الكوفية:كتبت- ميرفت عبدالقادر: سنوات قضاها الأسرى بين أقبية السجون، وعذابات الزنزانة، ليتلقوا أشد أنواع الظلم والقهر من السجان، قضوا أعمارهم على مذبح الحرية، وبعد الإفراج عنهم ورأوا النور، فوجئوا بقطع رواتبهم بلا أي مبرر، ضمن مسلسل قطع الرواتب الذي انتهجته السلطة الفلسطينية منذ سنوات في الضفة وغزة.
خيمة الصمود تفضح تخاذل السلطة
أقام الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم، خيمة في ساحة الشهيد ياسر عرفات برام الله، للمطالبة بحقوقهم، أسموها خيمة الصمود والعز، لتفضح تخاذل السلطة وكل المسئولين بحق أكثر من 35 أسيرًا محررًا من الضفة الغربية.
قطع الراتب بعد 20 عامًا في سجون الاحتلال
عبر الأسير المحرر سفيان جمجوم، المقطوع راتبه من قبل السلطة الفلسطينية، للعام 13، عن غضبه وشعوره بالظلم ، في تصريح خاص لـ" الكوفية"، قائلاً، "قضيت في سجون الاحتلال 20 عام، وبعد عام من خروجي تم قطع راتبي من قبل السلطة بتهمة "معاداة الشرعية".
القانون الفلسطيني كفل حق المحررين
ويوضح جمجوم، أنه تم توظيفه بناء على القانون الفلسطيني ، كأسير محرر قضى أكثر من 15 عام في سجون الاحتلال، " لافتًا إلى أنه يطالب بحقه، هو والأسرى المقطوعة راتبهم عبر احتجاج سلمي لاستعادة حقوقهم".
ويتابع جمجوم، "حاولنا التواصل مع الجهات المعنية لم نجد آذان صاغية، وتوجهنا للقضاء، وكانت هناك عدة جلسات، ولم نحصل على نتيجة"، مضيفًا، "كان لنا عدة تحركات واعتصامات عبر الشارع، وحصلنا على موافقة رسمية، لاستعادة حقوقنا أنا ومجموعة من الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم منذ 13 عام".
وعود لم تنفذ
وأشار جمجوم، إلى تلقيهم وعود كثيرة، من قيادات في السلطة، لحل مشكلتهم، والذين طالبوهم بفض اعتصامهم، بعد 42 يومًا من بدئه، مضيفًا، "حينما طالبناهم بتنفيذ وعودهم، أبلغونا أن القرار بيد عباس وماجد فرج، وأنهما الآن مشغولان، وعلى سلم الطائرة ذاهبان إلى قطر".
السلطة تقمع حراك المقطوعة رواتبهم
وأفاد جمجوم، أن أجهزة أمن السلطة، قامت بمهاجمة الخيمة بطريقة همجية، وأفرغوا إطارات السيارات، وقاموا باعتقاله، ومعاملته بطريقة عنيفة.
وأكد جمجوم، على أن "الأسرى المقطوعة رواتبهم أعلنوا الاضراب عن الطعام والماء".
لا تلقوا بنا في الشارع
وشدد جمجموم، على ضرورة النظر في قضية الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم، مطالبًا السلطة الفلسطينية، بإعطاء الأسرى المقطوعة رواتبهم، حقوقهم قائلًا، "نحن ناضلنا معًا داخل سجون الاحتلال، ويجب معاملتنا باحترام، وإعطاءنا حقوقنا التي كفلها القانون الفلسطيني".
يختتم جمجوم حديثه بحزن قائلًا "الأسرى المحررين ممنوعين من العمل في الوظائف وكذلك الشركات التي تحتاج إلى مراجعات أمنية، "فلا تلقوا بنا إلى الشارع".
استجابة لإملاءات إسرائيلية وأمريكية
من جانبه، استنكر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطني (حشد)، الدكتور صلاح عبد العاطي، في تصريحات لـ"الكوفية" قيام السلطة بقطع راتب قرابة 277 أسيرًا محررًا في قطاع غزة، ومحررون آخرون في الضفة الغربية، معتبرًا ذلك، استجابة للاشتراطات الإسرائيلية والأمريكية الجديدة، الداعية إلى وقف تمويل ودفع وراتب الأسرى والمحررين، دون اكتراث أو احترام لأحكام القانون وحقوق الإنسان.
