د. صبري صيدم
الكوفية:يثير المتطرف الصهيوني بتسلئيل سموتريتش حفيظة العالم الحر في كل مرة يفتح فمه ليطلق تصريحاته العنصرية الموغلة في الحقد والضغينة ضد الفلسطينيين، حتى إن أحداً لم يسمع لسموترتيش أي تصريح آدمي يذكر. الفضول قادني نحو تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي للبحث في شخصية وزير التطرف الصهيوني الأول فكانت القراءة التالية:
لا يمكن الحديث عن المشهد السياسي الإسرائيلي، دون تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه الوزراء الإسرائيليون في تشكيله، خاصة عندما تبرز شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي وأحد أبرز وجوه اليمين المتطرف. سموتريتش، الذي بات معروفاً بتصريحاته المثيرة للجدل، لا يُخفي توجهاته العنصرية التي تفتح الباب أمام نقاش عميق حول طبيعة العنصرية في النظام الإسرائيلي، وكيف تعكس هذه التصريحات عمق الأزمة الأخلاقية والسياسية. ومنذ صعود سموتريتش إلى الحلبة السياسية، أصبح اسمه مرادفاً لتصريحات تثير الجدل بشكل متكرر.
أبرز هذه التصريحات تلك التي أدلى بها في مارس 2023 خلال جولة في فرنسا، حينما دعا إلى «محو» قرية حوارة الفلسطينية. وصف سموتريتش لاحقاً تصريحه بأنه كان «سوء اختيار للكلمات»، لكنه لم يتراجع بشكل كامل عن المعنى الضمني الذي يحمله تصريحه: إن الفلسطينيين يمثلون تهديداً وجودياً يجب التعامل معه بيد من حديد.
سموتريتش، المعروف بتأييده لسياسات الضم وتوسيع المستوطنات، يعتبر أن الأرض التاريخية لليهود تشمل كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويرى أن للفلسطينيين وجوداً مؤقتاً أو هامشياً على هذه الأرض. وفي تصريح آخر، أشار إلى أنه لا يؤمن بوجود الشعب الفلسطيني، معتبراً أن «الفلسطينيين ليسوا شعباً حقيقياً، وإنما مجرد اختراع».
وفي تصريحات أخرى في يونيو 2023، كرر دعواته لفرض السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية. وذكر أن الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة يجب أن يخضعوا لحكم إسرائيل دون أن يتمتعوا بحقوق سياسية متساوية. هذه التصريحات جاءت في سياق دعمه المستمر لتوسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ورفضه لأي حل قائم على دولتين.
وفي سبتمبر 2023، أعلن دعمه لفرض إجراءات عقابية شديدة ضد السلطة الفلسطينية، بما في ذلك تقليص التحويلات المالية وفرض قيود اقتصادية عليها. وقد برر هذه التصريحات بأنها ردة فعل على ما سماه «تحريض السلطة الفلسطينية على العنف»، معتبراً إجراءاته المقترحة تستهدف بشكل أساسي تقويض الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للفلسطينيين.
وتهدف هذه السياسة إلى الضغط على الفلسطينيين لقبول الواقع الاستيطاني في الضفة الغربية وتوسيع سيطرة إسرائيل عليها. وفي مطلع عام 2024، أكد في مؤتمر سياسي دعمه المطلق لزيادة وتيرة بناء المستوطنات في الضفة الغربية، قائلاً، «إن التوسع الاستيطاني جزء من الهوية اليهودية». واعتبر أن الاستيطان ليس مجرد خيار سياسي، بل واجب ديني وتاريخي يجب استكماله، مما يزيد من تعقيد أي محاولات للتفاوض حول مستقبل الأراضي الفلسطينية. وفي مقابلته مع وسائل إعلام إسرائيلية في مارس 2024، قال «إن المطالبات بمنح المواطنين العرب في إسرائيل حقوقاً متساوية «غير واقعية» وتتنافى مع الطابع اليهودي للدولة». وأضاف أن إسرائيل هي «دولة قومية لليهود» وأن العرب يجب أن يقبلوا بذلك كشرط لبقائهم في إسرائيل.
هذا التصريح يعزز موقفه الداعم لتطبيق نظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) داخل إسرائيل نفسها. وفي يونيو 2024، دعا الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى وقف الدعم المالي والدبلوماسي للسلطة الفلسطينية. واعتبر أن أي دعم للفلسطينيين يعزز من «التحريض ضد إسرائيل» ويقوض الأمن الإسرائيلي. هذه الدعوة تعكس رغبته في عزل الفلسطينيين دولياً وتجفيف أي موارد يمكن أن تعزز من صمودهم أمام سياسات الاحتلال.
لا يمكن لتصريحات سموتريتش أن تكون مجرد زلات لسان أو مواقف فردية؛ فهي جزء من أيديولوجيا متكاملة تعكس تطور الفكر الصهيوني المتطرف الذي يرفض أي تسوية مع الفلسطينيين.
