سيناريوهات عديدة وتساؤلات بات يعيشها الواقع السياسي الفلسطيني بعد اعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 26/9/2019، أنه سيدعو فور عودته إلى انتخابات عامة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة ، وتأتي هده الدعوة للانتخابات في ظل استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني، وفشل إجراء الانتخابات المحلية سابقاً، وتغول السلطة التنفيذية على كل من السلطة التشريعية والقضائية، وبعد سلسلة من العقوبات مارسها الرئيس ضد قطاع غزة , و لا يملك أحد إلى الآن تحليلاً وافياً حول دوافع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس في التوجه لإجراء انتخابات تشريعية في الضفّة الغربية وقطاع غزّة والقدس المحتلة بعد سنوات من المماطلة والتسويف. فهل جاءت كمناورة سياسية لإحراج حركة حماس، وكرسالة دعائية لتطمين المجتمع الدولي , الذى يضغط بقوة على السلطة لاجراء هده الانتخابات باسرع وقت ممكن مهدداً بقطع المساعدات المالية عنها في حال عدم الاستجابة لهدا المطلب , و حسب العديد من الخبراء فلا توجد شرعية كاملة لأحد اليوم على الساحة الفلسطينية، وفي ظل هذا الانقسام السياسي والجغرافي والمؤسساتي، تُطرح الانتخابات كخيار وحيد للخروج من مأزق الانقسام وإعادة الوحدة لمؤسسات السلطة الفلسطينية.
والانتخابات هنا قد تكون مدخلا مهما ً لحل قضية الانقسام ومانتج عنه , وربما تعمل على اعادة تدوير الازمة او ادارة الانقسام بالتوافق , فلا أحد يضمن نتائجها أو توابعها , قد يكون الكل الفلسطيني لحاجة لهده الانتخابات لتجديد الشرعيات وايجاد حلولا ما لعده ازمات متراكمة نتيجة الانقسام والعقوبات والحصار والتدخلات العربية والدولية في القرار الفلسطيني , ولكن ماهي السيناريوهات الممكنة او المتوقعه لهده الانتخابات ؟؟
يكاد يجمع الخبراء والمحللون على عده سيناريوهات متوقعة لهده الانتخابات في حال اجراؤها أو صدور المرسوم الرئاسى الخاص بها وتتلخص في :
السيناريو الأول: أصدار المرسوم :
يقوم هدا السيناريو على افتراضية تقول ان الدعوة للانتخابات واصدار المرسوم الرئاسي الخاص بها هما مجرد مناورة فقط لكسب الوقت او للظهور امام القوى الضاغطة والراى العام المحلى والعالمي بمظهر الحريص على تجديد الشرعيات وتحقيق الديمقراطية , ثم التنصل من اجراؤها بعد الغوص في تفاصيل ومناكفات تؤدى لتعقيد المشهد كله . وهده المناورة يحاول فيها كل طرف إلقاء مسؤولية عدم انعقادها على الطرف الآخر.
السيناريو التاني: إجراء الانتخابات :
وهنا يتم التوافق على اجراء انتخابات تشريعية متوافق عليها بين طرفي الانقسام . سواء بقائمة مشتركة تضم مرشحي حركتي فتح وحماس ومن يوافق على المشاركة فيها , او من خلال اجراؤها في الضفة وحدها وايجاد طريقة او حلولا لتصويت اهالي القطاع والقدس , إذ إن التوافق الوطني على التمثيل النسبي الكامل يُمكّن من حل هذه العقدة.
السيناريو الثالث: عدم إجراء الانتخابات
إن سيناريو عدم إجراء الانتخابات وارد جدًا، ولكن يمكن أن نشهد في نطاقه إصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد إجرائها، ومن ثم التذرع بعدم القدرة على تطبيقه جراء رفض إسرائيل و"حماس". وما يعزز هذا الاحتمال ما جاء في خطاب الرئيس من تحسب مسبق من عدم التمكن من إجراء الانتخابات بقوله "إن من يعرقل إجراء الانتخابات سيتحمل المسؤولية أمام الله والمجتمع الدولي والتاريخ".
فماهو المطلوب ...؟
نحن الان كشعب فلسطيني في أمس الحاجة للوحدة الوطنية وتوحيد المرجعيات والخروج من ازماتنا المتعاقبة , لذا لابد من عقد مؤتمر او اكثر يضم الكل الفلسطيني ويهدف لوضع الاليات والحلول لكل ازمة او ملف ويعمل جاهداً على تحقيق الانتخابات في كل المؤسسات الفلسطينية بالضفة الغربية وغزة .
لقد أهدر الفلسطينيون وقتاً ثميناً وطويلاً في حوارات لا طائل منها تحت عنوان إنهاء الانقسام، وأهدروا وقتاً ثميناً كذلك في الجدل حول الانتخابات، المطلوب قراراً وطنيا توافقياً يطوى صفحة التشتت والانقسام , ويبقى الأمل معقودًا على قدرة الفصائل والقوى الفلسطينية في التوصل إلى حالة من التوافق وأولوية إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات والاتفاق على أسس الشراكة السياسية الناظمة للحياة الديمقراطية والتعددية وقواعد معالجة الخلافات، باعتبارها المدخل الوحيد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتحترم نتائجها. والا فإن رفض الانتخابات تأصيل لظاهرة الإنقسام وتحولها لحالة من الإنفصال السياسي المؤكد تساوقاً مع صفقة القرن التي تهدف لفصل قطاع غزة عن الجسم الشرعي الفلسطيني واقامة دويلة لحماس فيها .
مهم تنفيذ الانتخابات كاستحقاق شرعي وديمقراطي ومخرج للازمة ضمن رزمة قرارات تؤدى لاصلاح النظام السياسي الفلسطيني باكمله لمواجهه المؤامرات التي تعصف بالقضية الفلسطينية .