تهتم مختلف التشريعات في مجال الوظيفة العمومية بتوفير الضمانات الكافية، لحماية حقوق الموظف سواء الحقوق المادية أو المعنوية، وذلك تأمينا لاستقرار أحواله، و اكتساب ثقته في الإدارة و طمأنته على مستقبله ومستقبل عائلته،
ولا شك أن أهم هذه الحقوق للموظف هي الحقوق المالية لاعتبار وظيفتها الاجتماعية والمهنية، التي تجعل الموظف مطمئن على مستقبله المعيشي، لذلك فإن المساس بهذه الحقوق، يعد انتقاص من وضعه القانوني ومركزه المالي، ينجم عتها كثيراً أثار مادية تشكل خطر على حياة الموظف وعائلته.
وهذا ما دأبت السلطة برام الله على ممارسته مع موظفيها في قطاع غزة، متجاوزة كامل هذه الحقوق، غير متقيدة بكل المقتضيات القانونية
فأقدمت على إحالة أكثر من 20 ألف موظف عسكري دون سن الـ 45، الى التقاعد المبكر، وأحالت كذلك ما يقارب 14 ألف موظف مدني معظمهم من وزارات السلطة المختلفة، واصبحوا جميعا لا يتقاضوا أكثر من 70% من أخر راتب استلموه، كما قامت السلطة بإحالة أكثر من 6 ألاف موظف مدني الى التقاعد المالي المستحدث فلسطينيا، وأصبحت تصرف رواتبهم ضمن نسب تتراوح ما بين (50 – 60%( ، معظمهم من قطاع الصحة، رغم أن هؤلاء الموظفين ما زالوا على رأس أعمالهم، ويقوموا بكامل واجباتهم، لكن هذا لم يشفع لهم.
بعد هذه العمليات الكبيرة والطويلة من البتر، التي طالت بنود مختلفة من رواتب الموظفين، وما نجى منها وصل الى حساباتهم في البنوك التي تعاقبت عليها بالخصم، دون أي مراعاة لحرمات هذا الراتب، أو احترام لما يتمتع به من حقوق، فجزء من الراتب يخصم تحت بند عمولة حساب جاري مدين، وهي عمولة تحتسب شهريا ولا تساهم بسداد أي جزء من رأس المال، وهو أخطر انواع التسهيلات، وجزء يعادل تقريباً نصف الراتب المحول، يسدد أقساط القرض الشهرية والمستحقة، وما تبقى يتم حجزه بدل كفالة قروض موظفين أخرين متعثرين السداد.
فلم يجد الموظف أمام نفسه سوى التوسل لموظف البنك ليمن عليه بفتات، لا تكفي ضمأ فرد واحد، هذا المشهد وتلك الحكاية تتكرر شهرياُ
فمن يراقب .. ومن يحاسب .. ومن يوقف حقداً أسود
سلطة النقد في غزة بلا إدارة، مجردة حتى من الاستفسار، أوصالها مقطعة، دوائر متناثرة تتبع مراكزها في رام الله، والجميع تحت رحمة المسؤول هناااااك
البنوك في غزة فقدت دورها الاجتماعي، بل تخلت عن مسؤوليتها الاجتماعية، وما يقدم على شكل تسهيلات باليد اليمني، يقرصن أضعافه عنوة باليد اليسرى.
لنصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الخصومات، هي إجراءات تعسفية لا تتسق مع أي أصول مصرفية، أو أحكام مالية، أو قواعد قضائية، فالقضاء وهو اعلى سلطة، لا يتجرأ بنطق الحكم على اقتطاع أكثر من نصف الراتب، لتسديد التزامات مالية مترتبة على الموظف مهما بلغت، ومهما تعددت القضايا.