أربعين ألف شهيد في القطاع وأضعافهم من المفقودين والجرحى وأغلبهم من المدنيين كما لم يتطرق للقدس والمسجد الأقصى والاستيطان ،وقال إن جولة الحرب قد انتهت وطلب من اللبنانيين أن يعودوا لحياتهم العادية ومنذ بداية حرب الإبادة قال ومعه محور المقاومة إن الحرب على الجبهة الشمالية ستتوقف في حالة الوصول لاتفاقية وقف الحرب على غزة!
سأحاول توضيح بعض الأمور ليس بقصد الإساءة لحزب الله أو فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ولكن حتى نضع الأمور في نصابها ولا يستمر البعض بالمراهنة حالياً على مدد خارجي لتحرير فلسطين وحتى تحرير قطاع غزة أو عودة الأمور فيه إلى ما كانت عليه يوم 7 أكتوبر.
إذا كان حزب الله لا يستهدف مدنيين اسرائيليين ولا بنية تحتية إسرائيلية حرصاً على لبنان وشعبه أليس من المطلوب من الفصائل الفلسطينية المقاتلة وغير المقاتلة ومن منظمة التحرير التفكير باستراتيجية وطنية لمقاومة متعددة المسارات والأدوات في كل أماكن التواجد الفلسطيني بدلاً من الأنفاق والصواريخ العبثية والعمياء التي لا تلحق ضرراً ولا تصيب مقتلاً بالعدو بل يوظفها للزعم إنه بعدوانه وحربه المدمرة يدافع عن نفسه في مواجهة صواريخ فلسطينية تستهدف مدنيين وبنية تحتية إسرائيلية؟
وبعد أن أصبحت واضحة حدود دعم واسناد محور المقاومة وابتعدت احتمالات الحرب الإقليمية أو الشاملة، وبعد أن سجل كل من أطراف محور المقاومة الأربعة ايران وحزب الله والحوثي وشيعة العراق وكذلك الإسرائيليون نقاط لصالحه أو عليه دون أن يؤثر ذلك على مجريات حرب الإبادة بل أبعدت الأنظار نسبيا عن حرب غزة لصالح الجبهة الشمالية ومع مزاعم إسرائيل بأنها تحارب ايران وليس فقط الفصائل الفلسطينية بل أيضا تبرر توسيع هجومها وعدوانها للضفة كما يجري منذ أمس بأنه لاستهداف خلايا تابعة لإيران، أليس من الأجدى أن تبحث فصائل المقاومة المسلحة عن دعم واسناد من داخل الساحة الفلسطينية ومن داخل المعسكر السني الذي تناصبه ايران العداء، والبحث عن سبب تقاعس هذا المعسكر رسمياً وشعبياً عن نصرة أهل غزة والقضية الوطنية بشكل عام؟
ألا تذكرنا مقولة حزب الله ومحور المقاومة بأنه سيوقف التصعيد إذا وافقت فصائل المقاومة على هدنة ووقف الحرب بما قالته الأنظمة العربية قم بل سنوات نقبل بما تقبل به منظمة التحرير الفلسطينية وهم يعلمون الاختلال الكبير في موازين القوى بين الفلسطينيين والاسرائيليين سواء مع منظمة التحرير أو مع فصائل المقاومة؟ نقول ذلك وندعو للتفكير العقلاني به ليس للوصول لنتيجة تخطئة فصائل المقاومة المسلحة ومحور المقاومة والمراهنة بدلاً من ذلك على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية والمعسكر السني في واقعه الراهن لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه الفصائل المقاتلة بل للبحث والتوافق كما ذكرنا عن وعلى استراتيجية وطنية يشارك فيها الجميع لإنقاذ ما يمكن انقاذه، ولا داع للمكابرة من أحد بالزعم إنه يحقق إنجازات وانتصارات فقط يحتاج إلى مزيد من الوقت والتوقف عن نقد نهجه وسياساته! ونقولها بصراحة إن مزيداً من الوقت في ظل الظروف وموازين القوى والتحالفات الراهنة يعني مزيداً من الدماء الفلسطينية والخراب والدمار لغزة والضفة والقدس ولكل القضية الوطنية.