يمكن تلخيص ما نشر من مواد إعلامية، وتعبئة سياسية ما بين فصيلي الأزمة الانقسامية، فتح "م7" وحماس، بصفتهما الأكثر تحملا لما وصلت اليه الأزمة الكبرى، أنها حملة تبشر مسبقا بأن النجاح السياسي يحتاج الى معجزة.
فممارسات كل منهما لا يمنح المتابع – المتابعين، ان عناصر تجاوز الأزمة الوطنية متوفرة بين الطرفين الرئيسيين فيها، ولا يعني ذلك أن الفشل أيضا سيكون نتيجة لـ "لقاء القاهرة"، وتلك ليس بـ "فزورة سياسية"، بل توصيف لحقيقة باتت قائمة في ضوء التطورات الأخيرة.
عوامل عدم النجاح متوفرة بقوة، عبر أشكال الحكم والتحكم في كل من مناطق سيطرة فتح (م7) ببعض مناطق الضفة الغربية، وملامح حضور في بلدات مقدسية، بكل الممارسات التي لا تمنح لغيرها وأجهزتها قدرة على الفعل دون موافقتها، أي كان ذلك الغير، صديقا مقربا، او صديقا تحت الفحص، أو مشكوك بأمره، فيما تحاصر بكل ما يمكنها حركتي حماس والجهاد.
وفي قطاع غزة، تبدو اللوحة أكثر سوادا مما هي في الضفة، حيث تصادر حماس كل شيء تقريبا في قطاع غزة، فلا يوجد لها صديق في حكم أو حكومة، مقربا كان أو مشكوك بأمره، فهي هناك "الواحد القهار" من أول سلك لحاجز بيت حانون، الى سلك معبر فح، ومن سلك السياج الشرقي الى رمال شاطئ البحر، وتتصرف وكأن كل ما به وداخله، ملكية خاصة، أرضا ومصالح، ولو تمكنت لأصبح الناس أيضا.
لقاء القاهرة، الذي يبدأ يوم 8 فبراير 2021 ليومين، لن يصل الى وضع أجوبة لكل ما على طاولة البحث، لا سلطة ولا منظمة ولا طبيعة النظام القادم، او المراد أن يكون، بين سلطة غير كاملة الملامح، ام دولة لا تزال تنتظر اطلاق سراح "مرسوما" معتقلا في مكتب الرئيس محمود عباس منذ سبتمبر 2012، بعد أن وافق العالم عبر الأمم المتحدة، منح بعض الحق الفلسطيني بقبول دولة الشعب صفة عضو مراقب، مع ان الأصل أن تصبح عضوا كاملا.
ورغم أن قرار "المحكمة الجنائية الدولية" يوم 5 فبراير 2021، سجل ترسيخا للاعتراف بفلسطين دولة عضو في المحكمة، يعتبر نقلة سياسية نوعية، كان سيكون قاطرة دفع كبيرة للحق، لكن واقع انقسام المشهد لن ينقل الأمر الى الأمام كثيرا.
ملامح "الفشل" متوفرة جدا، ولكن هل يمكن أن يكون ذلك نتاج لهذا اللقاء، واعتباره كما كان سابقا، وليعد كل من طرفي الأزمة الى حيث كان، فذلك أيضا خطأ سياسي وكبير، فقواعد حوار "لقاء القاهرة" المستحدث، تختلف، وجوهريا، عما سبقه من لقاءات – حوارات، وبالتالي ستكون نتائجه مختلفة تماما.
لأول مرة تكون اللقاءات وهناك مرسوم انتخابي واضح يحدد طريق ما نحو "مرحلة" مختلفة عما سبقها، فالحديث عن أن الضفة وقطاع غزة والقدس هو دائرة انتخابية واحدة، يقطع الطريق على أي جهة منع إجراء الانتخابات، بما فيها القدس (رغم ما يحمله ذلك من هروب سياسي لصالح الموقف الإسرائيلي)، ولذا لا يمكن لحماس أن تصادر الحق الانتخابي، كونها باتت لدائرة واحدة وعبر آليات لا تلزم مقرا أو مكانا، وتلك ميزة تفوقت فيها فتح (م7) كثيرا على حماس.
والى جانب الدائرة الواحدة، هناك شكل جديد هو القائمة الانتخابية فقط، وهو ما يحرم حماس كثيرا من ميزة الفردية التي منحتها تفوقا غير مستحق أبدا عام 2006، ولذا فقيادة الحركة وكل كادرها يعلم يقينا أنها الخاسر الأكبر من القانون الجديد.
ولذا الفشل غير ممكن بالمعنى التقليدي، والنجاح غير ممكن بالمعنى التقليدي. فبعد الانتخابات (لو حدثت)، ستجد حماس واقعا أنها ليست الفائز ولن تستطيع الحكم بلا فتح، ومن الصعب التوصل الى تبادلية كما دولة الكيان، وهنا هل ستتخلى عن كل ما لها في قطاع غزة...السؤال الذي ينتظر وقد يطول، ولكن ذلك أيضا سيكون له عواقب وكثيرة جدا.
ولذا ما يمكن القيام به لتحصين مرحلة اللا نهاية، هو وضع قواعد محددة، تضمن ترجمة الانتخابات واقعا، مع تشكيل إطار "قيادي" خاص يكون بين "مرجعية سياسية مؤقتة" وجهة متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ومما تم الاتفاق على بحثه لاحقا.
فمن يعتقد أن 48 ساعة في القاهرة، ستنهي كل ما كان من "أزمات" عمرها عشرات السنين، وليس فقط مع الانقلاب الأسود يونيو 2007، فهو واهم تماما، بل ساذج تماما.
ملاحظة: الترحيب الفلسطيني الرسمي والحزبي بقرار المحكمة الجنائية الدولية يستحق فورا تشكيل "لجنة خاصة"، تضم قوى سياسية وهيئات شعبية لمتابعة ما سيكون...وهي فرصة لكسر الردح الحزبي.
تنويه خاص: من باب حسن "النوايا" ليش ما تفرج السلطة في رام الله وحكومة حماس عن المعتقلين لديهما...خطوة صغيرة بس ممكن تفرح ناس وتفرج عن كرب ناس...مفترضين أن بكم بعضا من حس تجاه الناس!