غزة – عمرو طبش: كعادتها كل مساء في الليالي الممطرة، وعقب تساقط زخات المطر، تهرع عائلة نصير إلى وضع الأوعية البلاستيكية في جميع أنحاء المنزل، لتلقي حبات المطر التي تسقط على منزلهم المكسو بألواح الزينقو المهترئة، التي لا تقييهم برد الشتاء وقسوة الأمطار، ولا حر الصيف.
أسرة المواطن الجريح مروان نصير "45 عاماً"، تعيش كغيرها من العائلات في فقر شديد، نظراً لأن عائلها لا يستطيع العمل وتفير قوت يومه بسبب إصابته في انتفاضة الحجارة التي تسبب بمنعه عن العمل.
صدمة وإصابة
عندما تدخل إلى بيتهم تصدم من هول المفاجأة، ومن حجم المشاهد الصعبة، التي تعبر عن مدى مأساة هذه العائلة الفقيرة، فالأسرة لا تمتلك أدنى متطلبات الحياة.
تروي زوجة الجريح مروان نصير تفاصيل معاناة أسرتها لـ"الكوفية"، مؤكدة أن زوجها كان يعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، ولكنه لم يعد قادراً على العمل، ولم يستطيع توفير الاحتياجات الأساسية للمنزل، بسبب إصابته بطلق ناري في الفخد الأيمن من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى "انتفاضة الحجارة"، عام 1987.
وضع اقتصادي صعب
وأوضحت أن زوجها لا يستطيع المشي على قدمه في فصل الشتاء، نظراً لعدم قدرته على توفير المسكنات الخاصة لقدمه حتى يهدأ الألم، بسبب وضعه الاقتصادي الصعب، مشيراً الى أنه في حال زوجها يجد عملاً خفيفاً يعمل به كي يساعد أسرته، يتم اذلاله في العمل من خلال اعطائه أجرة قليلة مقابل عدد ساعات عمل أكثر.
معاناة
وبينت السيدة أن ابنها الأكبر ترك المدرسة في الثانوية العامة، لكي يعيل أسرته بدلاً عن والده المصاب الذي لم يستطع العمل وسط ظروف اقتصاديى ومعيشية صعبة تعيشها الأسرة، ولكنه لم يجد عملاً أبداً منذ توقفه عن المدرسة وحتى الآن.
شيك الشؤون
وأضافت "عايشة على شيك الشؤون الاجتماعية كل أربعة شهور مرة بتقاضاه، هوا يلي ساتر بيتنا، ولكن لم أستطع توفير جميع الاحتياجات لأبنائي من خلاله، وغير هيك صاحب السوبر ماركت وقف علينا الدين علشان قبضة الشؤون تأخرت، وأنا هلا مش عارف ايش أسوي وكيف بدي أعيش".
وتابعت أن معاناتها لم تقتصر فقط على الوضع المادي، بل أيضاً وضع المنزل الصعب التي تقطن فيه، حيث أنهم في فصل الصيف يتعرضون لمنسوب الحر بشكل كبير، وفي فصل الشتاء يتعرضون لمنسوب البرد القارس، وتعاني من الرطوبة، وعدم دخول الشمس إلى منزلهم، بالإضافة الى أن أطفالها يصابون بعدة أمراض في الشتاء.
حسرة وألم
وقالت زوجة الجريح نصير بحرقة " أنا نفسي أجيب لأولادي متطلبات حياتهم، وما بدي فلان يحن عليا ويجيبلي بلوزة ويقلي لابسيها لابنك، أنا نفسي أشتريها من مالي الخاص، نفسي يكون عنا مصدر رزق كويس عشان أشتري لأولادي يلي نفسهم فيه، بنتي صبية نفسي ألبسها جلباب من فلوسي مش فلان يحن ويشفق عليا، مش كل هذا بيحرق دم أولادي".
وأكملت " أنا والله ما حابة أعيط قدام العالم، منا بعيط من قهر قلبي، وكمان مش قادرة أعبر عن يلي جواتي، أنا وحدة من الشعب مخنوقة، جوزي ما بيتشغل، ابني الكبير وقف كل مستقبله عشان يساعد أبوه في مصروف البيت، ولكن عالفاضي".
وأكدت أن الجميع يعرف معاناتها الصعبة التي تعيشها، ولكن لا أحد يسأل عن حالتها أبداً، مضيفةً أنه يتم إذلالهم من قبل المؤسسات عند استلامهم أي كابونة لمساعدتهم.
راتب جريح من أجل الأطفال
وأوضحت زوجة الجريح مروان أنهم طالبوا المسؤولين بأن زوجه يجب أن يتقاضى راتب جريح، خاصةً أنه أصيب في انتفاضة الحجارة، ولكن كان الرد دائماً "أنتو من حقوا توخذوا لأنكو بتتقاضوا شؤون اجتماعية"، مبينةً أن زوجها يريد أن يتقاضى راتب جريح بدلاً عن الشؤون، نظراً لأن راتب الشؤون يتقاضوا كل أربعة شهور.
وطالبت المسؤولين وأصحاب القرار بالوقوف عند مسؤوليتهم تجاههم، والنظر بعين الرحمة ليس لهم، بل من أجل أطفاله ليعشوا حياة كريمة كباقي الأطفال، بالإضافة الى توفير مصدر رزق لزوجها وابنها حتى يستطيعا بمساعدة الأسرة.