- مراسلتنا: شهيدان و4 جرحى في غارتين على بلدة طاريا بقضاء بعلبك شرقي لبنان
كنت في الحسينية بلد الزعيم الوطني الراحل مشهور حديثة الجازي، ضابط الجيش العربي، المسنود بقرار سياسي من قبل الراحل الملك حسين، للتصدي لقوات الاحتلال التي قطعت نهر الأردن، بهدف تصفية المقاومة الفلسطينية الوليدة الناشئة المتواضعة في بلدة الكرامة يوم 21 / 3/ 1968.
معركة الكرامة التي شكل بطلها وقادها الجيش العربي الاردني، تحولت فائدتها ونتيجتها لصالح المقاومة الفلسطينية الوليدة، حيث شكلت التحول الجماهيري من حالة عدم الاهتمام وقلة التنوع و المعرفة والحضور ، والتحول نحو الاهتمام والانحياز للمقاومة الفلسطينية والانخراط في صفوفها ، خاصة بعد جنازة شهداء المقاومة الفلسطينية، ومسيرة جثامينها الحاشدة التي انطلقت من المسجد الحسيني وسط العاصمة عمان، إلى مقبرة الشهداء في الوحدات، وكذلك الاحتفال التأبيني الذي دعت له النقابات المهينة والقوى السياسية الأردنية في سینما زهران، وصنع الملك حسين مفاجأة بحضوره بدون دعوة مسبقة، وبدون حراسة، فألقى خطابه الاحتفالي في حفل التأبين وأطلق شعاره بقوله : "أنا الفدائي الأول".
كنت في الحسينية، في محافظة معان جنوب الأردن، لتقديم واجبات التهنأة لأهل الشهيد ماهر الجازي، الذين كانوا على قدر وقيمة الحدث الذي صنعه ابنهم الشهيد ماهر الجازي الحويطات، حيث ذكر شقيق ماهر أن شقيقه "لم يكن الشهيد الأول من عائلتنا"، بل سبقه عمه الذي استشهد في معركة الكرامة عام 1968.
بالصدفة توافقت في خيمة الوفاء والعزاء والكرامة مع وفد حركة فتح الفلسطينية، الذي حمل رسالة من القائد الوطني عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مفوض العلاقات العربية فيها، حيث وجدت القبول والاستحسان من العائلة، لأنها من طرف فلسطيني له الاعتبار والمكانة ، كما اتصلت السيدة سهى عرفات بوالد الشهيد مهنأة بما فعل من مبادرة وشجاعة ونكران ذات يوم الاحد 8 / 9 / 2024 ،الذي "رفع رأسنا"، كما قالت لوالد الشهيد عبر الاتصال التلفوني.
ما حظي به ماهر الجازي من قبل الأردنيين من تقدير غير مسبوق بهذا الاهتمام لسببين جوهريين:
أولهما أنه شاب أردني وليد الجيش العربي الأردني، حيث سبق له الخدمة والتدريب ونال شجاعة الجندي وإصراره، وبدوي منحدر من أسرة واعية ناضجة، تمثل حقا وعي الأردنيين وكرامتهم، وانحيازهم للشعب الفلسطيني الشقيق، في مواجهة العدو الوطني والقومي والديني والإنساني.
وثانيهما تمت العملية على خلفية الجرائم والمجازر والآثام التي قارفتها المستعمرة، ولا تزال، بحق أهالي غزة وشعبها ورداً عليها، استهداف المدنيين، قصف البيوت وتدميرها فوق رؤوس أهاليها وساكنيها، بانتقام وحقد جعلت عامي أيالون مدير مخابرات إسرائيلي سابق ليقول: "لقد فقدنا انسانيتنا، لقد فقدنا تعاطف العالم معنا، وفقدنا تأييده لنا، وبات العالم واضحاً ضدنا، وضد ما نفعله بحق الفلسطينيين في قطاع غزة".
وهكذا سجل ماهر الجازي علو ورفعة وكرامة الأردنيين، ورفضهم للظلم الواقع على الشعب العربي الفلسطيني، ومشاركتهم التضحية من أجل أمن الأردن واستقراره في مواجهة مخططات المستعمرة، ومن أجل استقلال فلسطين وحرية شعبها.