في الوقت الذي تفوز فيه النائب العربية المسلمة إلهان عمر في الانتخابات التمهيدية عن الحزب الديمقراطي الأميركي، وتهزم خصمها الممول من طرفي المعادلة: 1- من اللوبي الصهيوني الذي تقوده الإيباك، 2- ومن الجناح المسيحي الإنجيلي المؤيد لفكرة وسياسات المستعمرة الإسرائيلية، لكون إلهام من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي وتتبنى أولاً رؤى ومواقف وتتعامل بإيجابية مع قضايا الفقراء والأقلية من القوميات الأفريقية والآسيوية والعربية والملونة، وثانياً دعم القضية الفلسطينية وحق تقرير المصير وترفض السياسات الأميركية المعادية لتطلعات الشعوب في الحرية والاستقلال.
في هذا الوقت بالذات، الذي تنجح فيه إلهان عمر وتسجل خطوة تجديد لعضويتها لمجلس النواب الأميركي، يختار مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جون بايدن لانتخابات الرئاسة في شهر تشرين الثاني المقبل، يختار السيناتور كاميلا هاريس عضو مجلس الشيوخ الأميركي لتكون مرشحته لموقع نائب الرئيس في الانتخابات في مواجهة الرئيس ترامب.
كاميلا هاريس امرأة سوداء وهذا أحد دوافع اختيارها من قبل بايدن، نظراً للحالة الأميركية المتصادمة والمظاهرات التي اجتاحت الولايات المتحدة على خلفية مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد يوم 25 مايو 2020 في ولاية مينيسوتا، فخيار بايدن من هذه الناحية واضح أنه يريد أن يكون متصادماً مع منافسه الرئيس ترامب المتهم بالعنصرية ضد السود، فاختار امرأة سوداء لمواجهته، ومعروفة بتأييدها التقليدي للمستعمرة الإسرائيلية، وقريبة الصلة من مجموعة الأيباك التي تقود النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة لصالح المستعمرة الإسرائيلية.
في الحالتين: 1- نجاح إلهان عمر من الحزب الديمقراطي المؤيدة للشعب الفلسطيني والمعادية للمستعمرة الإسرائيلية التي رفضت إعطاءها تأشيرة زيارة لفلسطين، 2- اختيار بايدن لكاميلا هاريس، يعكس حالة التعارضات التي تجتاح الولايات المتحدة، وحالة التشابك الحيوي ليس بين طرفين نديين، بل من قبل طرف ناشئ ناهض يعلن مواقف لا تتفق مع السياسات التقليدية التي ما زالت تتمسك بها مؤسسات صنع القرار الأميركي، بتأثير اللوبي الصهيوني، مع اللوبي المسيحي الإنجيلي المتصهين.
ومهما كان من ضعف الاتجاهات والعناصر الديمقراطية حقاً والمعادية للاستعمار وللصهيونية وللمستعمرة، ولكنها البدايات الأولية النشطة التي ملكت شجاعة الخروج على المألوف التقليدي الأميركي، وتبرز أهميتها أنها تحقق النجاحات والحضور كما هي إلهان عمر، وزميلتها عضو مجلس النواب الأميركي رشيدة طليب الفلسطينية.
الحضور الفلسطيني والعربي، داخل الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الأوروبية لا يعود فقط لزيادة الوعي والفهم لدى هذه الشعوب نحو قضايا العالم الثالث بل يعود لسببين: أولهما التطرف الإسرائيلي الذي يتعارض مع قيم حقوق الإنسان وضد قرارات الأمم المتحدة، كما ظهر في قضية ضم ثلث أراضي الضفة الفلسطينية لخارطة المستعمرة الإسرائيلية، وثانيهما لعدالة الحقوق والمطالب والتطلعات الفلسطينية وتوقف أعمال العنف الفلسطيني التي لا تتفق مع معايير الشرعية الدولية وحقوق الإنسان والتي تستهدف المدنيين الإسرائيليين كالعمليات التي استهدفت الحافلات والمقاهي وغيرها.
النضال الفلسطيني، كالانتفاضة الشعبية عام 1987، التي انفجرت في وجه الاحتلال، وحققت انجازات ملموسة على الطريق المؤدي لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، هي التي يجب أن تتواصل وتتعمق وتعمل على وحدة إرادة الفلسطينيين ونضالهم ومؤسستهم وأفعالهم، وهو المدماك الأول على طريق هزيمة العدو الأكيدة، وهي التي تفرض توسيع شبكة الأصدقاء على الصعيد العالمي.
عن الدستور الأردنية