دون تردد كان يجب على قيادة حماس الرد فور خروج بيان نسب إلى ناطق باسم كتائب القسام، حول "اعدام" الرهائن ردا على موقف لحكومة العدو، لتعتبره كاذب ولا صلة للحركة به، ليس دفاعا عن "رهائن"، بل دفاعا عن قيم الشعب الفلسطيني الثورية، ومنعا لاستغلال كلام ساذج لمطاردة الحركة بتهم مضافة فوق ما عليها وينتظرها، وقطعا لاستغلاله من وزير فاشي مسؤول عن السجون والمعتقلات حيث عشرات آلاف من بني فلسطين يمضون زمنا دفاعا عن وطن.
ولكن، الجبن السياسي كان حاضرا، بعدما حاولت التهرب من النفي والاستنكار بتعابير ضبابية لا تزيل خطيئة سياسية ستبقى في سجلها الطويل، فبدأت تفتح عليها "حربا قضائية" من جهات مختلفة، بدأت من الأمم المتحدة ولن تنتهي بقرار وزارة العدل الأمريكية، بملاحقة 6 من قيادات حماس، بينهم شهداء، ورئيس حماس المنتخب.
بالتأكيد، سيخرج من يدعي أن دولة الكيان ارتكبت مجازر لم تحدث في العصر الحديث، جرائم لا يمكن أن يحتملها "عقل طبيعي"، تزيل كل ملامح الحياة الإنسانية، ولسنوات قادمة شطبت مستقبل ملايين من أبناء فلسطين، لكن الجريمة لا يمكن أن يقابلها جريمة، خاصة من شعب فلسطين الذي كتب في تاريخه الكفاحي الطويل ملامح ستبقى معالم في السجل الإنساني.
أزمة مجانية تم وضعها في طريق بدأ يصبح أكثر تعقيدا، من خلال واحدة من "المناورات المعقدة" في مجرى الحرب على قطاع غزة، عندما تمكن رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، من إبطال مفعول قرار مجلس الأمن (مقترح بايدن) 2735 لوقف إطلاق النار والقيام بصفقة تبادل، نحو الضغط لفرض "صيغة مقترح جديد"، من خلال تعظيم المكانة الاستراتيجية لمحور فيلادلفيا، باعتباره "الخط الأمني المقدس".
ما سيكون، وفقا لتطورات الأزمة السياسية، التي نجح نتنياهو في "ديمومتها" وفقا لما يريد، وفرض منطقه على كل من لا يريد، سيتمثل في قيام الولايات المتحدة الأمريكية التقدم بمقترح جديد، سيضع محور فيلادلفيا أحد عناصره بما يتوافق ورغبة نتنياهو في مرحلة أولى، وترضية الأطراف الأخرى بالخروج في المرحلة الثانية.
مفتاح الصفقة ألأمريكية الجديدة سيبنى على "خدعة كبرى"، لمسألة الانسحاب من محور فيلادلفيا، والتي نجح نتنياهو أن يصنع منها "القضية المركزية" لمسار الحرب في قطاع غزة، بحيث أصبحت قضية إعادة احتلال قطاع غزة، وترسيخ المكانة العسكرية لقوات العدو، تقسيم القطاع بشكل "رسمي"، تعيين حاكم عسكري لفرض "حكم جديد"، والسيطرة الأمنية وكأنها قضايا ثانوية، رغم أن رأس التحالف الفاشي تحدث عنها بوضوح مطلق، لكنها غرقت في رمال المحور.
ما سيكون في المقترح الأمريكي المستحدث، ليس سوى طوق جديد سيتم وضعه على رقبة قيادة حماس، والتي وافقت سابقا على تقديم تنازلات جوهرية دون ضمانات جوهرية، فقبولها المقترح المستحدث يعني نهايتها السياسية وطنيا، قبل نهايتها العسكرية، ورفضها المقترح سيضعها تحت المطاردة الشاملة، تبدأ من أهل قطاع غزة، إلى أن تصل ساحات القضاء الأمريكي والأممي، قد يسرع خطوة المدعي العام للجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال، والتي تشمل قيادات حمساوية.
رفض حماس لمقترح التنازل الكبير المستحدث، وتشريع إعادة احتلال قطاع غزة، لن يكون "رفضا مترفا"، خاصة وأن المقترح سيترافق مع "أنياب أمريكية"، لن تقتصر على البعد الأمني العسكري.
مأزق حماس الكبير سيبدأ في اليوم التالي لتقديم "المقترح الأمريكي" الجديد، رفضا أو قبولا، ما يفرض عليها التفكير المسبق بطريقة لا ترتبط بما كان لها ما قبل..حماس تحتاج انقلابا على انقلابها.