في خطوة ملفتة، أصدر ممثلو "الرباعية الدولية" بيانا ما بعد قرار السلطة الفلسطينية إعادة علاقتها مع دولة الكيان، باعتبارها خطوة هامة نحو حراك جديد، وقدموا مقترحا يمكن اعتباره الأول، بالدعوة لتشكيل إطار يجمع "الرباعية الدولية" ودول عربية لرعاية مفاوضات فلسطينية إسرائيلية نحو حل الصراع وتحقيق سلام شامل وتسوية دائمة.
المقترح بذاته، لا يجب أن يمر مرورا عابرا، أو تكتفي السلطة الفلسطينية ببيان صحفي قد لا يكون أثار أي انتباه، في ظل "الخصومة الداخلية" التي فرضت ذاتها على الخبر الفلسطيني العام، وتطورات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبعض مشاهد إقليمية لم تترك للموقف الإعلامي الترحيبي أي قدرة على التفاعل معه.
المقترح الدولي، خطوة هامة قد تكون أقرب الى الطلب الفلسطيني لعقد "مؤتمر دولي" ليكون إطار المفاوضات القادمة، ولذا يتوجب على الرئيس محمود عباس وفريقه "المجهول" العمل بقوة على بلورة الاقتراح، وتطويره كي يصبح "مشروعا متكاملا"، وفتح نقاش جوهري مع أطراف عربية، تشمل الأمانة العامة للجامعة العربية ومصر والأردن ودول عربية للتوافق على رؤية مشتقة من مبادرة السلام العربية، مع تطور حركة التطبيع كي يصبح قوة دفع وليس قوة عرقلة سياسية للحق الفلسطيني.
بقاء "الرسمية الفلسطينية" في شرنقة تبرير قرارها العودة للاتصالات، ومحاولتها التنقيب عما يفيدها فتلك محاولة "يائسة" لن ترضي الشعب كونه يدرك الحقيقة الكامنة وراء قرارها، ولا الفصائل المصابة بـ "الدهشة"، وبعضها سعيد بحالته المندهشة، وسيبقى كذلك كونه عاجز عن تقديم كيفية مواجهة الخطوة غير بيانات "الندب واللطم"، وملحقاتها لن وسوف وسترون... فلذا باتت "الدهشة هي الرد والحل"!
على الرئيس عباس، ان ينطلق الى الأمام، بعيدا عن صواب أو خطيئة القرار، فما حدث لا راد له، وما هو مطلوب كيف يمكن أن بلورة "رؤية شاملة" تمهيدا للرئاسة الأمريكية القادمة، والبداية يجب أن تكون عربية، فبدونها لن يحصد الرئيس سوى الفشل الذي حصده خلال فترة ترامب، عندما اعتقد أن "الصداقة المفاجئة"، ستكون "درع وسيف" له فأصبحت عليه وعلى القضية الوطنية.
تقييم ما سبق مسألة واجبة، وتحديد ملامح المشروع الوطني، ضمن التطورات كافة، عربية وإقليمية ودولية ضرورة لا بد منها، لو حقا يراد الحفاظ على "بقايا المشروع الوطني"، وفتح ورشة تصويب المسارات الفلسطينية العربية، فدونها لا مجال للتقدم خطوة عملية نحو تحقيق بعض مشروع الشعب الوطني.
مقترح "الرباعية الدولية" يكسر كل المخاوف التي أنتجتها خطوة الرئيس عباس والسلطة نحو إسرائيل، بل يمكن هي فتحت بابا سياسيا أوسع بأن أعادت التفكير بوضع حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على طاولة البحث، خارج الخطة الأمريكية، وضمن رعاية مشتركة، هي الأولى موضوعيا، وتختلف عن "مؤتمر مدريد" 1990/ 1991، حيث كانت أمريكا المصمم والراعي وصاحبة القرار، الذي فرض التمثيل الفلسطيني ضمن شروط أقرب الى الفهم الصهيوني.
المقترح الجديد، الذي لم يتبلور بعد، يتطلب من الطرف الفلسطيني إعادة صياغته بالتنسيق مع مصر والأردن والأمانة العامة لجامعة الدول ودول عربية مؤثرة، خاصة بعد "التطور المفاجئ" في موقف العربية السعودية، من فهم التطبيع "والشرط المحدد"، ما سيترك أثره على المحيط، في ظل البحث عن "مصالحات إقليمية".
بلورة الرؤية الفلسطينية ضمن آلية محددة، والبدء بالحراك الموسع نحو "العمق العربي، والتواصل مع "الرباعية الدولية" سينقل النقاش الوطني من "الهرطقة السياسية" الى "التفكير السياسي"، كبوابة جديدة نحو حصار المشروع التهويدي، الذي يتم تنفيذه بشكل علني ويومي دون أي عرقلة غير كلامية.
الوقت نموذجي لانطلاقة سياسية فلسطينية تعيد بعضا من حراك كاد يفقد كل طاقته، رغم ضجيج الحديث عن "المصالحة" بين مفاهيم هي بالأساس تحتاج الى "مصالحة" قبل فصائلها، وسيعمل ذلك على تغيير مسار محاولات "إنهاء الانقسام"، ولكن بظروف مختلفة، وشروط مختلفة، ستفرض ذاتها على طرفي الأزمة بقوة تفوق كل كلام يقال في "وقت الفراغ".
ملاحظة: الصديق د. أحمد يوسف كتب مقالا "نقديا" لمقالي عن خالد مشعل...دون إطالة للرد عما كتب، ليته يقرأ ما نشره هو في مقاله بلسان مشعل، سيكتشف أنه أكد المؤكد مما كتبت...للعلم لست باحثا أبدا عن رضا فصيل طعن الشعب والقضية والخالد مرات ومرات!
تنويه خاص: عندما يخرج رئيس دولة ما بعد سنوات طويلة من حكمه ويعلن أنه لن يسمح باستمرار "الفساد السياسي" بعد اليوم...بالكم مين هو الفاسد العملي بيكون...بس ما تروح أفكاركم لبعيد ..ماشي!
"أمد"