المنافع المتبادلة بين نتنياهو و ترامب في تمرير صفقة القرن تعكس ان القضية شخصية بينهما بعد عزف كوشنير وجرنبيلات عن اعادة تمريرها وسقوط ورشة البحرين سقوط مدوي في براثن الفشل للادارة الامريكية والتي كان الهدف الاساسي منها رفع علم اسرائيل في كافة العواصم العربية والاسلامية وهذا لم يحدث الا بشكل نسبي مع رفضي شعبي مقيت وعدم قبول بالمطلق لانتشار فيروس كورونا الصهيوني في الجسد العربي .
شخصنة الصفقة بين نتنياهو وترامب تشير بوضوح الى قضبان الزنزانة التي تنتظر كل منهما في حالة انتهاء مشروعهم السياسي وعدم الفوز في الانتخابات كون الاول تطارده اتهامات بالفساد في قضايا عديدة والاخر شبهة تجسس وتآمر مع الدب الروسي لذلك اصرار هؤلاء المتهمين لايفوقها حدود ولا يتخللها اي استكانة او ملل او ضجر من الطرح، اما ماذا سيحقق كل منهما فهذا رهينة سحر يمارس علي شعوبهم حيث دب الروح في نتن ياهو بعد فوزه في الانتخابات الداخلية لحزب الليكود عبر مسرحية صواريخ عبثية من اطراف تخدم اجندته في داخل المحور وهروبه المتكرر امام شاشة التلفاز الي الملاجيء مع رد يكاد يكون محدود وبدون آثار تذكر .
حاجة نتنياهو لصفقة القرن بعدما فشل في تشكيل الحكومة بعد انتخابات برلمانية اسرائيلية ستجري للمرة الثالثة في غضون اقل من عام كلفت الخزانة الاسرائيلية اكثر من مليار دولار، ودليله في ذلك اشعاعات الصفقة في ضم الاغوار وكذلك مستوطنات الضفة الغربية الي دولة اسرائيل وهذه اسباب كافية كما روج لها بعض اقطاب السياسة في قيادة المقاطعة بانه سيظهر بطل قومي يقول للناخب الاسرائيلي انا دليلك الى النجاح والتقدم مع اشعار اخر بسحب سلاح حماس بغزة .
على ذات الربابة يعزف ترامب ويغازل أصوات الكتلة التصويتية لليهود في امريكا ليؤمن له نجاح في سباق الرئاسة القادم بعدما تجري الان في البرلمان الامريكي طرح الثقة منه محاولة لعزله .
كل هذه الاطروحة تتم مع الاسف بدعم بعض العوصم العربية التي امنت له مفهوم انه الرهبان الاكبر للقرصنة في المنطقة وصاحب الاستثمار الاكبر في سرقة الاموال والثروات والنفط علي حسب زعمه مقايضة بالامن.
الذي لا يملكه في الخليج العربي بعد الضربات الايرانية والتي وان كانت مفرغة من محتواها التفجيري فانها ضربت الهيبة الامريكية حيث جعلت من الوجود الامريكي زيفا يمكن مسحه وسحقه باقل من عشرون صاروخ بليستي .
هنا عجزت أمريكا في عهد ترامب علي قيادة العالم وبانها شرطي المنطقة الذي ينظم المرور ذهابا وايابا الي الخارطة الدولية حيث فشل بعد خروجه وتحريضه على الأونروا من استعاده الانروا دورها وسد العجز، وكذلك نجاح الادعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية في توجيه الاتهام الي جرائم الحرب في ضد قيادة الجيش الاسرائيلي، استمرار عمل اليوينسكو بعد شن هجوم امريكي عليها من قبل ادارته ونجحت في الاستمرار.