وأوضح عبد العاطي، عدم دستورية هذا القرار ومخالفته الصريحة لأحكام القانون الأساسي، مشيرًا إلى أن "رعاية الشهداء والأسرى والجرحى والمتضررين واجب بموجب القانون وأحكامه، وفقاً للمادة (22/2)".
وأعتبر عبدالعاطي، قطع رواتب الاسرى المحررين، انتهاك لقانون الأسرى والمحررين رقم 19 لسنة 2004 وتعديلاته، الذي أكد على حق الأسرى المحررين في تقاضي راتب".
قرار غير أخلاقي
ورأى عبدالعاطي، أن " القرار غير قانوني وغير أخلاقي، ويندرج في إطار السياسة الحكومية التي تستهدف ملاحقة الموظفين والأسرى في لقمة العيش والحياة الكريمة".
وحذرعبدالعاطي، من خطورة أية إجراءات جديدة تستهدف التضحية بحقوق الانسان من أمثلة قطع رواتب الموظفين والأسرى والأسرى المحررين، وأسر الشهداء، مقابل الرهان على أوهام العودة للمفاوضات والقبول بتسوية لا تستجيب للحقوق الوطنية وتشكل بوابة لإدانة نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني.
إعادة صرف رواتب المحررين
وطالب عبد العاطي، الرئيس عباس والحكومة الفلسطينية، بالتراجع الفوري عن القرار، والعمل على إعادة صرف الرواتب كاملة للأسرى المحررين وذلك إعمالاً لسيادة القانون وتحقيقاً للعدالة.
وأدان عبد العاطي، الاعتداء على المعتصمين سلميًا، في ساحة الشهيد ياسر عرفات برام الله، مطالبًا الإفراج الفوري عن الأسرى المحررين الذين تم اعتقالهم، وفتح تحقيق جدي في جريمة فض الاعتصام.
التصعيد قادم
وحذر عبدالعاطي، مما ستئول إليه الأحدث في ظل تعنت وإصرار السلطة على قمع الحراك للأسرى المحررين في الضفة، قائلاً "الأمور تتجه إلى التصعيد، وخاصة إن الأسرى قرروا تصعيد إضرابهم، ولبسوا اليوم الأكفان، مهددين بالامتناع عن تناول الماء والطعام"، منوهًا إلى أن "الأمر يتطلب ضغوطًا شعبية واسناد لنضال الأسرى، للضغط على الرئيس والسلطة من أجل وقف سياسة قطع الرواتب للأسرى والأسرى المحررين وخصم الرواتب والعقوبات الجماعية على قطاع غزة".
الابتعاد عن المناكفات السياسية
وأكد مدير الإعلام في جمعية الأسرى والمحررين "حسام"، أسامة الوحيدي، في تصريح لـ"الكوفية" أنه "لا يجوز زج قضية الأسرى كما قضايا الشهداء والجرحى في خضم الخلافات والمناكفات السياسية".
حق أصيل للمحررين
وأضاف، أن "رواتب المحررين هي حق أصيل لمن ضحوا وناضلوا من أجل حرية واستقلال شعبهم، حكمها قانون الاسرى والمحررين الذي أقره المجلس التشريعي الفلسطيني عام ١٩٩٦ والذي نص علي ضمان حياة كريمة للأسرى والمحررين وعوائلهم بغض النظر عن انتمائاتهم التنظيمية وأفكارهم السياسية".
وطالب الوحيدي، السلطة بالتراجع فورا عن هذا الإجراء الذي يتنافى مع مبدأ حرية الرأي والانتماء الفكري والتنظيمي، محذرًا من الاستمرار بهذا النهج، الذي من شأنه مفاقمة الأزمات الداخلية وإشاعة الكراهية والتمييز بين أبناء الوطن الواحد".
ستبقى قضية الأسرى، حديث الساعة، قضية حية وحاضرة، ولن يستطيع أحد أن ينال من صمودهم، وتاريخهم النضالي يحتم على أصحاب القرار أخذها بعين الاعتبارومنحهم حقوقهم، وعدم محاربتهم في قوتهم، والوقوف عند مسئولياتهم تجاه الأسرى بشكل عام، وقضية الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم خاصة، كي لا نكون أداة ينفذ بها الاحتلال طموحاته، ضاربين بالقانون الفلسطيني عرض الحائط، لإرضاء المحتل، على حساب من ضحوا بحريتهم لسنوات طويلة في السجون من أجل الوطن.