هذا الفكر الذي لا يرى في الفلسطينيين شركاء محتملين في السلام، بل ينظر إليهم على أنهم أعداء يجب قمعهم أو إزالتهم. وتستند تصريحاته إلى رواية تاريخية مشوهة تسعى إلى نزع الشرعية عن الوجود الفلسطيني، سواء كان ذلك من خلال التشكيك في حقوقهم السياسية أو عبر الدعوات إلى محو وجودهم الفعلي. هذه التصريحات تتجاوز مجرد الخطاب اللفظي، إلى كونها جزءاً من سياسات إسرائيلية موجهة نحو تطهير عرقي بطيء، يتمثل في توسيع المستوطنات، وهدم المنازل، وفرض القيود على الحياة اليومية للفلسطينيين.
وتعتبر تصريحاته جزءاً من خطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يزداد نفوذاً في الحكومة والمجتمع الإسرائيلي. هكذا خطاب إنما يُغذّي ويُعمّق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي بين من يدعمون التعايش مع الفلسطينيين ومن يرون أن العنف هو الحل الأمثل. من ناحية أخرى، يمكن القول إن تصريحات سموتريتش تنعكس سلباً على صورة إسرائيل على الساحة الدولية، حيث تُظهر أن دولة الاحتلال تتبنى سياسات عنصرية تجاه شعب محتل. هذه السياسات تثير استياء العديد من الدول التي لا تزال تسعى لدفع عجلة السلام في الشرق الأوسط، وتُعزز من عزلة إسرائيل دولياً.
ولا يمكن لتصريحات من هذا النوع أن تمر دون أن تثير ردود فعل غاضبة على المستوى الدولي. فالمنظمات الحقوقية الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية، أدانت تصريحات سموتريتش واعتبرتها دعوة إلى العنف والكراهية. حتى داخل إسرائيل، كما أثارت تصريحات الوزير استياء بعض الأصوات المعتدلة التي ترى أن مثل هذا الخطاب يزيد من تعقيد الوضع ويبعد أي أمل في التوصل إلى حل سلمي للصراع. ويكمن الخطر الحقيقي في تصريحات سموتريتش في أنها ليست مجرد كلام، بل يمكن أن تكون مقدمة لسياسات وإجراءات على أرض الواقع.
إن التحريض ضد الفلسطينيين والدعوات إلى استخدام القوة ضدهم يُمكن أن يؤدي إلى تزايد العنف والمواجهات، كما يُغذّي حالة الكراهية المتبادلة بين الشعبين. وعلى المدى الطويل، فإن مثل هذه التصريحات إنما يهدد بتفجير الأوضاع في الأراضي المحتلة وإعادة الصراع إلى مراحل أكثر عنفاً. وفي ظل غياب أي نية للحوار أو التفاهم، فقد يجد الفلسطينيون أنفسهم مجبرين على مواجهة واقع أشد قسوة يتزايد فيه القمع والتضييق على حقوقهم.
وتشكل تصريحات سموتريتش تحدياً إضافياً للفلسطينيين الذين يواجهون بالفعل ظروفاً قاسية تحت الاحتلال. فهي لا تنحصر في إطار خطاب الكراهية، بل تعزز من سياسات التمييز الممنهج التي تمارسها إسرائيل ضدهم، بدءاً من القيود على حرية الحركة وصولاً إلى سياسات الهدم والاستيطان.
هذا الخطاب الذي يروج له سموتريتش يهدف في النهاية إلى ترسيخ فكرة أن الفلسطينيين هم عنصر دخيل وغير مرغوب فيه، ما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في الأراضي المحتلة، وعلاوة على ذلك، فإن التحريض العلني ضد الفلسطينيين يخلق مناخاً عاماً يُشجع على تنفيذ جرائم الكراهية ضدهم، سواء من قبل الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين.
ولم تكن تصريحات سموتريتش مجرد موقف فردي، بل هي جزء من نهج أوسع يتبناه عدد من السياسيين الإسرائيليين المتطرفين، لذلك، يتطلب التصدي لهذا الخطاب العنصري موقفاً دولياً حازماً، إذ يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً أكبر في الضغط على إسرائيل، سواء من خلال المنظمات الدولية أو عبر تفعيل أدوات قانونية مثل محكمة الجنايات الدولية.
في الختام، لا يمكن فصل تصريحات سموتريتش العنصرية عن السياق الأوسع للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. فهي تعكس التوجهات الخطيرة التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تدفع باتجاه المزيد من التصعيد والعنف. وعلى الرغم من أن هذه التصريحات قد تجد تأييداً في بعض الأوساط الإسرائيلية، فإنها في النهاية تُعمق الجرح القائم وتُبعد أي أمل في تحقيق سلام عادل ومستدام.
بهذه الكلمات وصّف الذكاء الاصطناعي شخصية سموتريتش، فهل تحتاج البشرية لما هو أكثر لفهم طبيعة الشخصيات التي تؤصل الكراهية والحقد في عالمنا؟ أم يستفيق العالم قبل فوات الآوان؟ ننتظر ونرى!