وأيضا قرار الجمعية العامة في 2012 باعطاء فلسطين دولة مراقب غير عضو اضافة في عدم تجريم المقاومة وافشال مشروع امريكي بهذا الشأن، إلى جانب فشل ورشة البحرينم عدم تحقيقها اهدافها لا المعلنة ولا المخفية، وعدم السيطرة علي الغول الاقتصادي الصيني الذي ينهش جدار الميزان التجاري الامريكي ويحقق طفرات تكاد تكون الضعف في الناتج الاجمالي العالمي ومستويات الدخل، وعدم اقناع الكثير من الدول في نقل سفاراتهم من تل ابيب الى القدس باستثناء بعض الدول التي اعطت موافقة ولم تنقل فعليا علي ارض الواقع وكانها تاخذ الرئيس الامريكي ترامب علي قد عقله .
لقد فشلت صفقة القرن في مواجهة كل الدول التي عزمت امريكا علي اعادة خريطتها في المنطقة في الصين وفي ايران وفي سوريا وفي العراق وفي لبنان وفي مصر، وها هي الان تواجه اخر مرحلة لها في الانعاش الذاتي بعد مؤتمر اعلان الصفقة التي تحضر له الادارة الامريكية وفي حضور المطارد من قضايا الفساد نتنياهو .
لم ينجح استعراض ترامب لجسم ايفانكا في مغازلة قضايا وجودية الا عند ارباب الشهوة ممن يجهزون انفسهم لحضور المؤتمر غدا، هذا البيع العلني لللحم الرخيص حتما سيخرجه من سباق الرئاسة هو وحليفه نتنياهو ولن تدوم احلامهم كثيرا وستنقلب الى كوابيس مفزعة فالدور الذي خططته المؤسسة الامريكية في استجلاب رئيس مخبول ليحقق طفرات اقتصادية وسياسية وعسكرية في العالم يبدو انه يقف علي عتبة فشله الان والا ما الحراك في الكونجرس الامريكي الا صورة واضحة لرفض المؤسسة الامريكية لاستمرار هذا اللطخ في دور الرئيس لفترة رئاسية قادمة.
الحق الفلسطيني الذي فرضته المؤسسة الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة سواء بالقرار 181 والمعروف بقرار التقسيم او بقراري مجلس الامن الدولي 242 .. 383 في حل القضية الفلسطينة ارتكزت علي مرتكزات وخطوط دولية في الحل مع قبول المجتمع الدولي للصيغة التي اتت بها الجمعية العامة في سنة 1948 والصيغة التي فرضها مجلس الامن الدولي في سنة 1967 مع ولوج اطراف الصراع في مفاوضات استمرت اكثر من 24 عاما عجزت فيه وبصلف اسرائلي عن الوصول الي اي حل في قضايا الوضع النهائي مع غياب الوسيط الامريكي غير النزيه والذي الان يفرض نفسه كطرف في معادلة جديدة تستهدف ضياع ملامح حل الدولتين الي مجرد كانتونات #منزوعة الجغرافيا والتاريخ والحدود والمعرفة بصفقة القرن.
فحتي القوة التي تراهن عليها اسرائيل في فرض قواعد اللعبة الجديدة وتحييد غزة من أي حالة اشتباك لفرض معادلة جديدة في الردع تبينت في القصف الاخير بطائرات ال F16 في مواجهة بعض بلالين الاطفال باتجاه مستوطنات غلاف غزة، لتؤكد مسالة واحدة وحيدة ان القادم سيكون تفجير غزة تفجيرا لا احد يستطيع تصور اثاره اذا ما اقدمت علي اي تصعيد لرفض صفقة القرن .
ولكن ما غاب عن الذي يخططون عن بعد باننا كشعب فلسطيني نملك القنبلة النووية البشرية وهي ذات الجماهير التي اسقطت البوابات الالكترونية بالقدس المحتلة وتقسيمها زمانيا ومكانيا بفعل الاسطورة الذاتية للشعب المقاوم والحارس الوحيد لطموحاته و آماله و تطلعاته نحو غد فلسطين بدون احتلال ودولة فلسطينية مستقلة علي كامل ترابه وعاصمتها القدس الشريف.