ثمة سياسيان حليفان يرتبط مصيرهما السياسي بفيروس كورونا، فإما أن يكون الفيروس سبباً في إنهاء حياتهما السياسية، أو يكون اللقاح المضاد سبباً في إنعاش أمليهما في الفوز انتخابياً، في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
السياسيان هما الرئيس دونالد ترامب، ورئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو. فقد أشارت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة إلى تفوق المرشح جو بايدن، على الرئيس ترامب، بعشر نقاط، في وقت استفحلت فيه جائحة الكورونا في موجتها الثانية في الولايات المتحدة، التي حصدت أرواح اكثر من 140 ألف أمريكي، وأصابت ثلاثة ملايين وربع المليون حتى الآن، وهي أرقام في تصاعد يومي جعلت ترامب يعترف بأنه لم يكن موفقاً في تقدير خطر الفيروس، وتحول سوء إدارته للأزمة الصحية إلى كابوس جعله يرتدي الكمامة التي استخف بها طويلاً منذ البدء، ثم حث الأمريكيين على ارتدائها.
ويأمل الرئيس الأمريكي الذي تعرضت حملته إلى تراجع كبير، في أن يكون انحسار الفيروس أو إيجاد لقاح له، هو الرافعة التي ستجعله يستعيد شعبيته بعد فشله في جذب حضور كبير في تجمعاته الانتخابية الفاشلة. كما أن الولايات التي كانت سبباً في نجاحه تراجعت شعبيته فيها لمصلحة المرشح بايدن. فالرئيس الأمريكي يبدو بلا حول، ولا قوة، أمام هجمات خصومه، خاصة بعد صدور كتاب ابنة أخيه، ماري ترامب، التي اتهمته بأحقر الأوصاف، والنرجسية، والكذب، وأنه أخطر رجل في التاريخ، بعد أسابيع من كتاب مستشاره السابق للأمن القومي، جون بولتون، بينما يستعد محاميه السابق مايكل كوهين لإصدار كتاب آخر عن ترامب. وقد أفرج قاض أمريكي عن كوهين بعد اعتقاله وإجباره على توقيع تعهد بعدم كشف أسرار عن ترامب في كتابه، وقال القاضي الذي أمر بالإفراج عن المحامي إنّ الحكومة كانت تنتقم منه بإعادته إلى السجن هذا الشهر.
وكان كوهين يقضي عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات لإدانته بتهم، منها مخالفات تتعلق بتمويل حملة ترامب. وأُطلق سراحه في مايو/ أيار، بسبب مخاوف تتعلق بمرض كورونا.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أُعيد اعتقاله، حيث قالت السلطات إنه انتهك شروط الإفراج عنه، وهو ما فنده القضاء وأطلق سراحه.
أمام هذا الوضع الداخلي المتردي، والاحتجاجات ضد سياسته العنصرية، وتدعيم حملة منافسه التي حققت لأول مرة تفوقاً في جمع التبرعات، يبدو الأفق مضطرباً أمام ترامب، وهو يراهن حالياً على أمرين: الأول، إيجاد لقاح لفيروس كورونا ينجي الاقتصاد الأمريكي من الإغلاق، وهي الورقة التي يراهن عليها بقوة، والتصعيد في مواجهة الصين بعد ارتفاع منسوب التوتر بينهما، وتبادل إغلاق القنصليات.
في المقابل، يجتهد نتنياهو للإفلات من كماشة المحكمة المقرر أن تعقد جلساتها بمعدل ثلاث جلسات، أسبوعياً، في مطلع العام المقبل لمحاكمته بتهم الفساد، وهو يعلم أنه سيُدان في النهاية ما لم يقلب الوضع السياسي راساً على عقب، ويهيمن على الحكومة المقبلة، وينسف القضاء. فبعد أن تجاوزت شعبيته الفوز بأربعين مقعداً، قبل أسابيع، تراجعت شعبية الليكود إلى ثلاثين، فيما ارتفعت شعبية منافسه المتطرف اليميني نفتالي بينيت الذي سيخطف أصوات اليمين من نتنياهو، ويكسب 12 مقعداً، فيما لو جرت الانتخابات حالياً.
ويرفع بينيت شعار الضم، ورفض صفقة القرن للرئيس ترامب، ولهذا فإن نتنياهو بات يفكر جدياً، في اتخاذ خطوة ضم رمزية تنجيه من منافسيه المتطرفين، وتعيد التوازن إلى معسكره، وهو يعمل حالياً على تهدئة شريكه الجنرال جانتس الذي يطالب بإقرار ميزانية لمدة سنتين، فيما يطالب نتنياهو بسنة، كأنه يخطط لمنع نائبه وشريكه من التناوب على رئاسة الحكومة، وأكثر ما يخشاه نتنياهو أن يعمد خصومه إلى استصدار قرار من المحكمة العليا يحظر على من يخضع للمحاكمة أن يتولى رئاسة الوزراء، وهو مهدد بفقدان منصبه.
لذا، فإنه ورغم إرساله مليون عامل إلى البطالة بسبب الفيروس، إلا انه يفكر في فك الشراكة الحكومية، والذهاب إلى انتخابات مبكرة هي الرابعة حتى لا يكون عرضة للإقصاء لاحقاً، لأن الوقت لا يعمل لمصلحته. ونتنياهو هنا، مثل ترامب، يبحث عن لقاح للفيروس لأنه يقوّي مناعته الانتخابية، ويمنع سقوطه. لكن من غير المستبعد أن يلجأ نتنياهو إلى محاولة تحقيق إنجاز عسكري يخدمه، ويخدم ترامب، معاً، فيفتح جبهة ضد إيران. فهل يكون اللقاح هو الحل، أم الحرب؟
الخليج