الكوفية:ربما منذ سنوات بعيدة، لم يصدر بيان "وزاري عربي"، يضع ملامح فعل متحرك لمحاصرة دولة العدو الاحلالي، في ظل سباق تطبيعي بأشكال مختلفة، منحها طغيان مضاعف لشن حرب إبادة لا سابق لها في التاريخ الإنساني ضد فلسطين، الشعب..الهوية..الأرض والمشروع عبر مشروع بديل ليس اقصائي فحسب، بل مشروع إلغائي بالكامل.
بيان الوزاري العربي يوم 10 سبتمبر 2024، يمثل "وثيقة سياسية" كسرت ما كان من "بلادة الروتين البلاغي"، التي سادت فيما صدر عن اللقاءات الرسمية العربية، ليس بما جاء فيه نصوصا، بل لما وضعه من "ملامح آليات فعل"، ضد دولة العدو، سياسة وحكومة ومشروع.
"الوزاري العربي" في بيانه الأخير، أعاد الصواب السياسي للرسمية العربية، التي فقدت طريق الحراك الجمعي، رغم بيانات قمة البحرين الأخيرة، ولجنة السداسي العربي، التي حاولت ولكن أصيبت بعطب مفاجئ، بعدما استخفت إدارة بايدن برؤيتها السياسية لليوم التالي لحرب غزة، وبدلا من خوض معركة لتعزيزها، تراجعت للخلف خطوات وليس خطوتان.
الوزاري العربي جسد حراك جديد في عناوين محددة:
- المرة الأولى ما بعد اتفاقات التطبيع، يقرر بدء خطوات تجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بسبب عدم التزامها بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، وتهديدها للأمن والسلم الدوليين.
- حث مجلس الجامعة، المحكمة الجنائية الدولية على المضي قدماً في اتخاذ الإجراء المطلوب منها باستصدار مذكرات اعتقال بحق قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي.
- إدراج قائمة المنظمات والمجموعات الإسرائيلية المتطرفة، على قوائم الإرهاب الوطنية العربية، والإعلان عن قائمة العار للشخصيات الإسرائيلية تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.
- اتخاذ الإجراءات اللازمة لمقاطعة جميع الشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967.
- رفض كامل لمشاريع "البديل الموازي أو المؤقت" للمشروع الوطني الفلسطيني، تمثيلا ومضمونا، مقابل ترسيخ وحدانية الممثل والوحدة الجغرافية لدولة فلسطين، وتلك هزيمة خاصة لجدول "الأعمال الأمريكي والفاشي اليهودي"، والأدوات التي أطلت براسها عبر نفق خنوع واستسلام لرؤية التهويد.
خطوات يمكن اعتبار بعضها "تثويرا" لبيانات الرسمية العربية، وانتقال من حالة "القلق الإنساني"، والتهديد البلاغي"، إلى قاطرة حصار دولة الكيان بشكل شمولي، رغم أنه لم يدعو لتعليق علاقات التطبيع معها، أو سحب السفراء منها، ومنع استخدام المجال الجوي لطائراتها، لكن ما سيكون من فعل يمثل "ضربات سياسية" مؤثرة جدا لمكانة دولة الفاشية.
بالتأكيد، أن تذهب الدول العربية إلى وضع عضوية دولة العدو في الأمم المتحدة ليس إجراءا تنظيميا فحسب، بل عملية سياسية ستحتل نقاش الجمعية العامة لفترة قبل التصويت على القرار، ستكون مناسبة لتعرية دولة الفاشية اليهودية المعاصرة، وانتقال من حالة "التلعثم السياسي" إلى "الهجوم السياسي"، من حالة "التبرير الساذج" إلى "فضح تاريخ الإرهاب اليهودي".
العمل على إعداد "قائمة عار" لشخصيات يهودية استيطانية وإرهابية، ومعها شركات باتت جزء من المشروع الاستيطاني، سيكون نقلة نوعية في المواجهة الشاملة لدولة الكيان، خاصة وأنها ستهدد نتنياهو وغالانت وبن غفير وسموتريتش، وقادة الشاباك، إلى جانب شركات عالمية ستدرك أن دعم "الإرهاب الاستيطاني" سيكون ثمنه لا وجود في المنطقة العربية.
بعيدا عن حملة "التذمر السائدة"، أو "التشكيك المستوطنة" في الوعي العام من تاريخ بيانات الرسميات العربية، فما كان جديدا في "الوزاري العربي" يستحق تفاعلا عاما، يجب أن تتحول عناصره إلى خطة عمل وطنية فلسطينية، بالتنسيق مع الأحزاب والمنظمات العربية، كما كان يوما في زمن عربي مختلف.
بيان وزاري عربي أكد بوضوح مطلق، ان عناصر الفعل حاضرة ويمكنها أن تكون سلاحا اقوى بكثير من أسلحة التدمير، لمحاصرة دولة فاشية تستخف بكل المكون العربي، قبل الفلسطيني..وطريقا لفرض موقف سياسي جديد.