لاشك أن الإعلام لعب الدور الأساسي في المشهد العربي الراهن، سواء أكان فضائيات أم وسائط تواصل اجتماعي، متجاوزا الكثير من المعيقات المادية منها والمعنوية, وقد أطلقــت فــي السنوات الأخيــرة علــى الانتفاضــات الجماهيريــة والثــورات الشــعبية، التــي اجتاحــت شــمال إفريقيــا ومنطقــة الشــرق الأوســط ومــا زالــت متواصلــة، تســميات عديــدة منهــا: (ثــورة الفيــس بــوك، الربيــع العربــي، ثــورة الياســمين، ثــورة الفراعنــة، الثــورة الخضــراء، وثــورة الكرامــة،) وغيرهــا، وبالرغــم مــن أحقيــة هــذه التســميات وتــوق الشــعوب إلــى الإنعتــاق والحريــة، فــإن شــبكات التواصــل الإجتماعــي لعبــت دوراً رياديــﺎً فــي هــذه التحــركات الشــعبية, فماذا عن فلسطين ؟.
إن تنظيم الاحتجاجات بواسطة الرسائل النصية والـ «فيس بوك» و «التويتر»، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي يأتي خطوة من المشاركين من أجل إحداث التغيير الاجتماعي من خلال نشاطات قليلة التكلفة؛ حيث يعكف مستخدِم وسائل الإعلام الاجتماعي على استخدامها وسيلة لتنسيق الفعل؛ ونتيجة لذلك عرَّضت كل تلك الاحتجاجات المشاركين فيها لخطر التهديد بالعنف، وفي بعض الحالات لاستخدامه الفعلي ضدهم, ولا تخلو هذه السيطرة من التدخل الأمني للسيطرة على المواقع والصحف بالاضافة للاعتقالات المتتالية التي طالت الصحفيين والتحقيق معهم مثلما حدث في احتجاجات غزة والضفة الغربية في اكثر من مرة, من جهة أخري قد تسعى بعض الدوائر الاقتصادية المقربة من سلطة الحكم إلى الضغط على صحف أو مواقع بعينها, لضمان هيمنة السياسي على الإعلامي كما هو في الحالة لفلسطينية على جانبي الوطن، بهدف إبقاء الوضع على ما هو عليه وعدم السماح لعقل المواطن بالتفكير بجرأة، وقد ساهمت الوسائل الالكترونية في تأجيج الشارع الفلسطيني في اكثر من حراك في قطاع غزة والضفة الغربية.
وكان أبطالهــا أنــاس عاديــون مــن جيــل الشــباب، المحروميــن مــن أبســط الحقــوق المدنيــة فــي الحريــة والعمــل وإبــداء الــرأي والتجمهــر والتظاهــر، هــذا الجيــل مــن الشــباب أختــار أن يقــف بوجــه النخبة الحاكمة ويطالبهــم بحقوقــه المشــروعة، فتحــول هــؤلاء الشــباب فــي لحظــة مــن الزمــن إلــى صحفييــن ومراســلين وكتــاب, بالطبــع اســتخدموا هــذه الشــبكات كوســيلة تفاعليــة بينهــم، ونشر وتبادل الاخبار والمعلومات والتواصل الحظى بينهم، وتحديــد مواعيــد وأماكــن الحشــود الجماهيريــة التــي ينــوون الانطــلاق منهــا، إلــى أماكــن ذات تأثيــر رمــزي علــى جميــع المواطنيــن كالســاحات والمياديــن العامــة، كمــا أوصلــوا أنبــاء تلــك التحــركات الجماهيريــة إلــى كافــة أنحــاء العالــم، عبــر شــبكات التواصــل الإجتماعيــة والهواتــف النقالــة والفضائيــات التليفزيونيــة، ربما لم تحقق هده المحاولات أهدافها لكنها شكلت ناقوس خطر لهؤلاء الحكام هنا وهناك, ولو حاولنا تسليط الضوء على بعض النماذج لهده الحراكات الشبيابية نستطيع القول ان حراكا شعبيا شهدته الضفة العربية ضد ما يتردد إعلاميا باسم"صفقة القرن" الأمريكية التي قالوا إنها تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية, وحراك أخر حراك فيما سمي بهبّة باب الأسباط التي شهدت مشاركة شعبية واسعة من أهالي القدس دفعت الاحتلال للتراجع عن إجراءاته المتعلقة بالبوابات الإلكترونية وكاميرات المراقبة على بوابات المسجد الأقصى، والحراك الرافض لقرار ترامب حول القدس، والذي اتسم بقصر الأمد ولم يحقق أهدافه، بينما يمكن الاشارة الى الحراك الشعبي الذي خرج في قطاع غزة لمطالبتها بوقف الضرائب وتوفير فرص العمل, بالاضافة إلى الحراك الأخير المتمثل بمسيرات العودة حكالة نضالية مواجهة للاحتلال والحصار, واكاد اجزم إن أحدا لم يكلف نفسه بدراسة التجربة الفلسطينية دراسة نقدية ويستخلص ما فيها من عبر بجدية وجرأة ويعممها من أجل تثقيف الجماهير الفلسطينية بها, فما نحتاجه في هذه الظروف الموضوعية لعملية انفجار شامل وانتفاضة فلسطينية شاملة، ما نحتاجه أن يكون العامل الذاتي غير موحد ومنقسم، هذه التضحيات والدماء التي تسيل على أرض فلسطين، تقول للجميع كفى انقساما وتوحدوا ورصوا الصفوف لمواجهة شاملة مع العدو وإعادة الاعتبار للمقاومة، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير باعتبارها الإطار الجامع للكل الفلسطيني ورسم استراتيجية عمل وطنية جوهرها المقاومة بكل اشكالها, ونحن نثق ان الشباب الفلسطيني الان لدية القدرة على انجاز ثورة او انتفاضة تحرك المياة الراكدة, نعم لقد آن الأوان للشّعب الفلسطينيّ, أن يتمرد على مخططات تقسيمه وفقا للجغرافيا السياسيّة، دون أن ينفي ذلك خصوصيّة البرامج النضاليّة التي تُحتمها ظروف الفلسطينيّن على اختلاف مواقعهم، وآن للشّباب الفلسطيني أن يستعيد وحدته النضاليّة الميدانيّة وان يتقدم لاستلام الراية نحو التحرير والاستقلال.