من هم الذين في مقدورهم أن يرسموا صورة الحركة الرائدة، سوى الشباب الطامحين الى مجتمع التكافل والعدالة والوعي بمدركات القضية، والإصرار على استمرار شعبنا في سعيه الى التحرر الوطني؟
ومن هم الذين يمتلكون من الجرأة، ما يؤهلهم لإسقاط كل ما هو معيق وشائن وتقسيمي ومناطقي في ممارسات الزمن الرديىء، سوى الشباب الذين ذاقوا الأمريْن، من التهميش وانسداد الأفق والنكران؟
ومن هم الذين يعشقون الوئام الإجتماعي ويطمحون الى استعادة فتح ألقها، والتهيؤ لإنطلاقة متجددة، سوى الحريصين على الإحتفاء بذكرى الإنطلاقة الأولى، ويدركون مدى الخسارة في الإنقسام الوطني والإنقسام الفتحاوي؟!
ايها الشباب، الى ساحة الجندي المجهول، لإعلاء الصوت وإطلاق الصرخة المدوية، باسم الشعب الذي أعطى لحركتكم كل مقومات ريادتها، وكل قدرتها على استيعاب الأحرار، ليس من فلسطين وحدها، وإنما من الشعوب الشقيقة والصديقة، دون تمييز ودون انتقاض من جهود الأحرار.
ايها الأوفياء، ليس احتشادكم ضد أحد سوى هذا الإحتلال الجاثم على أرضنا. فما يستحقه منا هذا الإحتلال، هو التأكيد في كل مرة، على موقف الأجيال الفلسطينية منه ومن جرائمه ومن المظالم التي أوقعها في شعبنا الصابر المناضل.
ايها الشباب والشيوخ، ويا أيتها المرأة الفلسطينية الشامخة والفتاة الطاهرة الطامحة الى مستقبل واعد؛ توجهوا الى ساحة الجندي المجهول في غزة، حيثما المَعْلَمْ المكاني، الذي يذكرنا بالشهداء والآباء الذين رحلوا حاملين الى دار الأبدية، آمالهم وأحزانهم وتجارب كفاحهم.
أيها الفلسطينيون، إن إحياء ذكرى انطلاقة حركتكم المباركة، هو برهان الوفاء للأبطال الأطهار الذين صنعوا مأثرة شعبنا الصغير المشرد عن أرضه، وأحدثوا ثورة وكتبوا تاريخ مآثرها بدمائهم.
صرختكم اليوم، هي بيان الحياة، النقيض لبيان الموت، وبيان الإصرار المعاكس لبيان اليأس، وبيان استعادة البُعد الإجتماعي للسياسة، على نهج ياسر عرفات، نقيض القطع بين السياسة وبُعدها الإجتماعي في الزمن الرديىء!
ايها الفلسطينيون، إن فتح تراهن على ذاكرتكم وعلى وعيكم وعلى قناعتكم، بأن فتح شبيهة الناس وقيثارة دواخلهم، والحضن الدافيء لأبناء شعبها، وهي الصيغة الحتمية التي لا تفرق بين الفلسطيني وأخيه الفلسطيني، ولا تضع الفواصل بين الناس على أساس مناطقهم وقناعاتهم وعائلاتهم ومستويات حياتهم.
ايها الأحرار في غزة، إن احتشادكم اليوم هو وقفة العز الرمزية التي تبث رسالة الأجيال، الى كل من يراهنون على موت القضية وعلى تفعيل الصفقات الخاسرة، والألتفاف حول الحقوق المشروعة لشعبا!
ايها الأحرار في ساحة الجندي المهجول في غزة: إن لوقفة الوفاء صداها. فهي التي تؤكد على استحالة تجاوزكم وهضم حقوقكم واللعب بمصائركم. إنها الرسالة البليغة للاجئين من شعبنا قديماً وحديثاً، وفيها أن الشتات محطات مرور، أما الوطن، فهو الفطرة والملاذ الأخير.
الفلسطينيون في كل مكان، يتطلعون الى حشدكم بكل الإعتزاز، فيجددون روح الإنتماء للثورة، ويستذكرون الشهداء والأسرى والناس الصابرين الصامدين، وهم يواجهون كل أساليب استهدافهم في حياتهم وحركتهم وأرزاقهم وآمالهم.
أيها الشباب والشيوخ والماجدات والأطفال: الى ساحة الجندي، لوضع إمضائكم على رسالة شعب، ربما لا يستطيع الكثير من أجزائه، في الوطن والشتات، الإحتشاد مثلما استطعتم في غزة العزة.
ايتها الحشود الوفية الشجاعة، طوبى لكِ وأنت تقدمين للعالم، الصورة الحقيقية للإنسان الفلسطيني في ذكرى الإنطلاقة.